روسيا والنظام يتجاهلان دعوة ترامب: استمرار الفتك بمدنيي إدلب

روسيا والنظام يتجاهلان دعوة ترامب: استمرار الفتك بمدنيي إدلب

04 يونيو 2019
قصف النظام بصواريخ شديدة الانفجار معرة النعمان (فرانس برس)
+ الخط -
لم تكد تمرّ ساعات على مطالبة الرئيس الأميركي دونالد ترامب بإيقاف الحملة العسكرية على شمال غربي سورية، حتى تجدّد القصف الجوي، أمس الإثنين، على مدن وبلدات في ريفي إدلب الجنوبي وحماة الشمالي، ما أدى إلى مقتل وإصابة العشرات من المدنيين، فضلاً عن الدمار في الممتلكات، في مشهد بات يتكرّر بشكل يومي، ما يؤكد نيّة النظام وحلفائه الروس الاستمرار في حملات القصف الجوي بهدف محاولة إخضاع المنطقة والقضاء على فصائل المعارضة السورية، وذلك في تجاوز لكل التفاهمات السابقة بين الضامنين الروسي والتركي.
وكان ترامب قد قال في تغريدة عبر حسابه على موقع "تويتر"، فجر أمس الاثنين: "نسمع أنّ روسيا وسورية وبدرجة أقل إيران، يشنون قصفاً جهنمياً على محافظة إدلب السورية، ويقتلون من دون تمييز العديد من المدنيين الأبرياء"، مضيفاً أنّ "العالم يراقب هذه المذبحة"، ومتسائلاً "ما هو الغرض منها؟ ما الذي ستحصلون عليه منها؟ توقفوا".

وقال مصدر من الدفاع المدني السوري، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ الطيران الحربي الروسي قصف، أمس، بصواريخ شديدة الانفجار، منطقة السوق، وسط مدينة معرة النعمان، جنوب إدلب، ما أسفر عن مقتل ثلاثة مدنيين، بينهم امرأة، في حصيلة أولية، فضلاً عن إصابة عشرة آخرين بجروح متفاوتة الخطورة. ونشر ناشطون مقاطع فيديو تظهر فداحة ما جرى في المدينة الأكبر في ريف إدلب الجنوبي، والتي لا يكاد يمرّ يوم من دون تعرضها لقصف جوي يفضي إلى مقتل مدنيين أغلبهم من النساء والأطفال.

في موازاة ذلك، قالت مصادر محلية، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ الطائرات الحربية الروسية شنّت غارات عدة على بلدات حيش ومعرة حرمة وعابدين والنقير في ريف إدلب الجنوبي، ما أدى إلى مقتل مدني وإصابة أربعة آخرين بجروح متفاوتة.

كما طاول القصف الجوي مدينة كفرزيتا وقرية دوير الأكراد في ريف حماة الشمالي، تزامناً مع قصف مدفعي على مدينة اللطامنة وقريتي لطمين والعنكاوي، ما أسفر عن مقتل مدني في الأخيرة، وفق مصادر محلية أشارت إلى أنّ القصف تسبب أيضاً بأضرار مادية جسيمة في ممتلكات المدنيين والمحاصيل الزراعية. كذلك، قصفت قوات النظام بصواريخ محملة بالفوسفور الحارق بلدات بداما والناجية ومرعند بريف إدلب الغربي، وفق ناشطين.

وأصدر "الدفاع المدني السوري" في إدلب، أمس، إحصائية بعدد القتلى والمصابين في شهر مايو/ أيار الفائت، جراء ارتفاع وتيرة القصف الذي تنفذه روسيا والنظام على شمال سورية، موضحاً أنّ 231 مدنياً قتلوا، بينهم 116 رجلاً، و56 امرأة، و59 طفلاً، فيما عدد المصابين بلغ 659 مدنياً، بينهم 352 رجلاً، و144 امرأة، و163 طفلاً.

في هذه الأثناء، تكبّدت قوات النظام، أمس، خسائر بالأرواح والعتاد جراء محاولة تقدّم على حساب المعارضة في ريفي حماة واللاذقية. وذكرت مصادر من المعارضة لـ"العربي الجديد"، أنّ قوات الأسد شنّت هجوماً على مواقع الفصائل المتمركزة في محور قرية القصابية في المحيط الشمالي لبلدة كفرنبودة بريف حماة الشمالي الغربي. وأوضحت أنّ قوات النظام تمكّنت من التقدّم في بداية الهجوم إلى العديد من المزارع في شمال كفرنبودة، إلا أنّ المعارضة عادت وتمكّنت من صدّ هذه القوات، وأجبرتها على التراجع إلى مواقعها بعد تكبيدها خسائر بالأرواح والعتاد.

