الحكم بقضيّة مقتل منسّق "النداء": اختبار للتوافق مع "النهضة"

الحكم بقضيّة مقتل منسّق "النداء": اختبار للتوافق مع "النهضة"

15 نوفمبر 2016
المحكمة قضت بعدم سماع الشكوى في تهمة القتل العمد(فيسبوك)
+ الخط -



تشكّل قضية مقتل المنسق المحلي لحزب "نداء تونس"، لطفي نقض، في محافظة تطاوين الجنوبية سنة 2012، نقطة مفصلية بالنسبة إلى "الندائيين" في تاريخ حركتهم، لأنها أضفت عليها "مشروعية الدم" التي حسمت المعركة الانتخابية لصالحها.

ولا يمكن أن يمر الحكم، والذي قضت فيه المحكمة الابتدائية في سوسة بعدم سماع الدعوى في تهمة القتل العمد، من دون أثر على البيت الندائي، المهتز أصلاً نتيجة الخلافات الداخلية، ومن دون أن يكون محل استثمار من طرفي النزاع الداخلي، ولكن الأنظار موجهة أيضاً إلى التوافق بين حزبي "نداء تونس" و"النهضة"، لا سيما أن "النداء" صوّب أصابع الاتهام إلى "النهضة" وقواعدها في "قضية نقض"، وحمّلها المسؤولية السياسية والجنائية أيضاً في الحادثة.

وتوقع مراقبون، منذ صدور الحكم، أن تكون ردة الفعل الندائية على قدر من العنف يضاهي حجم الإحراج الذي يتعرض له الحزب داخلياً وأمام قواعده. ولم تخب التوقعات، فقد هددت قياداته، وبالخصوص تلك التي تجمعها خصومة مع مديره التنفيذي، حافظ قائد السبسي، بالاستقالة رداً على "استهتاره" بالقضية.

وقال النائب عن "نداء تونس"، عصام المطوسي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "الحكم نزل كالصاعقة على الندائيين، بل وأكثر من ذلك؛ فهو عار عليهم، وإشارة لهم بأن تونس ستعود خلال السنوات القليلة المقبلة إلى مربع العنف الأول الذي رزحت تحته خلال فترة الترويكا". واستطرد المطوسي معتبراً أن "رأس هرم السلطة لو تحمّل مسؤوليته في القضية لما كان مآلها تبرئة القتلة والمجرمين".

وأعلن النائب أنه علاوة على الاستقالات التي قدمت من قبل شباب الحزب اليوم احتجاجاً على الحكم القضائي؛ فإن ستة نواب حتى الآن اتفقوا على تقديم استقالة جماعية من الكتلة النيابية والحزب، لأنه برهن، في تقديرهم، على أنه حزب مفكك يمارس سلطات وهمية أدت إلى التفريط في دم "نقض". وأردف أن "جميع العمليات السياسية في البلاد، منذ التحالف مع النهضة حتى حكومة الوحدة الوطنية؛ تمت صياغتها بعيداً عن الحزب، وأرغم مناضلوه على قبول التحالف المذكور كمسألة اضطرارية، وهو غير ذي معنى اليوم ووجبت مراجعته"، على حد تعبيره.

وعبّر النائب "الندائي" عن عدم رضاه عن الحكم القضائي، واصفاً الجسم القضائي بـ"المخترق من طرف النهضة منذ فترة الترويكا"، وأنه "لا يزال يعاني من ارتدادات تقلد القيادي بحزب النهضة نور الدين البحيري وزارة العدل"، داعياً لفتح تحقيق في جميع الخروقات التي حصلت بالوزارة في تلك الفترة.


في المقابل، اكتفى حزب "النهضة" بتعليق موحّد من طرف قياداته، مفاده أن القضاء مستقل. وعلق القيادي بحزب النهضة، أسامة الصغير، لـ"العربي الجديد" على دعوات مراجعة التحالف مع "النداء"، قائلاً إن "التوافق متين، وازداد صلابة بوثيقة قرطاج التي دعمت أسسه".

ولفت الصغير إلى أن ثمة "محاولات متكررة رمت في اتجاه اتّهام النهضة وتشويهه، إلا أن القضاء برأها في هذه المناسبة، كما برأها سابقاً من اتهامات بالفساد والرشوة، حينما اعتلت الحكم في فترة الترويكا".

أما رئيس "كتلة النهضة"، نور الدين البحيري، والذي وجهت إليه اتهامات مباشرة باختراق القضاء والتأثير على الحكم، فقد رفض التعقيب في حديثه لـ"العربي الجديد" على ذلك، مكتفياً بتذكير شركائه في الحكم بأن رفض الأحكام القضائية يتم التعاطي معه في إطار القانون باستئناف الأحكام القضائية، لا بالسب والشتم والتشهير بالأشخاص، مبرزاً أن القضاء مستقل ويعتبر من المجرّم قانوناً توجيه التهم إليه بالانحياز والعمل وفق إملاءات سياسية.

ودافع البحيري عن نواب "النهضة" من المحامين الذين توجهوا، أمس، إلى المحكمة للدفاع عن المتهمين بمقتل نقض، معتبراً أن ذلك يعد من صميم عملهم، ولا يعتبر تأثيراً على القضاة.

وسعى حزب "مشروع تونس"، سليل (المنشق) حزب "النداء"، والذي ورث عنه شعاراته، وفي مقدمتها كشف الحقيقة في قضية مقتل نقض، إلى الظهور في الصورة. فبالإضافة إلى حضور أمينه العام، محسن مرزوق، جلسة التصريح بالحكم يوم أمس، في وقتٍ غابت فيه قيادات ندائية؛ فإنه شكّل فريقاً من المحامين لاستئناف القرار القضائي.

وشدد القيادي بـ"المشروع"، حسونة الناصفي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، على أن خطر العودة للعنف وارد طالما شجع هذا الحكم مجموعات عنيفة، على غرار "رابطات حماية الثورة"، للظهور مجدداً.