ما وراء تقدم قوات النظام السوري في إدلب؟

ما وراء تقدم قوات النظام السوري في إدلب؟

29 اغسطس 2019
النظام يعتمد سياسة الأرض المحروقة (Getty)
+ الخط -

سيطرت قوات النظام السوري، اليوم الخميس، على مناطق جديدة في ريف إدلب الجنوبي، وسط قصف جوي عنيف يستهدف المناطق المحيطة بخان شيخون من جهتي الشرق والشمال، ما أوقع المزيد من القتلى بين المدنيين.

وقالت مصادر محلية إنّ قوات النظام السوري وبدعم جوي روسي قضمت مساحات جديدة في ريف إدلب الجنوبي الشرقي في الساعات الماضية، وحاصرت بلدة التمانعة من الجهة الشرقية، وذلك بعدما سيطرت على مزارع بلدة الخوين وقرى الزرزور وسكيات وتل أغبر.

ويأتي هذا التقدم بعد قصف جوي مكثّف طاول قرى وبلدات ريف إدلب الجنوبي الشرقي، إضافة إلى استهداف مدينة معرة النعمان.


ومع هذه السيطرة، تكون قوات النظام قد قطعت طريق التمانعة – جرجناز ناريًا، فيما تتواصل عمليات القصف الجوي والبري، حيث تقوم الطائرات الروسية والمروحيات المحملة بالبراميل المتفجرة باستهداف محاور الجبهة إضافة إلى المناطق المأهولة بالسكان في محاولة للضغط على الفصائل للانسحاب.

وأسفر القصف على المناطق السكنية، اليوم الخميس، عن وقوع 7 قتلى، في حصيلة أولية. وقتل جراء القصف على قرية معرشمشة بريف معرة النعمان في ساعات الفجر الأولى سبعة أشخاص، بينهم 4 من عائلة واحدة.

كما عادت طائرات النظام الحربية إلى استهداف أحياء مدينة معرة النعمان بعد يوم من ارتكابها مجزرة في أحياء المدينة ذهب ضحيتها 14 شخصاً، بينهم 6 أطفال وامرأتان، وأصيب 34 آخرون، وفق الدفاع المدني السوري. بينما قتل مدنيان، بينهما طفلة، وجرح آخران بغارة مماثلة لطائرات النظام الحربية على بلدة معصران قرب معرة النعمان، أمس.

وتعتبر بلدة الخوين والقرى المحيطة بها مهمة لقوات النظام السوري التي تحاول التقدم من المحور الواقع شرقي خان شيخون باستعمال سياستي القضم والأرض المحروقة.

وتوقعت مصادر أن تحاول قوات النظام بمساندة روسية إطلاق عملية عسكرية جديدة في ريف معرة النعمان الشرقي بهدف قضم بعض المناطق هناك تدريجياً، حيث تلجأ منذ أيام إلى تكثيف القصف على هذه المناطق بهدف إفراغها من المدنيين.

كما تحاول قوات النظام السيطرة على محور ريف إدلب الشرقي من خلال الالتفاف على بلدة التمانعة والسيطرة عليها من أجل تأمين منطقة خان شيخون بشكل كامل، ومنع أي عملية اختراق لهذه الجبهة من قبل الفصائل في حال كانت هناك نية لهجومٍ معاكس.

ويلاحظ أن قوات النظام تكثّف القصف على محور التمانعة - التح الواقعة بريف إدلب الشرقي، وقرى تلمنس وجرجناز مع محاولات للتقدم نحو بلدة التمانعة، حيث تستنفر الفصائل المسلّحة لصد هجوم محتمل في أي لحظة، في حين كثفت قوات النظام قصفها على المحور الغربي لخان شيخون حتى مدينة كفرنبل بريف إدلب الجنوبي.


