عزون الفلسطينية: نقطة تماس دائمة وعقاب احتلالي مستمر

عزون الفلسطينية: نقطة تماس دائمة وعقاب احتلالي مستمر

10 يناير 2018
شكّلت عزون أحد عناوين المقاومة ضد الاحتلال (نضال اشتية/الأناضول)
+ الخط -

إلى الشرق من مدينة قلقيلية، شمال الضفة الغربية المحتلة، تقع بلدة عزون، إحدى نقاط التماس المشتعلة دوماً مع الاحتلال الإسرائيلي، وهي على خط ساخن ويواجه ساكنوها إجراءات الاحتلال الإسرائيلي المتواصلة ضدهم، وتنتفض بشكل شبه يومي، فتزيد حدة المواجهة تماشياً مع الهبات الشعبية الفلسطينية.

في الآونة الأخيرة، ومنذ إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، مدينة القدس المحتلة عاصمة لدولة الاحتلال، اشتدت وتيرة المواجهات، فانتفض الشبان، واندلعت مواجهات عنيفة عند المدخل الرئيسي للبلدة، والمدخل الشرقي الذي تتواجد عنده قوات الاحتلال الإسرائيلي بشكل دائم، واشتبكوا مع المحتل بحجارتهم وزجاجاتهم الحارقة، بينما أطلق الاحتلال رصاصه وقنابله باتجاه المنازل والأهالي. وسقط العشرات جرحى بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط، والرصاص الحي، فضلاً عن حصول حالات اختناق كبيرة جراء استنشاق الغاز المسيل للدموع الذي أطلقه الاحتلال ضد المتواجدين، كما أن الاحتلال تعمّد إطلاق القنابل المسيلة للدموع على بعد مسافة كبيرة لتصل إلى منازل الأهالي وباتجاه المحال التجارية.

في هذا السياق، كشف مسؤول العلاقات العامة وموثق الانتهاكات الإسرائيلية في بلدة عزون، حسن شبيطة لـ"العربي الجديد"، أن "قوات الاحتلال تتعمّد استهداف المنازل والأهالي الآمنين، وعند اندلاع المواجهات تقتحم قوات الاحتلال البلدة بأعداد كبيرة، ولا يتم التعامل مع المتظاهرين والمنتفضين بشكل مباشر، بل يتم الاعتداء على المنازل والمحال التجارية وإطلاق القنابل تجاههم ضمن سياسة العقاب الجماعي والتخريب على أهالي عزون جميعاً".

وأضاف أنه "في البلدة سيارتا إسعاف تابعتان للهلال الأحمر الفلسطيني، لكن بسبب الأحداث الأخيرة ونتيجة الإصابات الكثيرة، اضطر الأهالي لاستخدام المركبات الخاصة لنقل المصابين، كون سيارتي الإسعاف لم تكفيا لنقل المصابين". وأشار إلى أن "الحالات الصعبة يتم نقلها إلى مستشفى درويش نزال بمدينة قلقيلية، لكن في المواجهات الأخيرة والتي تعمّد الاحتلال فيها إغلاق المدخل الرئيس للبلدة، نُقل المصابون إلى مستشفيات مدينة نابلس التي تبعد مسافة كبيرة عن البلدة".

ولفت شبيطة، إلى أنه "حسب الإحصائيات في البلدية فإن 170 فلسطينيا من البلدة، معتقلون الآن في سجون الاحتلال، نسبة 60 في المائة منهم أطفال، بالإضافة إلى أن قوات الاحتلال الإسرائيلي اعتقلت في اليومين الماضيين اثنين من ذوي الاحتياجات الخاصة وهما أمير ريان وهو يعاني من مشاكل عقلية، وقامت البلدية بتوظيفه عامل نظافة، بالإضافة إلى اعتقال الفتى أيهم يوسف سليم (16 عاما)، مع والده، وهو يعاني من عجز في السمع، حيث تم احتجازهما لساعات ومن ثم أفرج عنهما".



وقال علاء ريان شقيق المعتقل أمير ريان، لـ"العربي الجديد"، إن "قوات الاحتلال اعتقلت أخي وهو لديه عجز بنسبة 75 في المائة في العقل، وتم اقتياده إلى مركز تحقيق في مستعمرة أرئيل، وبحسب ما أبلغه نادي الأسير فإنه خضع للتحقيق وعليه اتهامات إلقاء حجارة على جنود الاحتلال، وعلى الرغم من تقديم أوراق وتقارير تدلل على إعاقته، فإن النيابة شككت بها، ويتم تمديد اعتقاله في كل محاكمة يتم عقدها له".

