اليمن: صاروخ جدة ــ مكة يهدد خارطة طريق الحلّ

اليمن: صاروخ جدة ــ مكة يهدد خارطة طريق الحلّ

29 أكتوبر 2016
المخلافي: الحوثيون خطر عالمي (محمد حمود/الأناضول)
+ الخط -

فيما يحتدم الجدل في اليمن حول المبادرة الدولية للحل السلمي في البلاد، ومواقف الأطراف حيالها، عاد التصعيد العسكري مجدداً، مع استهداف صاروخ أطلقه مسلحو جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) وأتباع الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، باتجاه منطقة مكة السعودية، الأمر الذي أعقبه تنديدات واسعة، واعتبر مؤشراً على التصعيد، الذي يعرقل السلام. وكان الحوثيون اعترفوا، في وقت مبكر أمس الجمعة، بإطلاق صاروخ بالستي، أطلقوا عليه تسمية "بركان 1"، وهو عبارة عن صاروخ "سكود" روسي الصنع، جرى تطويره محلياً لزيادة مداه. وقال الحوثيون إنه استهدف مطار مدينة جدة، أكثر مطارات السعودية ازدحاماً، فيما أعلن التحالف أن الصاروخ أطلق من محافظة صعدة، معقل الحوثيين، شمالي اليمن، باتجاه منطقة مكة، وقد تمكنت وسائل الدفاع الجوي من اعتراضه وتدميره على بعد 65 كيلومتراً من مكة من دون أي أضرار، فيما استهدفت قوات التحالف الجوية موقع الإطلاق.

وتعد المرة الأولى التي يعلن فيها الحوثيون إطلاق صاروخ باتجاه مدينة جدة، التي تبعد عن مكة، أو "العاصمة المقدسة"، عشرات الكيلومترات. وجاء التصعيد بالتزامن مع الجهود الدولية المستمرة الرامية إلى إيجاد حل سلمي للأزمة في البلاد، الأمر الذي أثار ردود فعل واسعة من الجانب اليمني ودول المنطقة، والتي اعتبرت استهداف مكة تطوراً خطيراً. ونددت الرئاسة اليمنية، في بيان، بأشد عبارات الإدانة والرفض والاستنكار لما وصفتها بـ"الأعمال الدنيئة وغير المسؤولة التي تنتهجها المليشيات الإرهابية الانقلابية للحوثي وصالح، ومن خلفها إيران، باستهداف المقدسات الدينية وقبلة المسلمين". واعتبرت أن "تلك الجماعات الحمقى تؤكد من خلال تلك الأعمال أنها أضحت وسيلة رخيصة بيد أعداء الأمة الإسلامية، وهي تعبر يوماً بعد يوم عن أنها بعيدة كل البعد عن امتلاكها مثقال ذرة من وازع أو رابط ديني ذات صلة بالإسلام وتقاليده وتعاليمه السمحاء". وتابع البيان "أننا إذ نعرب باسم الرئاسة والحكومة اليمنية عن إدانتنا واستنكارنا لتلك الأعمال المارقة، فإنه في الوقت ذاته يحز في الوجدان والنفوس أن يأتي استهداف هذه البقاع الطاهرة من أرض يمنية أخضعتها تلك المليشيات المتمردة بقوة السلاح لتمردها، وباتت مناطق خاضعة لها بالتعاون مع المخلوع صالح الذي سلمها العدة والعتاد لتدمير بلدنا وتهجير أبنائه واستهداف محيطنا وجيراننا بالتعاون مع إيران، والذي بلغ ذلك البغي مداه عبر استهداف مشاعر وقبلة المسلمين".

من جانبه، اعتبر نائب رئيس الحكومة اليمنية، وزير الخارجية، عبد الملك المخلافي، أن تصعيد الانقلابيين واستهدافهم مكة بصاروخ "يكشف أن المليشيا مجرد أداة في يد إيران، وأنها أداة لتدمير اليمن وأشقائها". وأضاف، في تغريدات على صفحته، أن "مليشيا الحوثي وصالح تسعى لحرب إقليمية تنفيذاً لمخططات معادية للعرب والمسلمين، وتثبت أن لا حرمات ولا مقدسات لدى عصابات الإنقلاب الإجرامية". وتابع "نبحث عن السلام ويسعون لتأجيج الحرب. نسعى إلى الاستقرار في اليمن والمنطقة ويسعون للدمار والخراب وإشعال الحرائق والفتن، ويؤكدون أنهم خطر عالمي".

وأعرب الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، عبد اللطيف الزياني، عن إدانة دول المجلس واستنكارها الشديدين لاستهداف مكة بصاروخ بالستي. وقال، في بيان، "إن دول المجلس تعتبر هذا الاعتداء الغاشم، الذي ضرب بعرض الحائط حرمة هذا البلد، مهبط الوحي وقبلة مليار ونصف مليار مسلم حول العالم، استفزازاً لمشاعر المسلمين، واستخفافاً بالمقدسات الإسلامية وحرمتها، ودليلاً بارزاً على إمعان جماعة الحوثي - صالح في تجاوزاتها، ورفضها الانصياع لإرادة المجتمع الدولي وقراراته، والمساعي القائمة لتطبيق الهدنة، والجهود الحثيثة للتوصل إلى حل سياسي للأزمة اليمنية". وذهب وزير الخارجية الإماراتي، الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، أبعد من ذلك، بتوجيهه الاتهام إلى إيران. وقال، في تغريدة على "تويتر"، إن "النظام الإيراني يدعم جماعة إرهابية تطلق صواريخها على مكة المكرمة... هل هذا النظام إسلامي كما يدعي"؟ كما صدرت بيانات إدانة عن الجامعة العربية وأغلب دول المنطقة.

وجاء هذا التصعيد، بالتزامن مع تصاعد الحديث حول المبادرة الدولية، التي تقدم بها مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، لحل سلمي للأزمة في البلاد، وما شملته من مضامين مقترحة للتسوية أثارت ردود فعل واسعة في الأوساط اليمنية. كما جاء التصعيد ليهدد جهود السلام مجدداً، حيث اعتبرت الرئاسة اليمنية، في بيانها أمس، أن "شعبنا اليمني الصابر والمرابط لا يمكن له القبول مطلقاً بأي تسوية تبقي تلك العصابات الإجرامية، التي باعت نفسها لأعداء الأمة، مستحكمة في أرضه وسلاحه ومؤسساته وأمواله، وأن يبقيها تشكل خطراً على جيرانه ومقدساته، وسيقدم التضحيات في سبيل الخلاص من هذا الشر". وأضافت "على العالم أن يدرك مرة أخرى هذه الحقيقة الراسخة التي ارتوت بدماء آلاف الشهداء الميامين". وكانت أطراف الشرعية اليمنية أظهرت تحفظاً وصل إلى الرفض الضمني للتسريبات التي تم تداولها حول مضامين مبادرة ولد الشيخ أحمد، والتي تعكس في جوهرها أبرز الخطوط العريضة لمقترحات وزير الخارجية الأميركي، جون كيري. وأبرز ما تتضمن الاتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية، وخطوات من شأنها إبعاد الرئيس عبد ربه منصور هادي ونائبه علي محسن الأحمر، في مقابل انسحاب الحوثيين وحلفائهم من صنعاء ومدن أخرى، وغير ذلك من الإجراءات التي تنتهي بالإعداد لانتخابات جديدة.