تحضيرات تركيا لعملية شرق الفرات: فرق إعلامية ولوائح اسمية

تحضيرات تركيا لعملية شرق الفرات: فرق إعلامية ولوائح اسمية

15 ديسمبر 2018
أرسلت "قسد" تعزيزات إلى الحدود مع تركيا (فرانس برس)
+ الخط -


تتواتر المؤشرات على عزم تركيا، مستعينة بمقاتلين من "الجيش السوري الحر"، القيام بعملية عسكرية في منطقة شرق الفرات ومدينة منبج لطرد المسلحين الأكراد، المدعومين من الولايات المتحدة، من تلك المناطق، فيما أعلن قائد "قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، مظلوم كوباني، استعداد قواته لصد أي هجوم. وقال الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أمس الجمعة، إن القوات التركية "ستدخل مدينة منبج إذا لم تُخرج الولايات المتحدة الإرهابيين (وحدات حماية الشعب الكردية) منها". وأضاف إن تركيا عازمة على إحلال السلام في المنطقة الواقعة شرقي نهر الفرات في سورية. وقال إن "الهجوم الغادر الذي نُفذ (مساء أول من أمس وأدى إلى مقتل جندي تركي) من تل رفعت ضد الجنود الأتراك في عفرين يُظهر مدى صواب قرار العملية العسكرية". وحذر أردوغان أميركا بشأن مدينة منبج الواقعة غربي نهر الفرات، قائلاً "في حال عدم لجوئكم إلى تطهير منطقة منبج فإننا سندخل هذه المنطقة أيضاً". ورأى أن تركيا "خسرت الكثير من الوقت بشأن التدخل في مستنقع الإرهاب شرق نهر الفرات، لكن هذه المسألة لم تعد تتحمل التأخير حتى يوماً واحداً".

وفي إطار الاستعداد لهذه العملية العسكرية المرتقبة في شرق الفرات ومنبج، قالت مصادر عسكرية من "الجيش الحر" إن فصائل "الجيش الوطني" بدأت إرسال أسماء مقاتليها الذين سيشاركون في العمليات العسكرية إلى تركيا، مشيرة إلى رفع مستوى جاهزية الفصائل في مجمل مناطق "درع الفرات"، إضافة إلى تكثيف عمليات الاستطلاع من جانب "الجيش الوطني" والجيش التركي على طول الحدود السورية التركية، المحاذية لمناطق سيطرة "قوات سورية الديمقراطية". وقالت مصادر محلية إن منطقة منبج خصوصاً تشهد تحليقاً متواصلاً للطيران التركي، فيما يتواصل وصول التعزيزات العسكرية من قبل الجيش التركي إلى المناطق الحدودية، خصوصاً في مواجهة مدينتي تل أبيض ورأس العين (كوباني).

وقال مصدر إعلامي تركي مطلع، لـ"العربي الجديد"، إن الحكومة التركية تحضر لتغطية العملية العسكرية شرق الفرات إعلامياً، من خلال إرسال مراسلي وسائل الإعلام التركية ودعوة وسائل الإعلام العالمية للمشاركة بهذه التغطية وإعطائها أذونات دخول إلى منطقة العمليات. وكان العقيد هيثم العفيسي، قائد "الجيش الوطني" الذي يضم مجمل فصائل المعارضة في الشمال السوري المدعومة من تركيا، قال لـ"العربي الجديد" إن جميع فصائل "الجيش الحر" ستشارك في العمليات التي توقع أن تنطلق قريباً، فيما قال قادة في "الجيش الوطني" إن المعركة "ستكون متكاملة من منبج حتى تل أبيض مروراً برأس العين". وكانت وحدات من الجيش التركي قد قامت بإزالة السواتر الترابية من بعض النقاط الحدودية مع سورية، فيما يتم العمل على تجهيز مرابض للمدفعية، وجلب أرتال جديدة تحمل أسلحة ثقيلة وعدد من الفرق العسكرية التركية إلى الحدود السورية. ومن المؤشرات أيضاً على اقتراب موعد المعركة طلب السلطات التركية من وسائل الإعلام المختلفة التقدم لأخذ التراخيص اللازمة لتغطية تطورات المعارك.



من جهته، قال رئيس المكتب السياسي في "لواء المعتصم"، التابع إلى "الجيش السوري الحر"، مصطفى سيجري، لـ"العربي الجديد"، إن الجانب التركي و"الجيش السوري الحر" كان يحدوهما الأمل أن تسفر المبادرات السلمية والوعود الأميركية عن "التوصل إلى حلول منطقية تفضي إلى عودة مئات آلاف السكان الأصليين من أبناء المناطق الشرقية الذين هجرتهم المجموعات الانفصالية وممارسات حزب العمال الكردستاني الإرهابية". ‏وأضاف سيجري، الذي سيشارك فصيله في مجمل العمليات العسكرية التركية في الشمال السوري، أنه ورغم "التصريحات والتطمينات الأميركية، إلا أننا كنا نشهد خلاف ذلك من خلال الممارسات الميدانية للمجموعات الانفصالية التي تعمل على مزيد من التعزيزات العسكرية والتحصينات الدفاعية والهجومية، مع استمرار العمليات الإرهابية، وآخرها 4 مفخخات ضربت الأحياء السكنية واستهدفت المدنيين في ريفي حلب الشمالي والشرقي". وطالب سيجري الإدارة الأميركية "باتخاذ القرارات المناسبة والوقوف على مسافة واحدة من مكونات الشعب السوري، وإعادة النظر في تقييماتها الخاطئة حتى الآن بشأن سورية"، معرباً عن اعتقاده بأن "عدداً من عناصر الولايات المتحدة في سورية تورطوا بقضايا فساد ورشاوى وعلاقات جنسية وباتوا يمررون أجندات لا تخدم المصالح الأميركية".

