شبوة: الشرعية اليمنية تستعيد المبادرة والانفصاليون يحشدون للرد

شبوة: الشرعية اليمنية تستعيد المبادرة والانفصاليون يحشدون للرد

25 اغسطس 2019
يحاول الانفصاليون تدارك خسارتهم في شبوة (نبيل حسن/فرانس برس)
+ الخط -
واصلت القوات الموالية للحكومة اليمنية أمس السبت التقدّم في محافظة شبوة، وتحديداً في مدينة عتق مركز المحافظة، والسيطرة على مواقع كان الانفصاليون من أتباع الإمارات قد تقدّموا إليها في محاولتهم السيطرة على المدينة، بعد عدن وأبين، غير أن الشرعية نجحت منذ يوم الجمعة في استعادة المبادرة، وهو ما دفع "المجلس الانتقالي الجنوبي" الموالي للإمارات للإعلان مساء الجمعة عن التجاوب مع دعوة الرياض للحوار، والدعوة لوقف إطلاق النار. غير أن ذلك لا يعني أن المعركة في شبوة قد انتهت، إذ كشفت مصادر لـ"العربي الجديد" أن "الانتقالي الجنوبي" يقوم بحشد تعزيزات من محافظات الضالع ولحج وأبين وعدن، وإرسالها إلى شبوة، في محاولة لتدارك الموقف العسكري، بعدما بدت الهزيمة في المحافظة الاستراتيجية اليمنية، تطوراً مفصلياً من شأنه أن يعيد خلط الأوراق يمنياً، وخصوصاً بالنسبة للانفصاليين، الذين يرفعون شعار استعادة السيطرة على مناطق الشطر الجنوبي من اليمن وفقاً للتقسيم الذي كان سائداً حتى إعادة توحيد البلاد عام 1990.

وأكدت مصادر حكومية وأخرى محلية لـ"العربي الجديد"، أمس السبت، استمرار قوات الجيش الموالية للشرعية، بالتقدّم على أكثر من محور في مدينة عتق، واستعادة السيطرة على المعسكرات الخاضعة لمليشيات "النخبة الشبوانية"، الذراع المحلي لأبوظبي، والتي دفعتها الأخيرة، إلى معركة خاسرة بمحاولة اقتحام عتق اعتباراً من الخميس الماضي. وأوضحت المصادر أن القوات الحكومية استعادت السيطرة على معسكر "الشهداء" قرب مدينة عتق، بعد ساعات من انتزاع السيطرة على معسكري "ثمد" و"مرة"، من أيدي "النخبة الشبوانية". كما تمكّنت قوات الشرعية من السيطرة على مقر "المجلس الانتقالي الجنوبي"، والذي كان يتواجد فيه نحو 30 فرداً من أنصار المجلس سلموا أنفسهم إلى جانب عربات عسكرية.


وبعكس الممارسات التي شهدتها عدن بعد سيطرة "الانتقالي" عليها، باقتحام منازل مسؤولين في الشرعية، سعت قيادة السلطة المحلية في محافظة شبوة إلى تقديم نموذج متفرد، ووجّه المحافظ محمد صالح بن عديو، الجمعة "رجال الجيش والأمن"، بالعمل على "حماية الممتلكات العامة والخاصة وبسط الأمن في عاصمة المحافظة وإظهار القيم الأصيلة لأبناء محافظة شبوة وحسن التعامل وإشاعة روح الإخاء والتسامح وتضميد الجراح".

في المقابل، وفي ظل الهزيمة العسكرية الكبيرة التي تعرض لها "الانتقالي" وحلفاء أبوظبي، أكدت مصادر متطابقة تابعة لـ"الانتقالي الجنوبي"، أنه بدأ اعتباراً من مساء الجمعة الماضي، حشد تعزيزات من محافظات الضالع ولحج وأبين وعدن، وإرسالها إلى شبوة. وأعلنت قيادات في "الحزام الأمني" في بيانات رسمية خلال الساعات الماضية، إرسال تعزيزات إلى شبوة، وسط أنباء عن تولي القيادي السلفي المقرب من أبوظبي، هاني بن بريك، ملف الإعداد والحشد العسكري باتجاه شبوة. وتعزز موقف الانفصاليين بالسعي إلى استئناف معركة شبوة بأي ثمن، مع تصريح للقيادي في المجلس، لطفي شطارة، والذي كتب على حسابه في موقع "تويتر": "شغل أربع سنوات لن يضيع في ليلة... حتى الجنان يشتي (يحتاج) له عقل"، مرفقاً بتغريدته، صورةً للمدرعات الإماراتية، للتلميح بأن "الانتقالي" لن يستسلم، فضلاً عن الإشارة إلى أن خسارة المعركة في شبوة، تعني خسارة المشروع الذي يعمل على تحقيقه الانفصاليون بدعم لامحدود من أبوظبي، منذ سنوات.
وفي السياق، كشفت مصادر لـ"العربي الجديد"، أن غرفة العمليات التابعة للإمارات و"الانتقالي" دفعت بقوات من جماعة طارق صالح لمساندة وكلائها في شبوة.

