خطة أميركية لتبييض صفحة بن سلمان بتسليمه المصالحة الأفغانية

خطة أميركية لتبييض صفحة بن سلمان بتسليمه المصالحة الأفغانية

31 ديسمبر 2018
تحركات لنقل المفاوضات الأفغانية لأبوظبي ثم للرياض(صول لويب/فرانس برس)
+ الخط -
لا توفر الإدارة الأميركية وسيلة لمحاولة تبييض صفحة القيادة السعودية، وولي العهد محمد بن سلمان تحديداً، إلا تلجأ إليها، في إطار معالجة أزمة ما بعد قتل الإعلامي السعودي جمال خاشقجي في إسطنبول، واحتمال تورط القيادة السعودية مباشرة فيها، فضلاً عن المشاكل التي تتهم الرياض بإثارتها في المنطقة، بدءاً من حرب اليمن، مروراً بمحاولة حصار قطر، وصولاً إلى السلوك العدائي إزاء شخصيات سياسية حليفة، كرئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري، الذي احتجز لأيام في المملكة قبل عام من اليوم، حيث أرغم على تقديم استقالته.

هذه المحاولات الأميركية الجديدة لتسطير صك براءة باسم ولي العهد السعودي، اختصرتها مصادر عربية متابعة للملف الأفغاني، بالقول لـ"العربي الجديد"، إن مسؤولاً أميركياً رفيع المستوى طلب من مسؤولين باكستانيين في الحكومة الحالية الحليفة للرياض، أن يضغطوا على حركة طالبان ــ أفغانستان، التي تُتّهَم إسلام آباد بدعمها، بهدف نقل المفاوضات السياسية الجاري العمل لإنجازها برعاية أميركية، مع الحكومة الأفغانية، إلى أبوظبي. 

خطوة ترغب إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في أن تكون تمهيدية استباقاً لتسليم الملف إلى القيادة السعودية، إذ من المقرر، بحسب الخطة الأميركية الموضوعة، أن يتم توقيع اتفاق سلام بين حركة طالبان من جهة، والحكومة الأفغانية من جهة ثانية، في الرياض، في حال نجحت المفاوضات المقرر نقلها إلى دولة الإمارات، وذلك في سياق تصوير ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، في عيون الغرب تحديداً، على أنه صانع سلام ووسيط ناجح في حل النزاعات الدموية، لما للملف الأفغاني من أهمية خاصة في دوائر دول الغرب المشاركة في القوة الأطلسية المقاتلة في أفغانستان منذ غزو عام 2001. 

وعلم موقع "العربي الجديد" أن الإمارات أودعت مبلغ 3 مليارات دولار في البنك المركزي الباكستاني كجزء من "الرشوة السياسية" التي يفترض أن تسرّع الضغط الباكستاني على حركة "طالبان" للسير في التفاوض مع الحكومة الأفغانية والطرف الأميركي في أبوظبي، ثم في الرياض، تماماً مثلما سبق لأبوظبي أن فعلت قبل نحو شهرين عندما أودعت ثلاثة مليارات دولار أيضاً في المصرف المركزي الإثيوبي لمنح أبوظبي دور الوسيط بين إثيوبيا وإريتريا، في إطار المصالحة بين البلدين اللذين تملك الإمارات مصالح مالية وعسكرية فيهما، وفي منطقة القرن الأفريقي عموماً.

واللافت أن أبوظبي التي تسعى اليوم، بالنيابة عن الرياض، لتأدية دور أساسي في احتضان مفاوضات "طالبان" والحكومة الأفغانية، هي نفسها التي كانت حتى الأمس القريب تشنّ حملات إعلامية وسياسية ضد دولة قطر، تحديداً من بوابة استضافة الدوحة مكتباً سياسياً لحركة "طالبان" في إطار مساعيها، منذ عهد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، لرعاية مفاوضات سلمية تنهي الحرب الأهلية المستمرة في هذا البلد منذ عقود. 

وسبق لمسؤولين أميركيين كثيرين أن اعترفوا بأن فكرة فتح مكتب سياسي لممثلين عن طالبان في قطر أتت بناء على طلبات باراك أوباما في ولايته الأولى، وقد تجاوبت معها الدوحة في حينه، وهو ما جعلها تتحمل حملات اتهامية من الدول المحسوبة على محور الرياض ــ أبوظبي، اللتين تستعجلان احتضان تلك المفاوضات اليوم. 

 

ولطالما اتهمت السعودية والإمارات تحديداً، بدعم حركة "طالبان"، خصوصاً قبل أحداث 11 سبتمبر/ أيلول 2001، بالمال والسلاح والمقاتلين، حتى أن دبي ظلّت، حتى الأمس القريب، مقر إقامة عدد من ممولي الحركة من أفغان وباكستانيين، ومقرا لحركة تبييض أموال تصل إلى الحركة، وهو ما أكدته تقارير مالية دولية عدة.

ومنذ تعيينه مبعوثاً أميركياً خاصاً للشأن الأفغاني في سبتمبر/أيلول الماضي، يحاول زلماي خليل زاد جمع "طالبان" والحكومة الأفغانية على طاولة مفاوضات. وقد أجرى لتحقيق هذا الهدف، لقاءً اعترفت به واشنطن مع ممثلين عن الحركة في 13 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي في الدوحة، في اجتماع كان الثاني من نوعه خلال أربعة أشهر بين مسؤولين أميركيين وممثلين عن الحركة الأفغانية. 

وبعد هذا الاجتماع في قطر، قام خليل زاد بجولة استغرقت 11 يوماً لزيارة أفغانستان وباكستان والإمارات وقطر والسعودية في إطار وساطته التي لا تزال "طالبان" ترفض بموجبها التفاوض مع الحكومة الأفغانية، وتشترط في المقابل مفاوضات مباشرة مع الطرف الأميركي، على اعتبار أنه "صاحب القرار" الفعلي في ما يتعلق بالملف الأفغاني. ويزيد هذا الموقف من الضغوط الأميركية على باكستان لكي تضغط بدورها على "طالبان"، وقد انتقلت اليوم إلى مستوى جديد، مع ضخ المليارات الإماراتية الثلاثة في المصرف المركزي الباكستاني لنقل المفاوضات إلى أبوظبي، ثم إلى الرياض، في إطار إعادة تبييض صورة محمد بن سلمان.