ملف اللاجئين السوريين يسبق معركة جرود عرسال

ملف اللاجئين السوريين يسبق معركة جرود عرسال

14 يوليو 2017
عودة مئات اللاجئين لبلدتي الطفيل وعسال الورد (فرانس برس)
+ الخط -
شهدت الساعات القليلة الماضية في لبنان تراجع حظوظ اندلاع معركة جرود بلدة عرسال بين "حزب الله"، مدعوما من الجيش اللبناني وقوات النظام السوري، وبين مقاتلي تنظيمي "داعش" و"جبهة فتح الشام" (النصرة سابقاً)، بعد معلومات عن ارتفاع وتيرة المفاوضات في محاولة لجلاء المسلحين من جرود بلدة عرسال دون قتال. 

وفي الوقت نفسه، ارتفعت حدّة المواقف اللبنانية من اللاجئين السوريين، ولامست حدود العنصرية، بعد احتدام النقاش حول كيفية نقل اللاجئين من لبنان إلى بلداتهم السورية التي توقفت فيها الأعمال العسكرية. 

ولم يكن موقف رئيس "حزب القوات اللبنانية"، سمير جعجع، الذي دعا إلى "تسفير اللاجئين بالباخرة إلى سورية" يتيماً، إذ تجاوز رئيس الحكومة، سعد الحريري، خلال ترؤسه اجتماع "اللجنة التوجيهية العليا للنازحين"، التي تضم ممثلين رسميين لبنانيين وأجانب، وممثلي المؤسسات الأممية، انتهاك السلطات الرسمية المُختلفة (قوى أمنية وعسكرية وبلديات) للحقوق الإنسانية للاجئين، مُعتبراً أن "تزايد التوترات بين اللبنانيين والسوريين سببه تعب المجتمعات المضيفة والحاجة للمزيد من الدعم للبنانيين". 


وحذّر الحريري، خلال الاجتماع الذي التئم ظهر اليوم الجمعة، من أن "مستوى صرف المعونة الإنسانية إلى لبنان، حتى الآن، أقل من نصف المساعدة المعلن عنها في العام الماضي خلال الفترة نفسها، وعلاوة على ذلك، لا تزال التعهدات المعلنة لعام 2018 وما بعده محدودة، ما يحد من برامج المساعدة الحاسمة الممتدة على سنوات". 

وتطرق رئيس الحكومة اللبنانية إلى موضوع عودة اللاجئين إلى بلداتهم، فجدّد "دعم العودة السريعة والآمنة للنازحين السوريين، ومع ذلك فإننا لن نجبر، تحت أي ظرف، النازحين السوريين على العودة إلى سورية"، وعلى "ضرورة التنسيق الوثيق والتخطيط المشترك مع الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة لتلبية شروط العودة بشكل صحيح ووفقا للقانون الدولي".

كذلك حضر ملف العودة للاجئين السوريين خلال زيارة سفير النظام السوري في لبنان، علي عبد الكريم، لمقرّ وزارة الخارجية، حيث التقى الوزير جبران باسيل. واعتبر السفير علي أنه "من غير المنطقي الدعوة لوساطة بين النظامين اللبناني والسوري في ملف اللجوء، ما دام هناك سفارتان وشعبان تربطهما أواصر قربى عميقة واتفاقات ناظمة للعلاقات بين البلدين". 

كما وضع علي "الإرهاب" في إطار "التحدي المشترك الذي يضرب في سورية هو نفسه الذي تواجهونه كلبنانيين في عرسال وفي كل الأماكن". 

واعتبر سفير النظام السوري أن "البحث عن وساطة هو في حقيقة الأمر محاولة لتعقيد الأمور وإبعاد الحلول، بدل التعاون الاقتصادي والأمني والسياسي والاجتماعي للنازحين". ووصف أوضاع اللاجئين السوريين في لبنان بأنها "مزرية"، ولكنه لم يستطع تأكيد وجود مناطق آمنة في سورية يستطيع اللاجئون العودة إليها. 

"الجرود جاهزة للمعركة"

وكانت الأيام القليلة الماضية قد شهدت اكتمال التحضيرات اللوجستية لإطلاق معركة تأمين الحدود الشرقية للبنان مع سورية، والتي يهدف منها "حزب الله" إلى إنهاء كل الوجود المسلح على طول الحدود بين البلدين، فنقل أهالي بلدة عرسال، الذي يعملون في الزراعة وفي مقالع الحجر في جرود البلدة، آلياتهم من المقالع والمزارع، خوفاً من امتداد المعركة في الجرود إلى منشآتهم التي تقع عند أطراف البلدة وفي أول الجرود. 

ولم تغادر طائرات الاستطلاع المُسيرة التابعة للجيش اللبناني ولـ"حزب الله" أجواء عرسال وجرودها منذ بداية الأسبوع الحالي، كما لم تتوقف الغارات الجوية لطيران النظام السوري على مواقع "داعش" و"فتح الشام" في الجرود. 

وتُقدر مساحة المنطقة التي ينتشر فيها مسلحو التنظيمين بحوالي 300 كيلومتر مربع، تتوزع بين أراضي البلدين، ويُقدر عددهم بين 800 و1500 مقاتل. 

تجدر الإشارة إلى أن "حزب الله" نجح عام 2015 في بسط سيطرته على مساحة تُقدر بحوالي 1000 كيلومتر مربع من الجرود الفاصلة بين لبنان وسورية شرقاً، وحال الاحتقان المذهبي دون دخول عناصر الحزب في معركة قرب بلدة عرسال ذات الأغلبية السنية، والتي تحتضن إلى جانب سكانها الـ40 ألفاً حوالي 130 ألف لاجئ سوري. 

وتخللت هاذان العامان رعاية الحزب لمفاوضات بين "سرايا أهل الشام"، وهي فصيل سوري مُقرب من النظام ولديه اتصالات بالقيادات المدنية والدينية للاجئين، وجبهة "فتح الشام"، أسفرت عن عودة مئات اللاجئين إلى بلدتي الطفيل وعسال الورد.