مشاورات تأليف الحكومة التونسية: الأحزاب تختار "حكومة الرئيس"

مشاورات تأليف الحكومة التونسية: الأحزاب تختار "حكومة الرئيس"

16 يناير 2020
رمى سعيد الكرة بملعب الأحزاب (Getty)
+ الخط -
ساعات قليلة وتنتهي المهلة التي حددها الرئيس التونسي قيس سعيّد للأحزاب والكتل البرلمانية بخصوص مقترحاتها حول الشخصيات التي يمكن تكليفها بتشكيل الحكومة المقبلة، بعد سقوط حكومة الحبيب الجملي أمام البرلمان، السبت الماضي، وفشلها في نيل ثقة النواب.

ومباشرة بعد إعلام سعيّد رسمياً بسقوط الحكومة المقترحة، وفشل الحل الدستوري الأول، عادت إليه المبادرة، كما ينص الدستور، لاختيار شخصية يراها الأكفأ لتشكيل الحكومة الجديدة.

ووجّه سعيد إلى الأحزاب والائتلافات والكتل البرلمانية، منذ الإثنين الماضي، رسالة رسمية لتقديم مقترحاتها مكتوبة بشأن الشّخصيّة أو الشّخصيات التي يرونها الأقدر على تكوين حكومة.

ودعا سعيد، في الرسالة ذاتها، المعنيين بالأمر إلى توضيح دواعي اختيار الشخصية المقترحة والمعايير التي تمّ اعتمادها في ذلك، وذلك قبل مساء اليوم الخميس.


وبهذا الأسلوب الجديد في المعاملات بين مؤسسة الرئاسة والأحزاب، خرج سعيد من ورطة ما يسمى بـ"حكومة الرئيس"، وتداعياتها المتعددة عليه، وألقى بالكرة مجدداً في ملعب الأحزاب، محمّلاً إياها مرة أخرى مسؤولية الاختيار، ومسؤولية الفشل، إلا أنه سيستأثر بالربح السياسي الكبير إذا نجحت استراتيجيته وتمكنت الحكومة الجديدة من نيل ثقة البرلمان، وسيكون أسلوب الرئيس بمثابة الخيمة التي تجتمع تحتها الأحزاب وتعود إليها إذا فشلت لوحدها في اختبار ما.

ولا يُجبر سعيد دستورياً على التقيّد بالأسماء المقترحة لتكليف شخصية بتشكيل الحكومة، ويمكنه اختيار شخصية أخرى من خارج قائمة الأحزاب، إلا أنّ ما يظهر حتى الآن أنّ سعيد لا يرغب في تحمل هذه المسؤولية غير معلومة العواقب، ولذلك يدفع بالأحزاب والكتل إلى بذل مجهود توافقي لجمع قاعدة واسعة للحكومة المنتظرة.

ومباشرة بعد تلقيها رسالة سعيد، انطلقت الأحزاب والكتل البرلمانية في بحث مقترحاتها بشأن الشخصيات التي تراها مؤهلة لتشكيل الحكومة، ودخل كثير منها في مفاوضات لبحث اقتراح شخصيات مشتركة، وسيكون على الرئيس، في غضون الأيام الأربعة المقبلة، الدخول في مشاورات مع ممثلي الأحزاب والكتل للاتفاق على اسم الشخصية التي سيتم تكليفها رسمياً لتشكيل الحكومة والإعلان عنها، على أن ينتهي ذلك قبل منتصف ليل الإثنين 20 يناير/ كانون الثاني الحالي على أقصى تقدير، وفقاً لما ينص عليه الفصل 89 من الدستور.


وفي صورة مفاجئة، عاد الهدوء إلى الأحزاب والكتل التونسية، وساد جو من المفاوضات المشتركة، وتخلّى كثير منهم عن شروطه المجحفة التي برزت مع مباحثات تشكيل الحكومة السابقة، وكأن ما يفشل تحت خيمة "النهضة" التي رشحت الجملي لتأليف الحكومة، ينجح تحت خيمة الرئيس. وبرزت تكتلات جديدة تسعى لتجميع أكبر عدد ممكن من أصوات النواب خلف الشخصيات المقترحة، باستثناء الحزب "الدستوري الحر" الذي أعلن أنّه لن يرسل مقترحات متعلقة بشخصية رئيس الحكومة لرئيس الجمهورية.

وأكد النائب عن "الدستوري الحر" مجدي بوذينة، في تصريح إذاعي، اليوم الخميس، أنّ الحزب "يتعهد بالتصويت للحكومة الجديدة في حال تعهد رئيس الحكومة الجديدة بالقطع مع الإسلام السياسي"، مشيراً إلى أنه "حان الوقت لدخول حركة النهضة إلى المعارضة".

وفي المقابل، رشح المكتب السياسي لحزب "الرحمة" رئيس الحزب سعيد الجزيري لتشكيل للحكومة، فيما أعلن "ائتلاف الكرامة"، مساء الأربعاء، عن ترشيح عماد الدايمي لمنصب رئيس الحكومة.

وقال "ائتلاف الكرامة" على صفحته الرسمية على "فيسبوك"، إنه تم اختيار الدايمي بعد انتخابات داخلية شملت 8 أسماء، لم يذكرها.

أما بقية الأحزاب والكتل: "النهضة"، و"قلب تونس"، و"التيار الديمقراطي"، و"حركة الشعب"، و"تحيا تونس"، و"كتلة الإصلاح الوطني"، و"كتلة المستقبل"، فتسعى كل مجموعة منها إلى توحيد اقتراحاتها بشأن الشخصية المقترحة لتولي الحكومة.

وفيما يلتقي كل من هذه الأحزاب والكتل بالآخر، تشير المؤشرات إلى أنّ "قلب تونس"، و"تحيا تونس"، و"كتلة الإصلاح الوطني"، و"كتلة المستقبل"، تقترب من الاتفاق حول الشخصية المقترحة، كما هو الشأن بالنسبة "لحركة الشعب" و"التيار الديمقراطي"، رغم أنّ موقفي "النهضة"، و"تحيا تونس" لم يتبيّنا بالشكل الكافي.

وتؤكد مصادر حزبية لـ"العربي الجديد"، أنّ "النهضة" أقرب للانضمام للتكتل الأول، وهو ما سيتضح خلال الساعات المقبلة.