رئاسيات الجزائر: قوى السلطة تستنفر تمهيداً لترشح بوتفليقة

رئاسيات الجزائر: قوى السلطة تستنفر تمهيداً لترشح بوتفليقة

01 فبراير 2019
من المتوقع فوز بوتفليقة بولاية خامسة(رياض كرامدي/فرانس برس)
+ الخط -
يرجئ الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة، حتى الأسابيع القليلة المقبلة، الإعلان رسمياً عن ترشحه لولاية رئاسية خامسة خلال الانتخابات الرئاسية المقررة في 18 إبريل/نيسان المقبل، لكن ذلك لم يمنع جميع قوى السلطة، من الدخول في حالة استنفار سياسي وإعلامي للترويج لترشح بوتفليقة، بما في ذلك بدء الاستعدادات لجمع التواقيع الشعبية لصالح بوتفليقة والتحضير للحملة الانتخابية.
الإشارة الأحدث بشأن حسم بوتفليقة قراره بالترشح أتت، أمس الخميس، على لسان رئيس الحكومة الجزائرية، الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي، أحمد أويحيى، بقوله إن "ترشح الرئيس بوتفليقة في الاستحقاق الرئاسي المقبل هو الخيار الأنسب للبلاد والشعب الجزائري، وإذا كان المستقبل بالنسبة للبعض يكمن في التغيير فإنه بالنسبة لنا يكمن في الاستمرارية، وذلك ما يجعلنا ننتظر بأمل كبير إعلان الرئيس عن ترشحه". ولفت إلى أن بوتفليقة سيعلن ترشحه "إما عبر رسالة موجهة للجزائريين، أو تكليف شخصية بهذه المهمة". وفي السياق نفسه، قال المتحدث الرسمي باسم "التجمع"، صديق شهاب، إن "مسألة ترشح الرئيس بوتفليقة لولاية رئاسية جديدة حُسمت نهائياً، وأتوقع أن يعلن بوتفليقة ترشحه في غضون الأسبوع الأول من شهر فبراير/شباط" الحالي.

وجاءت تصريحات أويحيي وشهاب قبل يومين من الاجتماع المرتقب، غداً السبت، لأحزاب التحالف الرئاسي الأربعة وتنسيقية جمعيات مساندة الرئيس، للإعلان عن ترشيح بوتفليقة، والتنسيق في ما بينها لإدارة حملته الانتخابية. 
ويعقد اجتماع السبت بحضور المنسق العام لجبهة التحرير معاذ بوشارب، ورئيس التجمع الوطني الديمقراطي رئيس الحكومة أحمد أويحيي، ورئيس الحركة الشعبية الجزائرية عمارة يونس، ورئيس تجمع أمل الجزائر عمار غول.
وقال قيادي في حزب تجمع أمل الجزائر، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إنه "سيتم الإعلان عن تشكيل غرفة عمليات انتخابية مشتركة لتنسيق العمل، ووضع خطة، تحضيراً لتسيير وإدارة الحملة الانتخابية لصالح بوتفليقة، والتي ستنطلق في 23 مارس/آذار المقبل".

وعززت هذه المعلومات والتصريحات الأخيرة لقادة أحزاب التحالف الرئاسي، توجّه بوتفليقة للترشح لولاية خامسة، وأنهت شكوكا سابقة بإمكانية عزوفه عن ذلك. وقرّر الحزب الحاكم، جبهة التحرير الوطني، تنظيم تجمّع استعراضي شعبي وطلابي، تشارك فيه المنظمات الشبابية والطلابية والمدنية الموالية للحزب وبوتفليقة، في 9 فبراير/شباط الحالي، للإعلان رسمياً عن ترشيح الرئيس.