ويأتي إرسال تعزيزات إلى شبوة، على الرغم من البيان اللافت الذي أصدره المتحدث باسم "المجلس الانتقالي"، نزار هيثم، ودعا فيه إلى وقف إطلاق النار، وحمل مضامين تعزز تعرض الانفصاليين لانتكاسة، لجأوا معها للتراجع خطوة إلى الوراء عن لغة التصعيد. وقال هيثم إن "التطورات الأخيرة أثبتت بما لا يدع مجالا للشك، وجوب أن يكون للجنوب تمثيل كامل وأساسي في أي مفاوضات مقبلة تقودها الأمم المتحدة". كما أكد التجاوب مع دعوة السعودية للحوار "بين الأطراف اليمنية بما يحقق تطلعات وآمال الشعب اليمني". وحمل البيان إشارات مثيرة للاستفهام، على غرار التحذير من التعرض لقوات التحالف في المناطق الجنوبية في اليمن.

وكشفت مصادر قبلية وأخرى سياسية لـ"العربي الجديد" عن أن من العوامل التي أدت لهزيمة أتباع الإمارات في شبوة هي ميل القبائل في المنطقة للدولة والشرعية وعدم وجود نزعة انفصالية كبيرة في شبوة، فضلاً عن الترابط القبلي بين شبوة ومأرب والبيضاء وحضرموت، ما دفع إلى مساندة القبائل بعضها البعض ضد ما تعتبره مواجهة عدو يستهدف كيان القبيلة.
ومن العوامل الأخرى، وفق ما قالت مصادر محلية لـ"العربي الجديد"، عدم رغبة الفرنسيين بنقل الصراع إلى المحافظة، وهم يملكون أكبر مشروع استثماري في اليمن يتمثل في الغاز الطبيعي المسال بواسطة شركة "توتال"، وهو مشروع يربط شبوة ومأرب. كذلك فإن فعاليات حضرموت تدرك أن سقوط شبوة بيد الإمارات سيعني أن المعركة المقبلة ستكون باتجاه حضرموت، وسيأتي الدور لاحقاً على مأرب، لذلك اندفعت أطراف من هاتين المنطقتين إلى مساندة القوات الحكومية في شبوة.

وقالت مصادر محلية إن من أسباب عدم تلبية قبائل شبوة دعوة وكلاء الإمارات لمواجهة الشرعية، هو أن "الانتقالي" لم يتمكن من كسب قيادات ومشايخ القبائل في تلك المحافظة، وحاول الاستعانة بشخصيات ليس لها حضور قبلي مهم، لذلك لم تبرز في الواجهة شخصيات قبلية بارزة، حتى أن عضو هيئة رئاسة "المجلس الانتقالي" الشيخ القبلي البارز صالح بن فريد العولقي لم يظهر على الساحة منذ فترة، ما قد يشير إلى أنه يرفض نقل الصراع إلى شبوة.
في السياق، كان واضحاً أن الحضور السعودي المباشر من خلال قوات أرسلتها الرياض إلى شبوة يوم الخميس الماضي، مثّل عاملاً مهماً في الانتكاسة التي تعرضت لها أبوظبي، على نحوٍ تعززت معه المعلومات بشأن الخلافات الكبيرة بين الرياض وأبوظبي، الأمر الذي انعكس أيضاً من خلال تصريحات إعلاميين سعوديين على مواقع التواصل الاجتماعي، أثاروا استفسارات لافتة بشأن التصعيد الإماراتي، والتأكيد أن ما يجري في الجنوب اليمني، لا يصب سوى في خدمة إيران وحلفائها جماعة "أنصار الله" (الحوثيين)، في اتهام ضمني لأبوظبي بتفجير الوضع عسكرياً في اليمن، خدمة لطهران.

المساهمون