رسائل إيرانية متعدّدة في أسبوع المناورات العسكرية

رسائل إيرانية متعدّدة في أسبوع المناورات العسكرية

26 ديسمبر 2014
تجري المناورات على مساحة 2.2 مليون كيلومتر مربع (الأناضول)
+ الخط -
بدأ الجيش الإيراني مناورات ضخمة، تشمل مناطق شاسعة جنوب وشرق البلاد، إذ تقوم القوات البرية والبحرية والجوية، التابعة للجيش في الأيام المقبلة بتدريبات مكثفة، تمتد على مساحة 2.2 مليون كيلومتر مربع.

وأكد متحدثون باسم الجيش، بأن "المناورات ستشمل كذلك مناطق تمتد من شرق مضيق هرمز حتى المياه الدولية الحرة في بحر عمان، وصولاً إلى مناطق شمال المحيط الهندي. وذلك للتأكد من جهوزية المنظومة العسكرية التي تمتلكها قوات الجيش الإيراني"، حسب تعبيرهم.

ونقلت وكالة "أنباء فارس" الإيرانية، عن نائب قائد الجيش والمسؤول عن هذه المناورات عبد الرحيم موسوي، قوله بإن "هذه التدريبات تأتي للارتقاء بالقدرة الدفاعية للبلاد، ولا تهدف لتهديد أي طرف في المنطقة. خصوصاً أن جزءاً من هذه المناورات، يجري في مضيق هرمز بالقرب من الدول الخليجية".

وعلى الرغم أن هذه المناورات تشمل تدريبات متعددة ومختلفة لكل القوات التابعة للجيش، إلا أن اليوم الأول منها، ركّز على تدريبات من نوع خاص، كان أبرزها اختبار طائرات من دون طيار، وتمّت تجربة طائرة من طراز "شاهين"، وهي من الجيل الرابع لطائرات "مهاجر" المحلية الصنع.

ويبلغ وزن هذه الطائرة 320 كيلوغراماً وهي من أثقل الطائرات من دون طيار التي يمتلكها الجيش الإيراني، وتستطيع أن تتحرك لمسافة 150 كيلومتراً والعودة لنقطة الانطلاق دون توقف، ما يعني أنها تستطيع الحركة في اتجاه واحد لمسافة 300 كيلومتر. وتقع على عاتقها مهمة الرصد والمراقبة، وتستطيع، كما بعض الأنواع الأخرى لطائرات من دون طيار، أن توصل المعلومات للمركز وتصوير المناطق المطلوبة.

وأفاد قائد وحدة "مهاجر"، في الجيش الإيراني رضا خاكي، أنه "تمّت تجربة هذا الطراز وغيره خلال اليوم الأول من المناورات، وباتت الطائرات من دون طيار جزءاً لا يتجزأ من المنظومة العسكرية الإيرانية". أضاف أنها "تستطيع إصابة الهدف على بعد 250 كيلومتراً، وعند الضرورة ستزوّد بها الحدود الإيرانية لمراقبة التهديدات المحدقة بالبلاد".

وتُعتبر تكنولوجيا الطائرات من دون طيار، حديثة العهد في إيران، مقارنة ببقية الأسلحة التي تمتلكها القوات الإيرانية، كالمنظومة الصاروخية. وبدأ كل شيء، حين أسقطت إيران طائرة "آر كيو 170" الأميركية، بالقرب من الحدود الشرقية مع أفغانستان، قبل أكثر من ثلاث سنوات. وسارعت بعدها لاستنساخ النموذج، وتصنيع طائرة شبيهة، قامت بتجربتها قبل مدة، لتنضم إلى نماذج أخرى مصنّعة محليّاً.

وفي استعراض هذه الطائرات في المناورات التي اعتاد الجيش الإيراني على تكرارها بين الفينة والأخرى، رسائل لأعداء إيران كما يقول المراقبون، فالبلاد تسعى إلى تشكيل قوة ردع في وقت تتشابك فيه الكثير من ملفاتها مع الآخرين.

من جهة ثانية، ركزت القوات البرية التابعة للجيش، على إجراء تدريبات تحاكي عمليات تحرير رهائن، وقام أفراد من القوات البرية الخاصة بالقفز بالمظلات من طائرات نقل عسكرية من طراز "سي 130"، وأدوا هذه العملية، مع افتراض أن الرهائن كانوا مختطفين إلى خارج الحدود الإيرانية.

ولهذه المناورات أهمية خصوصاً لدى القوات الإيرانية، فبعد أن أعلن وزير الاستخبارات الإيراني محمود واعظي، عن إلقاء القبض على ثلاثة أفراد، قال إنهم "قادة لجماعات إرهابية كانوا يخططون لتنفيذ هجمات وتفجيرات بين المدنيين، خلال مراسم أواخر شهر صفر (ديسمبر/كانون الأول الحالي) الدينية"، قال قائد قوات حرس الحدود لقوى الأمن الداخلي الإيراني، العميد قاسم رضائي، يوم الخميس، كذلك إن "قواته ألقت القبض على ثلاثة أشخاص وبحوزتهم متفجرات، بالقرب من الحدود الشمالية الغربية للبلاد".

تحاط إيران، اليوم، بتهديدات حدودية حقيقية، فمن الشرق تواجه البلاد خطر بعض الجماعات المسلحة التي تشتبك بالفعل بين الفينة والأخرى مع حرس الحدود الإيراني على الشريط الحدودي في إقليم سيستان وبلوشستان المحاذي لباكستان، وسقط بعض الإيرانيين بين قتلى وجرحى إثر الاشتباكات المتكررة على تلك الجهة. وحمّلت طهران المسؤولية للحكومة الباكستانية، كون بعض أفراد المجموعات، يفرّون إلى داخل أراضيها ويتحركون بحرية على الشريط الحدودي، الذي يتميز بتضاريس جغرافية صعبة ليس من السهل مراقبتها".

من جهة ثانية، تمتد الحدود العراقية غربي إيران وتصل إلى الشمال والجنوب الغربي، وعلى الرغم أن المتحدثين العسكريين الإيرانيين قالوا أكثر من مرة أن حرس الحدود، ومعه قوات الحرس الثوري، يراقبون تلك المناطق عن كثب، إلا أن التصريحات باعتقال أشخاص شمال غربي البلاد، فضلاً عن تصريحات سابقة أخرى، أشارت إلى اعتقال باكستانيين وأفغان كانوا ينوون الانضمام لصفوف تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) في العراق عبر حدود هذا البلد مع إيران. ما يشير إلى أن الشريط الحدودي يشكّل مصدر قلق أيضاً.

لكن تكرار هذا النوع من المناورات العسكرية، سواء تلك التي يجريها الجيش أو قوات الحرس الثوري بين الفينة والأخرى، تجعل المناورات إجراءً إيرانيّاً طبيعيّاً، بل وواجباً في كثير من الأحيان، حسب ما يقول مراقبو الساحة الإيرانية. فالملفات في البلاد وفي المنطقة وعلاقات طهران بها، كثيرة ومتشابكة، وهو ما يجعل إيران تضع استعراض العسكر إلى جانب خطاب الديبلوماسية، الذي تتبنّاه الحكومة برئاسة حسن روحاني، عسى أن تُشكّل البلاد قوة ردع تحميها.

المساهمون