سياسة القضم

ويرى مراقبون أن قوات النظام تتبع الأساليب نفسها التي اتبعتها في مناطق سابقة، وهي قضم المساحات تدريجياً وصولاً إلى تطويق المنطقة المقصودة، ودفع مقاتلي الفصائل هناك إلى الانسحاب منها، كما حصل أخيراً في ريف حماة الشمالي.

ومن هنا، من غير المستبعد أن يحاول النظام وبمساندة روسية تطبيق هذا السيناريو في معرة النعمان عبر تكثيف القصف واختيار محور ضعيف للتقدم نحو المدينة مع إبقاء المناطق المحصنة ضمن الحصار بهدف دفع المقاتلين فيها للتراجع دون قتال.

والهدف من السيطرة على ريف إدلب الجنوبي والريف الشرقي لمعرة النعمان وصولاً إلى مدينة معرة النعمان، هو الوصول إلى الطريق الدولي دمشق - حلب وحلب - اللاذقية، إضافة إلى محاولة تطبيق اتفاق "سوتشي" بالقوة، كما قال القيادي في "الجيش السوري الحر" فاتح حسون لـ"العربي الجديد".

وأشارت وزارة الخارجية الروسية، في بيان لها أمس الأربعاء، إلى أن "كل عمليات الجيش السوري في إدلب والأراضي المجاورة لها تجري حصراً ضمن المنطقة منزوعة السلاح".

وطبعاً هذا ادعاء مخالف للواقع، كما يقول العميد حسون، موضحاً أن "روسيا تتذرع بأنه لم يتم حتى الآن تطبيق اتفاق سوتشي حول إدلب، وتريد وفق مطالبها، إبعاد الفصائل عن مناطق النظام في ريف حماة الشمالي، وإبعاد الخطر عن مطار حميميم، لكنها تسعى في الواقع للسيطرة على كامل منطقة إدلب، باستثناء 15 كيلومتراً على عرض الحدود التركية".

وفي إطار ما يبدو أنه توافق تركي ــ روسي جرى خلال القمة الأخيرة بين البلدين، أعلن فصيل "فيلق الشام" المقرب من تركيا، أن الأخيرة تعتزم إقامة نقاط مراقبة جديدة على طريق حلب - اللاذقية في محافظة إدلب.

ونقلت شبكة "المحرر الإعلامية"، التابعة للفيلق، عن مصدر عسكري قوله إنّ القوات التركية تنوي إنشاء عدد من نقاط المراقبة العسكرية الجديدة لـ"تثبيت وجودها ومنع تقدم قوات النظام السوري في المنطقة، ودعم الحل السياسي وتسريعه".


وقالت مصادر محلية إنّ رتلًا من الجيش التركي استطلع برفقة عناصر من "فيلق الشام" عدة مواقع على طريق حلب - اللاذقية في الجزء الممتد من سراقب حتى أريحا وجسر الشغور، مشيرة إلى أنه من المفترض أن يتم تثبيت 4 نقاط مراقبة جديدة في غرب مدينة سراقب، عند معمل القرميد ومعسكر الشبيبة ومنطقة محمبل، وجسر الشغور.

وكانت مصادر من المعارضة السورية قد ذكرت، لـ"العربي الجديد"، أن مجمل الترتيبات الخاصة بالمنطقة منزوعة السلاح والسيطرة على الطرق الدولية سيتم بحثها بالتفصيل في "القمة الثلاثية" بين روسيا وتركيا وإيران المقررة في 16 الشهر المقبل، حيث سيؤكد الجانب الروسي على تنفيذ اتفاق سوتشي وفق جداول زمنية واضحة، خاصة البند المتعلق بالمنطقة المنزوعة السلاح بعمق 15 - 20 كيلومترًا.

وإلى ذلك الحين، يبدو أن قوات النظام روسيا تسابقان الزمن لتثبيت أكبر ما يمكن من الوقائع على الأرض على أمل السيطرة على معرة النعمان قبل انعقاد القمة.

المساهمون