روسيا والنظام السوري يتسلمان دوما: سيطرة فوق جثث الآلاف

روسيا والنظام السوري يتسلمان دوما: سيطرة فوق جثث الآلاف

13 ابريل 2018
تواصل خروج المدنيين من دوما أمس (بهاء الحلبي/الأناضول)
+ الخط -
نجحت روسيا ومعها إيران، بإعادة مدينة دوما والغوطة الشرقية إلى سيطرة النظام السوري، على جثث آلاف المدنيين الذين سقطوا بالقصف والحصار على مدى سنوات، ليبتهج النظام أمس برفع علمه في دوما، مع خروج مقاتلي "جيش الإسلام" وعائلاتهم من المدينة، وانتشار الشرطة العسكرية الروسية فيها، ووسط معلومات عن مغادرة أغلب قادة "جيش الإسلام" المدينة بمن فيهم قائد الفصيل عصام بويضاني، باتجاه الشمال السوري.

ودخلت الشرطة العسكرية الروسية إلى دوما أمس برفقة رئيس مجلس محافظة ريف دمشق في حكومة النظام، راتب عدس، بحسب ما قال الناشط حسن القيسي لـ"العربي الجديد"، مضيفاً أنه سبق ذلك رفع علم النظام فوق أنقاض المدينة، مشيراً إلى مغادرة بويضاني ومعظم قيادات الجيش من الصف الأول المدينة أيضاً فجر الأربعاء، ووصولهم إلى الشمال السوري مساء. وفي إطار احتفاء النظام وحلفائه بالانتصار على الغوطة، زار مستشار المرشد الإيراني الأعلى، علي أكبر ولايتي، الغوطة خلال زيارته إلى سورية. ونشر ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي تسجيلاً يظهر ولايتي في الغوطة إلى جانب ضابط في قوات النظام يشرح له العملية العسكرية ضد فصائل المعارضة.

وأعلنت وزارة الدفاع الروسية، أن الشرطة العسكرية الروسية باشرت عملها في مدينة دوما اعتباراً من يوم أمس، وباتت تعتبر "ضامن القانون والنظام في المدينة". وذكرت الوزارة أن "1521 مسلحاً وعائلاتهم خرجوا من دوما عبر مخيم الوافدين على متن 40 حافلة إلى شمال محافظة حلب يوم الأربعاء"، مشيرة إلى أنه منذ مطلع الشهر الحالي غادر المدينة 13504 من المقاتلين وأفراد عائلاتهم، لافتة إلى أن العدد الإجمالي للذين غادروا الغوطة الشرقية "منذ بداية الهدنة الإنسانية بمساعدة مركز المصالحة الروسي، قد بلغ أكثر من 166 ألف شخص".

في المقابل، أكد رئيس المكتب السياسي لفصيل "جيش الإسلام"، ياسر دلوان، لوكالة "فرانس برس"، أن "الهجوم الكيميائي هو ما دفعنا للموافقة على الخروج من دوما إضافة إلى الغارات"، موضحاً أن قيادات الجيش "لم يخرجوا كلهم بعد"، مشيراً إلى أن "الخروج يتواصل".

من جهته، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن مقاتلي "جيش الإسلام" سلّموا كل أسلحتهم الثقيلة، وبينها مدرعات ودبابات وراجمات صواريخ، إلى الشرطة العسكرية الروسية، فيما أعلنت القوات الروسية أنها تسلمت من مقاتلي "جيش الإسلام" أكثر من 400 قطعة سلاح بينها رشاشات وقاذفات قنابل وقناصات قبل خروجهم من المدينة. غير أن مصادر مطلعة في دوما أبلغت "العربي الجديد" أن كمية قليلة من السلاح الثقيل جرى تسليمها بالفعل، بينما تم إحراق وتدمير معظم الأسلحة الثقيلة والمتوسطة الموجودة لدى الفصيل. كما تم التخلص من طلقات السلاح الخفيف عبر إتلافها أو إطلاقها في الهواء.