في غضون ذلك، زعمت صحيفة "الوطن" التابعة للنظام، أمس، أنّ "موسكو لم تتفاعل مع مبادرة أنقرة لإعلان هدنة خلال أيام العيد مدتها 72 ساعة، على غرار هدنة الـ72 ساعة التي أعلنت في 20 مايو الماضي". وادّعت الصحيفة أنّ "رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية، الجنرال فاليري غيراسيموف، ردّ على نظيره التركي ياشار غولر خلال اتصاله به، الخميس الماضي، بأنّ أي وقف لإطلاق النار يجب أن يأخذ بالحسبان مسؤولية تركيا عن تطبيقه". ووفق الصحيفة، فإنّ الجانب الروسي يشترط أن تؤدي أي هدنة لتنفيذ اتفاق "سوتشي" المبرم بين أنقرة وموسكو في سبتمبر/ أيلول الماضي، بما في ذلك فتح الطريقين الدوليين بين حلب وكل من حماة واللاذقية.


من جهتها، وفي تكرار لادعاءاتها، شددت موسكو، أمس، على أنّ الجيش الروسي لا يستهدف إلا "إرهابيين" في إدلب. وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، للصحافيين إنّ "القصف الذي يقوم به الإرهابيون من إدلب غير مقبول، ويجري اتخاذ إجراءات لإسكات مواقع المدفعية هذه". وأضاف "في إدلب، لا يزال هناك حشد كبير لإرهابيين ومقاتلين يستخدمون هذا الوجود لاستهداف مدنيين أو القيام بأعمال عدائية ضد منشآت عسكرية روسية".

في هذه الأثناء، قللت المعارضة من جدوى دعوة ترامب لوقف قصف إدلب. ووصف المتحدث باسم "هيئة التفاوض لقوى الثورة والمعارضة السورية"، يحيى العريضي، في حديث مع "العربي الجديد"، تغريدة ترامب بـ"العابرة"، معتبراً أنّ "عبارة (ما الذي تحصلون عليه. توقفوا)، لا تليق برئيس دولة عظمى. فلا يُتوقّع من قائد العالم الحر (افتراضياً) أن يعلّق بشكل عابر على كارثة تهدد الملايين في إدلب"، على حد وصفه.

من جهته، رأى القيادي في "الجيش السوري الحرّ"، العقيد فاتح حسون، في تغريدة له على موقع "تويتر"، أنّ "تصريح الرئيس الأميركي حول إدلب، إذا لم يتلقفه المسؤولون الأميركيون المعنيون، ويتحركوا فعلياً لتشكيل ضغط على روسيا لتوقف المذابح التي تقوم بها وتدعمها هي وثنائي القتل معها، إيران ونظام الأسد، فسيكون أشبه بنداء استغاثة، ليس له مجيب".

أمّا العقيد مصطفى البكور، قائد العمليات في جيش "العزة"، أبرز فصيل تابع لـ"الجيش السوري الحرّ" في ريف حماة الشمالي، فرأى أنّ التصعيد من قبل النظام والجانب الروسي، أمس الاثنين "ربما يكون رسالة للأميركيين بعدم الرغبة بالانصياع"، مشيراً في حديث مع "العربي الجديد"، إلى أنّ "قوات النظام ومليشيات تساندها حاولت التقدّم برياً، أمس، في ريف حماة الشمالي، بالتزامن مع تصعيد القصف الجوي".

في موازاة ذلك، وعلى الصعيد الإنساني، أوضح فريق "منسقو استجابة سورية"، أمس، أنّ عدد النازحين من الأعمال العسكرية في المنطقة المنزوعة السلاح والمناطق المجاورة لها، بلغ أكثر من 72520 عائلة (471413 نسمة) وسط استمرار أعمال إحصاء النازحين في مختلف المناطق والنواحي التي استقبلتهم، والتي بلغ عددها 35 ناحية موزعة على المنطقة الممتدة من مناطق درع الفرات، وصولاً إلى شمال غربي سورية. وأشار الفريق إلى "ازدياد أعداد الضحايا من المدنيين جرّاء الاستهداف المباشر للأحياء السكنية في مختلف المناطق، منذ بدء الحملة العسكرية وحتى 3 يونيو/ حزيران الحالي إلى أكثر من 659 شخصاً، بينهم 189 طفلاً".