كذلك، في سجون الاحتلال من بلدة عزون، الأسير متوكل رضوان، والذي يعاني من مرض سرطان الدم، وهو بحالة صحية صعبة داخل المعتقلات، ويقضي حكماً بالسجن لمدة 22 عاماً، أمضى منها 16 عاماً. كذلك هناك الأسير جهاد أبو هنية، الذي يعاني من مشكلة فقدان الذاكرة ولا يستطيع التعرف على أحد من حوله ولا حتى إخوته، وهو معتقل لمدة 16 عاماً، قضى منها ثماني سنوات حتى الآن.

بدوره أشار الناشط محمد وليد، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إلى أن "البلدة عانت من اقتحامات شبه يومية، بعد منتصف ليل كل يوم، بفعل مداهمة قوات كبيرة من جيش الاحتلال، البلدة، بالآليات العسكرية والقوات الراجلة، مهاجمة منازل الأهالي بشكل عشوائي إذ تفتشها وتخرّبها وتروّع وترهّب ساكني البيوت. ولا تكاد تتوقف هذه الاقتحامات، ففي كل يوم هناك اقتحام وغالباً ما يتم اعتقال شبان وأطفال، إذ تمّ اعتقال خمسة شبان خلال الأسبوع الماضي في سبعة اقتحامات نُفذت".

أما محمود رضوان وهو أحد المتضررين من هذه الاقتحامات، فقال لـ"العربي الجديد"، إن "قوات الاحتلال اقتحمت منزلهم عشرات المرات، وداهمت المنزل بطريقة عنيفة وخلعت الأبواب"، مشيراً إلى أنه "في أحد الاقتحامات، أعطاهم مفتاح إحدى الغرف التي كانوا يريدون تفتيشها، إلا أن الجندي رفض وفجر الباب ودخل إليها". وأضاف أن "قوات الاحتلال تبحث عن شقيقي محمد، وهو لم يكن متواجداً في البيت، فاعتدوا بشكل همجي على أهالي المنزل، وقاموا بدفع النساء المتواجدات فيه، عدا عن أن الاقتحامات تبدأ بعد الساعة الثانية فجراً وتستمر لساعات". مع العلم أنه تم اعتقال الشاب محمد رضوان، بعد ملاحقته من قبل قوة خاصة في بلدة كفر ثلث، جنوب شرقي قلقيلية.

كما أن جنود الاحتلال وخلال مداهمتهم لمنازل الأهالي يقومون بأخذ هويات كافة سكان المنزل، وتسجيل أرقامها وتصويرها، بالإضافة إلى أخذ أرقام هواتفهم وتسجيل عدد أفراد الأسرة وأخذ معلومات أخرى عنهم. ويستغل الاحتلال الإسرائيلي هذه الأحداث لفرض عقاب جماعي لكافة أهالي البلدة، وذلك من خلال الإجراءات العقابية على مداخل القرية الثلاث، ووضع بوابات يغلقها وقت يشاء، بالإضافة إلى تواجد الاحتلال الدائم في المنطقة، وتفتيش الأهالي ومركباتهم أثناء دخولهم وخروجهم من القرية، واحتجازهم لفترات طويلة.

كما يستخدم الاحتلال المنع الأمني لمعاقبة الأهالي، فيمنعهم من استصدار تصاريح زيارة لأبنائهم، وتصاريح عمل في الداخل المحتل، وأكثر من 1200 فلسطيني من عزون ممنوعون أمنياً، ولا يحق لهم حتى مرافقة مريض يتعالج في إحدى المستشفيات بالداخل المحتل.

كما تأثر الوضع الاقتصادي كثيراً بسبب الأحداث الأخيرة في البلدة، فنتيجة الحواجز والتفتيش الدائم على مداخل البلدة، فإن أي شخص من القرى المجاورة كان يأتي للبلدة لشراء أي شيء، فإنه سوف يبحث عن مكان آخر ليشتري منه، بعيداً عن الحواجز والتفتيش الذي ينفذه جنود الاحتلال.