كورونا يؤجل ملف الهيئات والمحكمة الدستورية في تونس

كورونا يؤجل ملف الهيئات والمحكمة الدستورية في تونس

تونس

آدم يوسف

avata
آدم يوسف
29 مارس 2020
+ الخط -

يتجه البرلمان التونسي إلى تأجيل جديد لملف استكمال انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية، وإرساء بقية الهيئات المنصوص عليها في دستور الثورة، والمعطلة منذ ست سنوات، وهذه المرة بسبب جائحة كورونا التي أربكت نشاط مجلس النواب أخيراً.

وانقضت منذ الأسبوع الماضي الفترة المخصصة لقبول الترشيحات لعضوية المحكمة الدستورية من قبل الكتل البرلمانية في مجلس النواب التونسي، بينما لم يفصح مكتب البرلمان بعد عن قائمة الخبراء والأساتذة المرشحين لعضوية هذه المؤسسة الدستورية، بل إنّ مجلس النواب عمد إلى إرجاء اجتماع اللجنة الانتخابية التي كانت مبرمجة صباح غد الإثنين، للنظر في الترشيحات، بحسب الرزنامة الانتخابية التي كان قد أعلنها رئيس البرلمان راشد الغنوشي منذ أسابيع.

ولم يُعلن مجلس النواب عن المواعيد والرزنامة الجديدة لانتخاب بقية أعضاء المحكمة الدستورية، فيما كان قد حدّد مكتب البرلمان نهاية شهر مارس/ آذار الحالي موعداً لانقضاء فترة النظر في الترشيحات، على أن تُخصص بداية شهر إبريل/ نيسان المقبل للجلسات الانتخابية.

ويعيش البرلمان التونسي منذ أسبوع شللاً واضحاً في مختلف لجانه التشريعية والقطاعية بسبب وباء كورونا، والمخاوف من انتشار العدوى تحت قبة البرلمان، لتعلّق كل اللجان أنشطتها وتؤجّلها إلى مواعيد غير معلومة، ويقتصر عمل البرلمان على اجتماعات دورية لخلية الأزمة التي يرأسها رئيس مجلس نواب الشعب راشد الغنوشي، وتضم مكتب البرلمان ورؤساء الكتل.

ويتوقع أن يتواصل التعليق غير المعلن للجان إلى حين إقرار آليات عمل عن بعد، أو التوصّل إلى حلول للتصويت بواسطة تطبيقات معينة، من دون الخضوع إلى تعليق عمل البرلمان وتفويض الحكومة إصدار مراسيم على شكل قوانين، كما طالب به أخيراً رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ، وقوبل برفض من بعض الكتل خشية خسارة مواقعها إعلامياً، وفقدانها مشروعية التحرك والظهور سياسياً في زمن الأزمة الصحية.

وصادقت الجلسة العامة للبرلمان التونسي التي عُقدت الخميس للحوار مع رئيس الحكومة، على جملة من القرارات والتدابير الاستثنائية التي تُتيح لمجلس النواب مواصلة مهمته التشريعية خلال فترة الحجر الصحي، وذلك بـ122 صوتاً موافقاً وثلاثة معترضين و17 رافضاً.

في السياق، قالت أستاذة القانون الدستوري، منى كريم، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ "ما من أزمة سياسية أو صحية أو اجتماعية تمرّ بها البلاد إلا ويكون للدستور نصيب في حلّ الإشكالات المتعلقة بها"، مشيرةً إلى أنّ "غالبية البنود التي تضم حلولاً، خصوصاً في الحالات الاستثنائية، على غرار تفعيل البند المتعلّق بالخطر الداهم أو تفويض سلطة صلاحياتها لسلطة أخرى، أو إصدار قرارات رئاسية تهم الأمن القومي، فإنها كلها تفترض استشارة أو عرضاً على المحكمة الدستورية التي ما زالت تراوح مكانها، ولم تتشكل بعد".


وأضافت كريم أنّ "جائحة كورونا ستؤثّر لزاماً على نشاط البرلمان، وفي نسق أشغاله، مما سينعكس على تأخير انتخاب المحكمة الدستورية وبقية الهيئات"، لافتةً إلى أنّ "الأغلبية المطلوبة للتصويت على أعضاء المحكمة الدستورية تتمثّل بثلثي النواب، غير أنّ توافق 145 نائباً أمر صعب في الظروف العادية، فما بالنا بزمن كورونا والحجر الصحي العام".

وذكّرت كريم بالفراغ في هذه المؤسسة الدستورية المصيرية خلال "الأزمة التي مرّت بها تونس عند وفاة الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي العام الماضي، وما يقتضيه الدستور من معاينة الوفاة والسهر على انتقال السلطة إلى رئيس البرلمان، وقد تمّ اعتبار الإجراء أمراً مستحيلاً من أجل حماية المسار الديمقراطي وتجاوز الوضع المأزوم، غير أنّ هذا الأمر يجب ألا يتواصل وينبغي تركيز المحكمة الدستورية في أقرب وقت ممكن".

ورأت كريم أنّ "التفويض للحكومة من قبل البرلمان من أجل إصدار المراسيم واجب وليس منّة، نظراً إلى حساسية الوضع وضرورة اتخاذ قرارات بشكل مستعجل وسريع وفعّال، خصوصاً أنّ المسار التشريعي للبرلمان يستغرق وقتاً في العرض والإحالة ومناقشة القوانين".

