"فجر الجرود"... الجيش اللبناني يقاتل "داعش" في آخر معاقله

معركة "فجر الجرود"... الجيش اللبناني يقاتل "داعش" في آخر معاقله

20 اغسطس 2017
حظي الجيش بدعم لوجستي وعسكري من دول غربية(فرانس برس)
+ الخط -
انتهت آمال تنظيم "داعش" الإرهابي بالوصول إلى مياه البحر المتوسط عبر الأراضي اللبنانية، واقتصر انتشاره منذ سنوات في المنطقة الجردية المتداخلة بين لبنان وسورية شرقاً، قبل أن يبادر الجيش اللبناني للإعلان عن إطلاق عملية "تحرير الأراضي اللبنانية التي يسيطر عليها التنظيم".

استعادة المبادرة
انتزع "داعش" البيعة من مقاتلي التنظيمات السورية ومن مقاتلي "جبهة النصرة" بالترغيب والترهيب، وتخللت مسيرة سيطرته على مناطق حدودية بين لبنان وسورية الكثير من المعارك الداخلية وأخرى مع "النصرة". اليوم يستعيد الجيش اللبناني زمام المبادرة الميدانية مع عملية "فجر الجرود" التي أطلقها، فجر أمس السبت، لاستعادة السيطرة على مناطق انتشار "داعش" على طول الخط الحدودي الذي يشمل جرود بلدات الفاكهة ورأس بعلبك والقاع، مستفيداً من التقدّم الذي حققه "حزب الله" عام 2015، واستأنفه قبل شهر عبر السيطرة على جرد بلدة عرسال.

ومهّد الجيش للمعركة من خلال تكثيف القصف المدفعي والجوي لمواقع "داعش" واستكمال الطوق العسكري حول مواقع التنظيم المحاصر شرقاً وشمالاً من قبل قوات النظام السوري والحزب، وغرباً من قبل قوات الجيش اللبناني الذي خسر عدداً من عناصره في هجمات خاطفة شنّها التنظيم على مواقعه المتقدّمة في جرد رأس بعلبك. وشهد عاما 2014 و2015 تعزيزاً كبيراً لمواقع الجيش الحدودية إثر تقدّم "داعش" إلى داخل بلدة عرسال وتنفيذه سلسلة عمليات انتحارية في بلدة القاع، ومحاولته تنفيذ عمليات مشابهة في بلدة رأس بعلبك أيضاً.

وحظي الجيش اللبناني بدعم لوجستي وعسكري كبير من دول غربية عديدة، كفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة الأميركية، وهو ما سمح له بتجهيز فوجين بريين وتأسيس ثالث لحماية الحدود ومحاربة خطر "داعش" و"النصرة" الذي استجد شرقاً. كما تم تعزيز مختلف الألوية المقاتلة من المدفعية والمشاة والمدرعات والقوات الخاصة وسلاح الجو بأعتدة حديثة نسبياً لم يعهد الجيش اللبناني استخدامها في المعارك سابقاً، كطائرات "سيسنا كارافان" الأميركية المخصصة أصلاً للتدريب قبل تزويدها بمنصات إطلاق صواريخ جو - أرض من طراز "هلفاير"، ومدفعية ميدان وقناصات ومدرعات "برادلي" وطائرات استطلاع مسيّرة.


وبعكس كل التصريحات المعلنة للمسؤولين السياسيين والعسكريين اللبنانيين التي تنفي أي تنسيق ميداني مع "حزب الله" وقوات النظام السوري، تكشف العمليات الميدانية وجود هذا التنسيق وصعوبة قيام الجيش بأي عملية عسكرية (استطلاع، تقدّم، نقل قوات، قصف مدفعي وجوي) من دون التنسيق مع قوات الحزب المنتشرة في الأراضي اللبنانية والسورية. كما سُجل التنسيق مبكراً في أول يوم من عمليات الجيش البرية من خلال انتقال موكب تابع للأمن العام والصليب الأحمر إلى نقطة الزمراني الحدودية من داخل جرد بلدة عرسال الذي يسيطر عليه الحزب، بعد أن نقل مقاتلوه معلومات للأمن العام عن وجود العسكريين المخطوفين منذ عام 2014 لدى "داعش" في هذه النقطة، وذلك بحسب ما أدلت به مجموعة من "داعش" استسلمت لقوات الحزب بعد ساعات من انطلاق المعركة. ويُشكّل مصير العسكريين المخطوفين هاجساً لعائلاتهم التي واكبت مصير الخطف وأملت خيراً بعد إنجاز صفقة التبادل بين الجانب اللبناني و"النصرة" التي أطلقت سراح 9 عسكريين لديها. ويتابع الأهالي مسار المعركة من خيم اعتصامهم في ساحة رياض الصلح، قرب السراي الحكومي في العاصمة بيروت.


توقيت المعركة

لخّص الجيش اللبناني أهداف عملية "فجر الجرود" بـ"تحرير الأراضي اللبنانية" و"كشف مصير العسكريين المخطوفين"، من دون وضع توقيت مرتقب لتحقيق هذين الهدفين. وتساعده على تحقيق أهدافه جملة معطيات ميدانية تتعارض سياسياً، وهي الدعم العسكري الكبير للجيش من الدول الغربية، وتزامن عمليته مع تقدّم مقاتلي "حزب الله" والنظام السوري من الشرق باتجاه الغرب للسيطرة على مواقع "داعش". ومن شأن هذه العملية أن تُعيد الثقة المحلية والدولية بالجيش، الذي أدى دوراً ثانوياً على الحدود خلال السنوات الماضية، في مقابل قتال "حزب الله" على الجهتين اللبنانية والسورية بغطاء سياسي من الرؤساء الثلاثة (ميشال عون ونبيه بري وسعد الحريري) ومشروعية فضفاضة عبر إعلانه عن "مكافحة الإرهاب عبر الحدود".
وأطلق الجيش العملية الأخيرة على الرغم من تسجيل نقص في عديد قواته حال دون تسلّمه المواقع العسكرية في جرد عرسال من مقاتلي "حزب الله"، بحسب ما أعلن الأمين العام للحزب حسن نصر الله. وبعكس الحزب الذي يملك رؤية واضحة لملف الحدود تتلخص بتأمين المسار البري لنقل الأسلحة من إيران إليه عبر الحدود اللبنانية - السورية، تُكبّل الخلافات الحكومية الكبيرة حول الملف السوري حركة الجيش وتؤثر على فعالية انتشاره الحدودي بشكل كبير.

المساهمون