تصويت العسكريين في انتخابات الجزائر بين الحق وفرضيات التلاعب

تصويت العسكريين في انتخابات الجزائر بين الحق وفرضيات التلاعب

15 مارس 2017
تعديل القانون لصعوبة مراقبة التصويت داخل التكنات(بشير رمزي/الأناضول)
+ الخط -

مع الاستحقاق الانتخابي المرتقب في مايو/أيار المقبل في الجزائر، تعود معضلة تصويت عناصر الجيش في الانتخابات، وفرضيات التأثير عليهم من قبل السلطة، أو التزوير، بحسب مواقف المعارضة. ويوم أمس، دافع وزير الداخلية الجزائري، نور الدين بدوي، عن حق العسكريين والأمنيين في التصويت في الانتخابات، لكنه أكد التزام الحكومة بتصويتهم خارج الثكنات، بحسب القانون الانتخابي.

وقال بدوي، في اجتماع مع لجنة الشؤون القانونية والحريات في البرلمان، إنه "لا وجود لانتخابات في الثكنات ومقرات عمل الهيئات النظامية الأمنية والعسكرية"، مشددا على أن "الأفراد المنتمين إلى الأسلاك النظامية جزائريون ولهم الحق في التصويت والتعبير عن اختيارهم بكل ديمقراطية، على غرار باقي فئات الشعب الجزائري"، لكن تصويتهم يكون خارج الثكنات.

وقد حظر القانون الانتخابي، منذ 14 سنة، التصويت في الثكنات، وأنهى بذلك جدلا استمر عقدا حول تصويت العسكريين والأمنيين.

ففي عام 2003، نجح حزب إسلامي في إقرار تعديل على قانون الانتخابات، يقضي بمنع التصويت داخل الثكنات العسكرية والأمنية للأفراد المنتمين إلى الأسلاك النظامية، بمبرر أن التصويت داخل الثكنات لا يمكن مراقبته، ويصعب فيه التحرك بالنسبة لمراقبي الأحزاب السياسية.



وقد سبق تعديل قانون الانتخابات الرئاسية التي جرت في أبريل/نيسان 2004، حيث صوّت البرلمان الجزائري على تعديل في قانون الانتخابات يتضمن ثلاثة بنود جديدة تتعلق بإلغاء التصويت في المكاتب الخاصة التي كانت مخصصة لتصويت أفراد الجيش والشرطة والهيئات شبه العسكرية داخل الثكنات ومحافظات الشرطة ومختلف أماكن العمل الخاصة بأفراد الأسلاك النظامية، بعدما كانت أحزاب المعارضة قد احتجت بشدة على استمرار تصويت أفراد الأسلاك النظامية في الثكنات، وعجزها عن مراقبة عمليات تصويت هذه الهيئات، والذي كان يتم قبل الاقتراع العام بيومين، للسماح لأفراد الجيش والأمن بتأمين العملية الانتخابية.

قوى المعارضة كانت تعتقد حينها أن تصويت أكثر من 700 ألف من أفراد الجيش والأمن هي الكتلة التي تحدث بها السلطة التوازن الانتخابي، وتتحكم عبرها في رسم مخرجات ونتائج الانتخابات، وتوزيع الحصص والمقاعد في البرلمان، واستغلالها لتزوير نتائج الانتخابات لفائدة مرشح السلطة في الانتخابات الرئاسية، ولصالح أحزاب الموالاة في حالة الانتخابات البرلمانية. 

وتذكر تقارير أن القيادة العسكرية والأمنية كانت تقوم بتوجيه أفراد القوات النظامية للتصويت على مرشح أو حزب بعينه، وقد حاولت السلطة حينها منع تمرير التعديل على القانون، لكنها قبلت في الأخير بالأمر الواقع.

وبعد إقرار ذلك التعديل، بات أفراد الهيئات النظامية يصوّتون بأنفسهم في بلداتهم أو مقرات تسجيلهم في مكاتب التصويت كما كل الناخبين، أو توكيل أفراد عائلاتهم للتصويت مكانهم يوم الاقتراع العام.

ولم تنجح السلطة برغم محاولاتها تعديل القانون الانتخابي في إعادة التصويت لأفراد الجيش والأمن داخل الثكنات أو الأماكن المؤمنة، حتى بدافع منع استهدافهم من قبل المجموعات المتشددة في انتخابات البرلمانية لعامي 2007 و2012، والانتخابات الرئاسية لعامي 2012 و2014. 

وتعتبر السلطة في الجزائر أن قبولها بتصويت العسكريين والأمنيين خارج الثكنات هو تكريس لإبعاد الجيش عن السياسة، وإبعاد الممارسة السياسية، والانتخابات كشكل من أشكال هذه الممارسة، عن الجيش والثكنات، وتكريس مشهد ديمقراطي، لكن ذلك لم يكن كافيا بالنسبة للمعارضة لإنهاء شكوكها بشأن تلاعب السلطة بالاستحقاقات الانتخابية.