في غضون ذلك، غادرت حافلات القافلة الثالثة من مهجري دوما نحو الشمال السوري بعد منتصف ليل الأربعاء-الخميس، وتضم 40 حافلة تحمل على متنها المئات من المقاتلين وعوائلهم ومدنيين آخرين رافضين للاتفاق المبرم بين "جيش الإسلام" والجانب الروسي. كما يتم التحضير لخروج دفعة جديدة نحو الشمال السوري.


ولفت ناشطون إلى أن تباطؤ عمليات الخروج من المدينة سببه أساساً قلة عدد الحافلات التي يوفرها النظام لهذه العمليات، مشيرين إلى حصول إطلاق نار داخل المدينة، بالتزامن مع التحضير لخروج الحافلات من المدينة. وحسب المرصد السوري، فإن العشرات من مناصري النظام دخلوا برفقة وفد "المصالحة" إلى داخل مدينة دوما، وعمدوا إلى رفع أعلام النظام، وهتفوا بشعارات مؤيدة له، برفقة صحافيين روس وعربات للقوات الروسية، الأمر الذي استفز مقاتلين في "جيش الإسلام"، ممن كانوا يتحضرون لمغادرة دوما، فقاموا بفتح نيران بنادقهم على التجمّع، الأمر الذي تسبّب في إصابة عدة أشخاص يرجح أن من بينهم صحافيين روسا، ما اضطر الوفد لمغادرة دوما على الفور باتجاه مناطق سيطرة قوات النظام في مخيم الوافدين.

ويواجه المهجرون من دوما مشكلة أخرى عند وصولهم إلى وجهتهم في الشمال السوري، إذ يقوم عناصر الجيش السوري الحر المدعومون من تركيا بعمليات تفتيش دقيقة للحافلات عند معبر "أبو الزندين" قرب مدينة الباب، كما حصل للقافلة الثالثة التي اضطرت للانتظار نحو 8 ساعات قبل السماح لها بالدخول. وعزت مصادر التأخير إلى الضغط الذي تسبّبه الأعداد الكبيرة من المهجرين على المدينة، في ظل عدم وجود استعدادات كافية لاستقبال القادمين الجدد، خصوصاً أنه لا يُعرف حتى الآن العدد الإجمالي الذي سيخرج من دوما. ومن المتوقع أن يتوزع المهجرون على مسجدين في مدينة الباب ومركز للإيواء في قرية شبيران المجاورة ومخيم آخر قيد الإنشاء قرب المدينة.

وليس بعيداً عن الغوطة الشرقية، تترقب منطقة القلمون الشرقي في ريف دمشق مصيرها، وسط تهديدات روسية لأهلها وفصائل المعارضة فيها بمواجهة الحرب أو التهجير إذا لم يوافقوا على تسليم مناطقهم للنظام. وبعد أنباء عن توقيع اتفاق منفرد من إحدى مدن القلمون، وهي مدينة الضمير، بين أهالي المدينة وفصائلها من جهة، والجانب الروسي من جهة أخرى، يتواصل الضغط على بقية المناطق للتوقيع على اتفاقات مشابهة. لكن مراسل "العربي الجديد" في القلمون الشرقي أفاد بأنه حتى اللحظة لا يوجد أي اتفاق في القلمون، وما حصل هو محاولة من ضباط النظام وأنصار خارج مدينة الضمير لعزل المدينة وقضمها على انفراد بعيداً عن مدن القلمون الأخرى مثل الرحيبة وجيرود، حيث عقد وفد من لجنة التفاوض في المدينة اجتماعاً سريعاً مع أحد الضباط الروس الذي خيّرهم بين المصالحة أو التهجير. وأوضح أن اللجنة حاولت التملص من الرد، وأخبرت الجانب الروسي بأن فصائل الضمير مرتبطة بالقلمون وجبل البتراء. ولم يحدث اجتماع جديد مع الجانب الروسي.

من جهتها، وصفت تنسيقية مدينة الضمير ما حدث في المدينة بأنه "محاولة من النظام والضفادع (نسبة إلى الشيخ بسام ضفدع المتعامل مع قوات النظام في بلدة حمورية بالغوطة الشرقية) لقضم مدينة ضمير وتهجيرها فوراً، لكن تم اختيار لجنة في القلمون تضم جميع الفصائل العسكرية للعمل على المفاوضات مع الجانب الروسي في دمشق".