وكان رئيس البرلمان راشد الغنوشي، قد وعد في وقت سابق، بتسريع إجراءات استكمال انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية، في ظلّ توافق برلماني ووطني واسع على استكمال إرساء بقية المؤسسات الدستورية، وعلى رأسها المحكمة الدستورية التي تعتبر أولوية وطنية. وقال الغنوشي إنّه "ما من نظام ديمقراطي صلب الدعائم من دون مؤسسة تقوم على احترام مقتضيات الدستور"، معلناً الشروع في الإجراءات الرامية لانتخاب الأعضاء الثلاثة المتبقين من أعضاء المحكمة الدستورية الموكل إلى المجلس انتخابهم.

ويتخبّط البرلمان التونسي منذ المصادقة على الدستور في عام 2014، بالخلافات والصراعات، وقد فشل في تركيز المحكمة الدستورية وبقية الهيئات، بعدما عجز عن انتخاب أعضاء هذه المحكمة في ثلاث دورات نيابية متتالية، ولم يتمكّن من أصل أربعة أعضاء عليه تعيينهم من مجمل 12 عضواً، إلا من انتخاب مرشحة واحدة من المختصين في القانون، وهي القاضية روضة الورسغيني. وفي انتظار أن يكمل البرلمان مهمته، فإنّ المجلس الأعلى للقضاء مطالب بدوره باختيار 4 أعضاء آخرين لعضوية المحكمة الدستورية، وكذلك الرئيس التونسي قيس سعيّد مطالب بتعيين 4 أعضاء.

وينصّ الدستور التونسي على ضرورة إرساء خمس هيئات دستورية تسهر على حماية النظام الجمهوري الديمقراطي، وتكريس التعددية وحماية الحقوق والحريات التي جاءت بها الثورة. غير أنّ البرلمان لم يرسِ سوى الهيئة العليا المستقلة للانتخابات التي تتباهى بها الديمقراطية التونسية الناشئة، بعد نجاحها في تأمين الانتخابات التشريعية والرئاسية والبلدية بشهادة المنظمات الدولية.

وتنتظر البرلمان مسؤولية ثقيلة وتحدي إرساء ما بقي من المؤسسات الدستورية، وهي هيئة حقوق الإنسان، وهيئة التنمية المستدامة وضمان حقوق الأجيال المقبلة، وهيئة الحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد، وأيضاً هيئة الاتصال السمعي والبصري، إلى جانب مسؤولية تجديد تركيبة الهيئة الانتخابية، وانتخاب رئيس جديد لها وعضوين آخرين بعد انتهاء ولاية رئيسها الحالي نبيل بفون، منذ نهاية عام 2019.

وفي هذا الإطار، رأى المحلل السياسي، محمد الغواري، في حديث مع "العربي الجديد"، أنّ "مهمة البرلمان تزداد صعوبة واستحالة مع انتشار وباء كورونا، مما يجعل الحديث عن انتخاب بقية أعضاء المحكمة الدستورية وإرساء الهيئات الأربعة المتبقية بمثابة المهمة الخيالية في هذه الظروف".

ولفت الغواري إلى أنّ "البرلمان التونسي يعاني، منذ العهدة السابقة، من معضلة الغيابات ومشكلة عدم حضور النواب، قبل أن تتفاقم هذه المشكلة، مع هواجس النواب من الوباء المستجد، وضرورات التزام الحجر الصحي، وهو ما يجعل تأمين النصاب المطلوب لانتخاب أعضاء المحكمة الدستورية أمراً صعباً".

وأكد الغواري أنّ "لتواصل غياب الهيئات الدستورية، وخصوصاً المحكمة الدستورية، كلفةً على البلاد، في ظلّ تفشي الانتهاكات الدستورية والتجاوزات من مختلف السلطات، في غياب سلطة تعديلية مستقلة تفصل في تنازع الصلاحيات، حتى بين رؤساء الجمهورية والبرلمان والحكومة، وكذلك بين القضاء ووسائل الإعلام والسلطة التنفيذية نفسها".

ذات صلة

الصورة
جابر حققت العديد من النجاحات في مسيرتها (العربي الجديد/Getty)

رياضة

أكدت التونسية، أنس جابر نجمة التنس العربي والعالمي، أن تراجع نتائجها في المباريات الأخيرة، يعود إلى إصابة قديمة منعتها من تقديم أفضل مستوى لها.

الصورة
يدفع المهاجرون مبالغ أقل للصعود على متن القوارب الحديدية

تحقيقات

بحثاً عن الأرخص، تصنع شبكات تهريب البشر الناشطة في تونس قوارب حديدية من أجل نقل المهاجرين غير الشرعيين عبرها إلى أوروبا بكلفة أقل، إذ تنفق مبالغ بسيطة على بنائه
الصورة
أكد المشاركون أن الثورة شهدت انتكاسة بعد انقلاب قيس سعيد (العربي الجديد)

سياسة

أكدت جبهة الخلاص الوطني، اليوم الأحد، خلال مسيرة حاشدة وسط العاصمة تونس، أن البلاد في مفترق طريق ولا بد من قرارات مصيرية حتى لا تذهب نحو الانهيار.

الصورة
محامو تونس في يوم غضب/سياسة/العربي الجديد

سياسة

أعلن محامو تونس اليوم الخميس دعمهم الكامل لخيار المقاومة بهدف استرداد الحق الفلسطيني، خلال يوم غضب نظموه في محكمة تونس، أبدى المحامون استياءهم من مواقف بعض الحكام العرب الذين يساندون إسرائيل ويتبنون سياسة التطبيع معها. وأشاروا إلى أن التاريخ سيدينهم.