قمّة التباينات: إجماع "الحزم" لا يخفي اختلافات ليبيا وسورية

قمّة التباينات: إجماع "الحزم" لا يخفي اختلافات ليبيا وسورية

30 مارس 2015
كلمة أمير قطر كانت الأكثر حزماً حيال سورية وفلسطين(الأناضول)
+ الخط -
شهدت القمة العربية تباينات في مواقف الدول تجاه بعض الأزمات التي تعاني منها دول أخرى، فضلاً عن التفاوت في درجة تأييد الخيارات والحلول المطروحة، فيما شمل بعضها اختلافاً تامّاً في الرؤية. وبعيداً عما بدا أنه اتفاق اقترب من درجة الإجماع أو على الأقل "عدم الاعتراض" على عملية "عاصفة الحزم" اليمنية، يمكن ملاحظة تلك التباينات حول قضايا الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، والأزمة الليبية، والسورية، فيما كان هناك اتفاق كبير على ضرورة مواجهة الإرهاب، والبحث في أسبابه والعمل على معالجتها؛ منعاً للتمدد وانضمام الشباب إلى جماعات إرهابية.


اقرأ أيضاً (قمة شرم الشيخ تقرّ تشكيل قوة عربية مشتركة)

ولم يرد ذكر لثورات الربيع العربي على ألسنة زعماء العرب خلال كلماتهم بالقمة، إلا في السياق السلبي مثلما حصل على لسان أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح.

يمكن رصد المواقف وأكثرها تأييداً للقضية الفلسطينية، فأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ألقى كلمة حاسمة حازمة حول القضية الفلسطينية. وقال: "تنعقد قمتنا هذه في ظل أوضاع إقليمية ودولية معقدة وتحديات خطيرة تواجهها أمتنا العربية، وتأتي القضية الفلسطينية في مقدمة هذه التحديات، فلن يتحقق السلام والاستقرار والأمن في منطقتنا إلا بالوصول إلى تسوية عادلة وشاملة تستند إلى قرارات الشرعية الدولية والعربية وفق مبدأ حل الدولتين".

وأردف: "إن مفاوضات السلام بآلياتها المختلفة ومبادراتها المتعددة وصلت إلى منتهاها في ضوء التعنت الإسرائيلي المستمر، ولم تعد هناك جدوى من مواصلة هذا المسار، الذي بات يغطي على العدوان والاستيطان، ولذلك فإننا ندعو مجلس الأمن الدولي لتحمل مسؤوليته الأخلاقية والقانونية، وإلى أخذ المبادرة لتحديد الإجراءات والتدابير اللازمة لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية؛ وفقا للقرارات الصادرة عنا ذات الصلة". ولم تبتعد كلمة الملك سلمان بن عبد العزيز عن أن "القضية الفلسطينية تقع في مقدمة اهتماماتنا، ويظل موقف المملكة العربية السعودية كما كان دائماً، مستنداً إلى ثوابت ومرتكزات تهدف جميعها إلى تحقيق السلام الشامل والعادل في المنطقة، وعلى أساس استرداد الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني".

وفي حين احتلت القضية الفلسطينية مرحلة متأخرة من كلمة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ولم تتسم بقوة الموقف الذي كانت عليه كلمة أمير قطر وملك السعودية. وقال السيسي: "سيظل اهتمام مصر بالقضيةِ الفلسطينيةِ راسخاً، إدراكاً منها لأن حلَّ هذه القضيةِ هو أحدُ المفاتيحِ الرئيسيةِ لاستقرارِ المنطقة، التي لن تهدأ أبدا طالما ظلت حقوق الشعب الفلسطيني مُهدَرة، على الرغمِ من اعترافِ المجتمعِ الدولي بحقه في إقامةِ دولته المستقلة وعاصمتُها القدسُ الشرقية".

اتفق أمير قطر وملك السعودية، حول التعامل مع الأزمة السورية، من حيث الرفض القاطع لأن يكون النظام السوري الحالي برئاسة بشار الأسد جزءا من حل الأزمة. أما حديث السيسي حول المسألة السورية، فلم يكن بنفس قوة وإدانة جرائم النظام السورية الحالي، في كلام رأى فيه كثيرون أنه عبارة عن مسك العصا من وسطها، جرياً على الموقف المصري في عهد السيسي الساعي إلى تأدية دور لا يعادي النظام السوري.

ودفع أمير قطر وملك السعودية إلى تأييد الحلول السلمية والحوار لحل الأزمة الليبية، فيما بدا السيسي يدعم بقوة الخيار العسكري هناك. وقال الملك سلمان: "ما زلنا نتابع بقلق بالغ تطور الأحداث في ليبيا، مع أملنا في أن يتحقق الأمن والاستقرار في هذا البلد العزيز". وقال أمير قطر إن "موقفنا ثابت إزاء تطورات الأوضاع في ليبيا الشقيقة، وسيبقى داعما للحوار الوطني بين جميع الأطراف، انطلاقا من رؤيتنا في أنه لا حل عسكريا في ليبيا، وإن المخرج الوحيد من تداعيات الأزمة هو حل سياسي يحترم إرادة الشعب الليبي، ويلبِّي طموحاته المشروعة في الأمن والاستقرار، ويهيئ الظروف لإعادة بناء الدولة ومؤسساتها، بمشاركة جميع القوى السياسية والاجتماعية الليبية ودون إقصاء أو تهميش بعيدا عن التدخلات الخارجية.
وأعلن دعم قطر للجهود التي تبذلها الأمم المتحدة ودول الجوار الليبي؛ والهادفة إلى تفعيل الحوار الوطني بين جميع مكونات الشعب الليبي الشقيق للوصول إلى حل سياسي يحقق تطلعات وآمال الشعب الليبي.
فيما كانت كلمة السيسي حاسمة باتجاه عدم السكوت على الأحداث في ليبيا، وقال: "إن ما آلت إليه أوضاع ليبيا الشقيقة لا يُمكن السكوت عليه، ولا يخفى عليكم أن استعادة الأمن والاستقرار في ليبيا لا يحتل فقط أهمية قصوى بالنسبة لمصر، لاعتبارات الجوار الجغرافي والصلات التاريخية القديمة، ولكن للإقليم والمنطقة العربية ككل على ضوء تشابك التهديدات ووحدة الهدف والمصير". واعتبر أن الوضع في ليبيا "يزداد خطورة وتعقيدا يوما بعد يوم، في ظل استفحال ووحشية التنظيمات الإرهابية، ما يستلزم تقديم كافة أشكال الدعم والمساندة للحكومة الشرعية دون إبطاء؛ لتمكينها من أداء دورها في بسط الأمن والاستقرار في ربوع ليبيا، وبما يُفعّل دورها في مكافحة الإرهاب ويسمح لها بالدفاع عن نفسها ضد التنظيمات الإرهابية".

في حين، لفت السيسي إلى دعم الحلول السياسية المطروحة من قبل الأمم المتحدة الرامية إلى تحقيق توافق بين أشقائنا في ليبيا، وصولا إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية، إلا أنه وبالنظر إلى التطورات المُتسارعة وتمدد تواجد التنظيمات الإرهابية، فإنه لم يعد مقبولا ما يسوقه البعض من ذرائع بشأن الربط بين دعم الحكومة الشرعية وبين الحوار السياسي، في موقف يميل طبعاً نحو دعم خيار الحسم العسكري، وفق المشروع المصري القديم الجديد القاضي بالتدخل الخارجي، وبتشكيل قوة عربية مشتركة وُلدت فكرتها في السياق الليبي أساساً بالنسبة للسيسي.

المساهمون