وقال بوشارب، في اجتماع لنواب الحزب في البرلمان، يوم الأربعاء الماضي، إن "مرشح الحزب معروف لدى الجميع وهو بوتفليقة، وليس لدينا مرشح آخر غيره"، مشيراً إلى أن "الحزب لن يكتفي بتواقيع نواب البرلمان والمنتخبين، بل يكفي 600 توقيع منها لترشيح بوتفليقة، لكنه سيبدأ عملية جمع التواقيع من الشعب"، في محاولة استعراضية لجمع أكبر قدر ممكن من التواقيع الشعبية لصالح الرئيس. وكلّف الحزب الحاكم وزيري التعليم العالي السابقين عمار تو ورشيد حراوبية، برئاسة لجنة خاصة، تتولّى الترتيبات الفنية والسياسية للانتخابات الرئاسية المقبلة.



ومع ترقّب تأجيل بوتفليقة إعلان ترشحه حتى الأجل الأخير الذي حدده المجلس الدستوري لتقديم الترشيحات، المقرر في 3 مارس المقبل، بدأت قنوات التلفزيون الحكومي، خلال الأيام الأخيرة، بثّ برامج حول المنجزات والمكاسب التي تحققت في عهد بوتفليقة على صعيد التنمية المحلية والزراعة والصناعة والأمن والتعليم والعلاقات الخارجية والدولية. وهو ما أثار حفيظة قوى ومرشحين آخرين بشأن استغلال السلطة للتلفزيون الحكومي لصالح مرشحها. كما تم تأسيس قناة "الرئيس" يبدأ بثها قريباً، لتسويق منجزات بوتفليقة خلال فترة حكمه واستقطاب الناخبين لصالحه. وفي هذا السياق، أعلنت التنسيقية المركزية "لجمعيات مساندة برنامج رئيس الجمهورية"، وهي تحالف يضم عشرات الجمعيات والمنظمات المدنية تأسس عام 1999، في مؤتمر صحافي يوم الأربعاء الماضي، عن دعوتها مجدداً بوتفليقة إلى الترشح لولاية جديدة، وبدء استعداداتها للحملة الانتخابية لصالحه.

وبرأي مراقبين، فإن "الكتل المتدافعة داخل منظومة السلطة، تلقّت إشارات كافية من المحيط المقرّب من بوتفليقة بترشحه رسمياً، بعد إخفاق خيارات أخرى كانت مطروحة تتصل بإرجاء الانتخابات وعقد مؤتمر وفاق وطني كمخرج سياسي للوضع الراهن الذي يتحكم فيه مرض بوتفليقة".

وأبدى الناشط السياسي إسماعيل سعداني، اعتقاده، في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أن "عدم وجود اتفاق بين الأطراف الفاعلة في الحكم، قد يكون الدافع الرئيسي نحو قرار ترشيح بوتفليقة لولاية خامسة، وتأجيل الخلافات الحادة التي ظهرت بين المجموعات في الحكم". وأشار إلى أن "الوصف الدقيق هو ترشيح وليس ترشحا، بمعنى دفع بوتفليقة إلى الترشح، بغض النظر عن وضعه الصحي وعن الموقف الشعبي من مرض الرئيس وغيابه المستمر عن المشهد السياسي، والموقف الدولي الممتعض من غياب مخاطب رسمي في حجم رئيس الجمهورية، في بلد مركزي بحجم الجزائر".

كثيرة هي المعطيات التي ستتغير بعد الإعلان الرسمي عن ترشح بوتفليقة، بما فيها مراجعة أكثر من مرشح وطرف سياسي موقفه من المشاركة في الانتخابات المقبلة، على غرار المرشح الرئاسي رئيس حركة "مجتمع السلم" (إخوان الجزائر)، عبد الرزاق مقري، الذي كان قد أعلن، في وقت سابق، إمكانية مقاطعة الانتخابات في حال ترشح بوتفليقة لولاية خامسة. والأمر نفسه لن يشجع مرشحين آخرين كرئيس الحكومة الأسبق علي بن فليس، ولويزة حنون عن حزب العمال، على الاستمرار في السباق الرئاسي، كونه يصبح محسوماً بطريقة أو بأخرى لصالح بوتفليقة.



المساهمون