من جهته، قال قائد "قوات سورية الديمقراطية" (قسد)، مظلوم كوباني، إن قواته سترد بقوة على أي هجوم تركي، لكنها ستواصل الجهود الدبلوماسية لمنع هذا الهجوم. وأضاف، في تصريح لوكالة "رويترز"، أن "واشنطن قامت بمحاولات جادة لمنع وقوع الهجوم"، لكنه شدد على "ضرورة أن تبذل الولايات المتحدة جهوداً أكبر في هذا السياق". واعتبر كوباني أن الهجوم المحتمل سيعطل جهود مقاتليه الذين يحاربون فلول تنظيم "داعش" حالياً شرقي سورية، وسيسمح لهم بالانتشار من جديد. وأعلن أنه لا يزال هناك خمسة آلاف من عناصر "داعش" متحصنين في الجيب الصحراوي بشرق سورية، "بينهم بعض من المقاتلين الأعلى كفاءة وأعضاء بمجلس شورى تنظيم داعش، ويشمل ذلك ألفي مقاتل أجنبي تقريباً، معظمهم من العرب والأوروبيين مع أسرهم". واجتمع كوباني مع المبعوث الأميركي الخاص إلى سورية، جيمس جيفري، الذي زار المنطقة الخاضعة لقواته، بعد أن أجرى محادثات في أنقرة قبل أيام. وقال كوباني إن جيفري "يحاول وقف الهجمات التركية، لأنه يعلم جيداً أنها ستُفشل الحرب ضد داعش وستكون سبباً لاسترجاع داعش قوته من جديد، وستذهب كل الأعمال المشتركة بيننا وبين التحالف لمحاربة داعش في هذه المناطق هباء". وكانت "قسد" علقت القتال ضد "داعش" في أكتوبر/تشرين الأول الماضي بسبب قصف تركي استهدف بعض مناطق سيطرتها، لكنها واصلت العمليات البرية بعد أن أقام الجيش الأميركي نقاط مراقبة على الحدود.

وقالت مصادر محلية في المنطقة الشرقية إن "قسد" أرسلت تعزيزات عسكرية، تتألف من 75 عنصراً و11 آلية، من القاعدة التي تسيطر عليها قوات أميركية في بلدة عين عيسى إلى الحدود مع تركيا، فيما شهدت عدة مدن خاضعة لسيطرة "الإدارة الذاتية" الكردية شمالي وشمالي شرقي سورية تظاهرات تندد بالتهديدات التركية بشن عملية عسكرية شرق نهر الفرات. ونقل موقع "مونيتور" الأميركي عن أحد قادة "قسد" قوله إن "تركيا تنفذ كلامها دائماً، كما أنهم يأخذون التصريحات التركية على محمل الجد". وأضاف "في كل مرة قال أردوغان إنه سيهاجمنا، فعل ذلك"، موضحاً أن "عملية إزالة الجدار لن تستغرق سوى بضع دقائق في حال قررت القوات التركية التدخل". ورأى أن الهدف الأول من العملية سيكون بلدة تل أبيض، التي تتألف في معظمها من المكون العربي.

وفي حيثيات الموقف الأميركي من هذه التطورات، بحث رئيس الأركان التركي، يشار غولر، مع نظيره الأميركي جوزيف دانفورد نقاط المراقبة الأميركية على الحدود التركية السورية. وقال بيان نشره المتحدث باسم الأركان الأميركية إن دانفورد أجرى اتصالاً هاتفياً مع غولر، بحثا خلاله المصالح الأمنية المتبادلة، بما في ذلك نقاط المراقبة الأميركية التي جرى إنشاؤها أخيراً على الحدود الشمالية الشرقية لسورية للاستجابة إلى هواجس تركيا. وأشار إلى أن تركيا والولايات المتحدة تتمتعان بعلاقات عسكرية قوية مستمرة من أعوام كحليفين محوريين في حلف شمال الأطلسي، وإلى أن دانفورد جدد التزام الولايات المتحدة بجهود التنسيق مع تركيا من أجل تحقيق الاستقرار في شمال شرق سورية. وكان البنتاغون أعلن أن أي عمل عسكري من جانب واحد في شرق سورية سيكون "غير مقبول". وبالتزامن مع هذه التطورات، قالت مصادر إن قوات التحالف الدولي أقامت قواعد جديدة لها في القطاع الشمالي من شرق الفرات. وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان إن القوات الأميركية أقامت قاعدتين عسكريتين جديدتين في منطقتي تل ركبة والجيب بريف تل أبيض ضمن محافظة الرقة، مشيراً إلى إقامة قاعدة ثالثة قبل نحو أسبوعين ضمن القطاع الشمالي من ريف الرقة.