4 سيناريوهات لعلاقة بريطانية ـ أوروبية جديدة

4 سيناريوهات لعلاقة بريطانية ـ أوروبية جديدة

09 ديسمبر 2016
متظاهرون رافضون للبريكسيت (دانيال ليل ـ أوليفاس/فرانس برس)
+ الخط -

حسم مجلس العموم البريطاني، يوم الأربعاء، النقاش حول إمكانية تراجع بريطانيا عن الخروج من الاتحاد الأوروبي، أو إمكانية نقض النواب نتيجة استفتاء 23 يونيو/ حزيران الماضي. بالتالي صوّت 448 نائباً من أصل 650 على دعم الجدول الزمني الذي حددته رئيسة الوزراء، تيريزا ماي، لتفعيل المادة 50 من معاهدة لشبونة، التي تؤذن ببدء عملية الخروج من الاتحاد الأوروبي.

في هذا السياق، بينما كانت المحكمة الأعلى في بريطانيا تواصل النظر في استئناف الحكم الصادر عن محكمة لندن العليا مطلع نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، بشأن التنازع حول الصلاحية المتعلقة بدور كل من الحكومة والبرلمان في إطلاق عملية الانفصال عن الاتحاد الأوروبي، وافق غالبية مجلس العموم البريطاني الأربعاء، على "احترام قرار بريطانيا، التي عبّرت عنه في استفتاء يونيو الماضي، والموافقة على تفعيل الحكومة للمادة 50 من معاهدة لشبونة، بحلول 31 مارس/آذار 2017". ولكن نواب الشعب اشترطوا على الحكومة إعلان بيان مفصل حول خطتها في مفاوضات الخروج من الاتحاد، قبل المضي فعليا في المفاوضات. وهو الأمر الذي يفتح باباً جديداً للخلاف بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، فبينما تطالب الأولى بالشفافية لإطلاع الشعب على خطة الحكومة للخروج، تتمسك الحكومة بعدم "عقلانية" كشف أوراقها التفاوضية، بينما تواجه مفاوضين أوروبيين متمرسين ومتشددين.

ومع أن رئيسة الوزراء البريطانية، التي تسعى إلى "نموذج غير مسبوق" من الاتحاد الأوروبي، لا ترغب بالكشف عن كامل أوراق استراتيجيتها للتفاوض مع الأوروبيين، إلا أن الخيارات المُتاحة أمام بريطانيا في علاقتها المستقبلية مع الاتحاد الأوروبي تظل محصورة في أربعة سيناريوهات.

السيناريو الأول، أن تختار بريطانيا "نموذج النرويج ـ إيسلندا ـ ليشتنشتاين"، ما يعني بقاءها عضوة في المنطقة الاقتصادية الأوروبية المعروفة باسم "السوق الأوروبية الموحّدة"، وفي مقابل ذلك، تمنح بريطانيا حرية الإقامة والعمل فيها لجميع مواطني الاتحاد، مع الالتزام بجميع القواعد المعمول بها داخل الاتحاد، باستثناء قواعد الاتحاد الخاصة بالزراعة والصيد والعدالة والشؤون الداخلية.

السيناريو الثاني، هو "النموذج السويسري"، الذي يلزم بريطانيا بمنح حرية الإقامة والعمل فيها لجميع مواطني الاتحاد الأوروبي، في مقابل فتح جزئي للسوق الموحدة أمام بعض القطاعات الاقتصادية والتجارية البريطانية.

السيناريو الثالث، هو "النموذج الكندي"، إذ يُمكن لبريطانيا التفاوض مع الاتحاد الأوروبي لإنجاز اتفاقية تجارية واقتصادية شاملة، من دون الالتزام بحرية تنقل الأفراد.



السيناريو الرابع، هو "نموذج سنغافورة وهونغ كونغ"، الذي يعني اتّباع بريطانيا سياسة تجارة حرة أحادية، تسقط كل الرسوم الجمركية، وتعتمد العمل بقواعد منظمة التجارة العالمية، بما في ذلك مع دول الاتحاد الأوروبي.

وتأمل حكومة تيريزا ماي أن تنجح في تحقيق "أفضل اتفاقية" تُمكّن بريطانيا من البقاء في السوق الأوروبية الموحدة، من دون تقديم تنازلات في ملف فتح حدودها أمام حرية تنقل الأفراد الأوروبيين للإقامة والعمل في أراضيها. وهي المهمة التي لا تبدو سهلة مع إصرار المسؤولين الأوروبيين على أنه "لا يمكن أن يتحقق لبريطانيا الوصول الكامل إلى السوق الموحدة، دون الالتزام بحريات التنقل الأربع: الأفراد، والخدمات، والسلع، ورؤوس الأموال".

وعلى خلفية الجدل الدستوري والقضائي الدائر في بريطانيا، أنهى قضاة المحكمة الأعلى، أمس النظر في استئناف الحكم الصادر عن محكمة لندن العليا مطلع نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بشأن التنازع حول الصلاحية المتعلقة بدور كل من الحكومة والبرلمان في إطلاق عملية الانفصال عن الاتحاد الأوروبي. واستمعت المحكمة المكونة من 10 قضاة وقاضية، طيلة أربعة أيام، إلى دفاع الحكومة ضد إلزامها بمشاورة البرلمان، قبل تفعيل المادة 50 من معاهدة لشبونة لبدء عملية الخروج.

واعتبر الدفاع الممثل لماي، أن "رئيسة الحكومة، تملك السلطة الدستورية المتعلقة بالشؤون الخارجية، بما فيها الانسحاب من المعاهدات الدولية، دون الرجوع للبرلمان. أما رافعو الدعوى ضد الحكومة، فرأوا أن "الأعراف الدستورية في بريطانيا تنصّ على أن تفعيل المادة 50 هو من صلاحيات البرلمان، وأي رئيس وزراء يستعمل صلاحياته التنفيذية لبدء الإجراءات، سيكون قد انتهك القانون لأنه خالف قانون 1972، الذي نص على دخول بريطانيا الاتحاد الأوروبي، ذلك أن التشريع لا يلغى إلا بتشريع آخر، وفق الأعراف الدستورية".