ليبيا: هل يترك حفتر السلاح للوصول إلى السلطة؟

ليبيا: هل يترك حفتر السلاح للوصول إلى السلطة؟

18 سبتمبر 2017
انشقاقات قبلية بصفوف داعمي حفتر بالشرق (عبدالله دومة/فرانس برس)
+ الخط -
بعد إخفاقه في حسم الموقف في ليبيا عسكريا لصالحه، اتجه اللواء المتقاعد، خليفة حفتر، إلى التحرك في كواليس السياسة لحفظ مكاسبه وللوصول إلى أهدافه.

ومنذ سيطرته على قاعدة الجفرة ومواقع عسكرية جنوب البلاد، نهاية يونيو/ حزيران الماضي، خفت صوت السلاح في جبهات حفتر بسبب عدة عوامل، أبرزها تراجع الدعم الشعبي له شرق البلاد، ورفض القبائل إمداده بالمزيد من أبنائها للزج بهم في ساحات المعارك.

فراغ الخزان البشري الذي ينفق منه حفتر على معاركه وازته انشقاقات قبلية في صفوف داعميه في الشرق، طفت منها على السطح معارضة قبيلة العواقير، التي تمثل ظهيره القوي الذي يسكن أغلب أجزاء شرق بنغازي، لا سيما بعدما خسر أحد أهم قادة عملياته، العقيد المهدي البرغثي، الذي تولى حقيبة وزارة الدفاع بحكومة الوفاق بطرابلس، ليتصاعد الخلاف بين القبيلة واللواء المتقاعد إلى حد الدفع بابنها القيادي الآخر السابق بـ"عملية الكرامة"، فرج قعيم، للقبول مؤخرا بمنصب وكيل وزارة الداخلية بحكومة الوفاق مطلع الشهر الجاري.

كل تلك العوامل وغيرها، كاتساع رقعة القتال في جنوب وشرق ووسط البلاد، والخلافات المستعرة بين حفتر وبين رئيس البرلمان، عقيلة صالح، أجبرته على تجميد عمليته العسكرية حتى في درنة، المدينة الصغيرة شرق البلاد، التي استعصى عليه اقتحامها منذ سنتين، والاتجاه إلى ساحات السياسة باحثا عن سبل تمكنه من الوصول إلى هدفه المؤجل في الوصول إلى السلطة.



ووصل حفتر، رفقة بعض أركانه العسكريين، اليوم الإثنين، إلى تونس في زيارة رسمية تلبية لدعوة من الرئيس التونسي، الباجي القايد السبسي، قادما من العاصمة الكونغولية برازفيل، التي وصلها أول من أمس للقاء الرئيس الكونغولي وعدد من مسؤولي الدولة لبحث نتائج قمة برازفيل الأسبوع الماضي.

وبحسب مصدر مقرب من قيادة حفتر، فإن لقاء سيجمعه، الإثنين أيضا، بالسفير الأميركي لدى ليبيا، بيتر بودي. 

وقال المصدر لـ"العربي الجديد" إن "حفتر سيلتقي السبسي وبعض مسؤولي الدولة، لبحث عدة مسائل تتعلق بالحلول السياسية المطروحة لحل الأزمة في البلاد"، مضيفا "لكن حفتر يعول كثيرا على لقائه بالسفير الأميركي، الذي يبدو أنه يحمل رسالة له من واشنطن مفادها قبولها بوجوده ضمن أي تسوية سياسية قادمة".

وأضاف "حفتر لن يترشح لأي انتخابات قادمة، لكنه يعمل على ضمان منصب عسكري بارز ضمن الحكومة الجديدة، وهو ما يتشاور حوله مع دول الغرب لحشد التأييد له"، لافتا إلى أن هذا المنحى لحفتر مدعوم من عواصم عربية، كالقاهرة، وأجنبية كباريس.

ويبدو أن تسريبات هذا المصدر تتماهى مع رغبات حفتر في الاقتراب حتى من داعمي خصومه في غرب البلاد. فبحسب مصادر صحافية إيطالية سيتوجه حفتر لزيارة روما تلبية لدعوة إيطالية رسمية.

وكان مصدر ليبي مقرب من حكومة الوفاق قد قال، في تصريح سابق لـ"العربي الجديد"، إن طرابلس منزعجة من التقارب الإيطالي مع حفتر، مشيرا إلى أن خارجية حكومة الوفاق وجهت رسالة رسمية للجانب الإيطالي تطلب فيها توضيحا لأسباب دعوته.

ويبدو أن زيارات حفتر الأخيرة والمرتقبة تركز على الدول المقربة من خصومه في غرب البلاد، بما فيها برازفيل، التي استضافت قمة أفريقية وبدا على القمة ميولها لجانب طرف طرابلس، والتأكيد على ضرورة الحل السياسي ورفض الحل العسكري.

وكانت فرنسا، حليف حفتر الأوروبي، هي من قادت أولى خطوات انتقاله للكلام بلغة السياسة، بديلا عن السلاح، من خلال استضافته مع رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، فايز السراج، واتفاقه ضمنا على الانخراط في الاتفاق السياسي، من خلال موافقته على مبادرة السراج على الذهاب إلى انتخابات عاجلة ووقف إطلاق النار.

وعقب إعلان باريس لم يخف حفتر رغبته في الوصول إلى السلطة عبر وسائل أخرى غير السلاح، فقد تحدث وزير خارجية بريطانيا، بوريس جونسون، الذي زار حفتر في بنغازي نهاية الشهر الماضي، عن "تعهد حفتر بترك السلاح إذا أصبح رئيسا للبلاد".

وبحسب المصدر ذاته، فإن "قادة عرباً وأوروبيين صرحوا، أكثر من مرة، بضرورة أن يبقى حفتر ضمن الإطار العسكري في أي تفاهمات حول تسوية جديدة للوضع السياسي في البلاد".

وبين المصدر أن حفتر لن يخرج من الجانب العسكري نهائيا، فهو سيحتفظ بالكثير من المقربين منه لشغل مناصب سياسية وأمنية، لكن الترتيبات الدولية حول تسوية الملف الليبي لن تسمح له بتولي منصب سياسي بشكل مباشر، مفضلة أن يشغل منصبا عسكريا مؤثرا بعض الشيء، لإرضاء غروره بعد أن تمكن من فرض نفسه كرقم مؤثر في المعادلة القائمة في البلاد.