تونس: مخاوف من استمرار نمو الخلايا الإرهابية

تونس: مخاوف من استمرار نمو الخلايا الإرهابية

10 يوليو 2015
الطابع الأمني يطغى على خطة مواجهة الجماعات الإرهابية (Getty)
+ الخط -

تواصل الدولة التونسية حربها الدائرة ضد التنظيمات الإرهابية، ويبدو أن وتيرتها قد ازدادت بعد اعتداء سوسة، لكن الواضح أن العمليات الاستباقية التي تقوم بها القوات الأمنية والعسكرية باستمرار، خصوصاً بعد كل ضربة تتلقاها البلاد، لم تؤدِ حتى الآن إلى كسر شوكة هذه التنظيمات. فقد أظهرت التحقيقات، أن عدد الخلايا النائمة لا يزال كبيراً على الرغم من تواتر الاعتقالات في صفوفها، كما ظهر أن هذه الخلايا تواصل تطوير قدراتها لتوسيع أهدافها، إذ انتقلت من استهداف الأمنيين والعسكريين إلى السياح، ويبدو أنها تخطط لضرب الدبلوماسيين بعد إجهاض محاولة اغتيال السفير الأميركي في تونس.

وأظهرت آخر التطورات أن نحو 30 تونسياً اختفوا فجأة من مدينة رمادة الواقعة في الجنوب التونسي، وهناك من ساعدهم على الانتقال سراً إلى ليبيا، ولا يُستبعد أن تكون وجهتهم الالتحاق بمعسكرات تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، وذلك بحكم أن الكثير من هؤلاء الذين اختفوا وصفوا بكونهم من المتشددين دينياً. ولكن الأهم من ذلك أن ثلاثة منهم عسكريون، أحدهم طيار بالجيش التونسي.

وقال عمر القويري، وزير الإعلام في حكومة عبدالله الثني المنبثقة عن برلمان طبرق، إن "هناك سيناريو دموياً يُعد لدولة ليبيا"، مشيراً في حديث صحافي أخيراً إلى أن "معظم التفجيرات الانتحارية في ليبيا يُنفذها تونسيون، وآخرها ما حدث في مصراتة، كما أن هناك أربعة آلاف إرهابي تونسي في البلاد، وبعضهم أسرى في السجون الليبية".

وعلى الرغم من أن الأعداد التي ذكرها القويري قد تكون مبالغا فيها، إلا أن من المؤكد أن عدد المسلحين التونسيين داخل التنظيمات المتشددة في ليبيا ضخم مقارنة بباقي الجنسيات العربية. وكانت مصادر من داخل وزارة الداخلية التونسية، قد أكدت في وقت سابق، وجود خطة يتم بمقتضاها تجميع عدد كبير من التونسيين فوق الأراضي الليبية، ومن هناك تُشن حرب استنزاف ضد تونس إلى أن يتم السيطرة على جزء من الجنوب التونسي، وانطلاقاً من تلك القاعدة العسكرية والجغرافية يتم التوصل إلى إسقاط الدولة وتحويل تونس إلى إمارة تابعة لمركز الخلافة.

وفي مؤشر على ضخامة التحدي الذي تواجهه تونس، ذكرت مصادر وزارة الداخلية أن الذين تم إيقافهم منذ حادثة باردو الإرهابية نظراً للاشتباه في انتمائهم للتنظيمات الإرهابية، قد بلغ عددهم ألف شخص، وذلك خلال ثلاثة أشهر ونصف شهر فقط. وهو رقم كبير يضاف إلى آلاف المعتقلين الذين سبق أن تمت إحالتهم على القضاء.

اقرأ أيضاً: تونس تدخل مرحلة اختبار الطوارئ: تشديدات أمنية واعتقالات

ولكن تبقى المعضلة الأكبر التي لم تستطع السلطات في تونس أن تُقدّم مقترحات عملية لمعالجتها، تتمثّل في القابلية المتواصلة لدى جزء من الشباب التونسي للانجذاب إلى الجماعات الإرهابية، على الرغم من اتساع رقعة القتلى والمعتقلين في صفوف المحسوبين على هذه الظاهرة. وكلما ساد اعتقاد بأن هذه الجماعات قد ضعفت نتيجة الضربات التي تلقتها، تأتي الأحداث لتؤكد أنها لا تزال تملك القدرة على استقطاب المزيد ومواصلة إدارة حرب الاستنزاف ضد الدولة التونسية.

ومن المؤكد أن المعركة ليست أمنية فقط، هذا ما يقوله الجميع في تونس، لكن الطابع الأمني هو الطاغي إلى حد الآن، وأن الخطة الأمنية والعسكرية في حالة تضخم مستمرة من دون أن تتمكن من حسم المعركة بشكل نهائي. وتستمر التحديات التي تواجه البلاد، مع استمرار النزاع في الجارة ليبيا، كما أن الصف الوطني التونسي مستمر في انقسامه وعجزه عن تحديد اتفاق حول ضرورة تأسيس إجماع حقيقي وعملي حول كيفية إدارة هذه الحرب من دون التوقف عن مواصلة بناء الديمقراطية وضمان الحد الأدنى من الانتعاش الاقتصادي. فمخاوف الحقوقيين والديمقراطيين من احتمال عودة المنظومة القديمة مستمرة لكن من دون أن تكون لهم القدرة على تقديم بدائل مقنعة حول كيفية إنقاذ البيت الوطني.

اقرأ أيضاً: هجرة جماعية "جهادية" من رمادة التونسية