ميركل والتفاوض مع الأسد...اللاجئون يسرّعون البحث الأوروبي عن حل

ميركل والتفاوض مع الأسد...اللاجئون يسرّعون البحث الأوروبي عن حل

25 سبتمبر 2015
لاجئ سوري يلتقط "سلفي" مع ميركل(سين غالوب/Getty)
+ الخط -
يكشف مصدر غربي لـ"العربي الجديد"، كواليس اجتماعات برلمانيين وسياسيين وتكنوقراط أوروبيين في لجان مقررة للشؤون الخارجية السياسية والأمنية، حول الملف السوري، انطلاقاً من انفجار أزمة اللجوء، خصوصاً من سورية، إلى القارة العجوز.

يوضح المصدر الغربي (رفض ذكر اسمه)، أنّ ما طرحته المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، خلال اجتماع القمة الأوروبية الطارئة بين دول الاتحاد الأوروبي لحل أزمة اللاجئين، في بروكسل، ليل الأربعاء ــ الخميس، عن "الاضطرار للحديث مع اللاعبين، بمن فيهم الرئيس السوري بشار الأسد وآخرين، وليس فقط روسيا وأميركا، وإنما الشركاء الإقليميين المهمين كإيران والسعودية"، لا جديد فيه، "بل هو ثمرة لقاءات تعقد سراً وبهدوء بعيداً عن الأضواء في عاصمتين عربيتين وعاصمة أوروبية". ويشير المصدر نفسه إلى أنّ "كل تلك الزيارات الأوروبية نحو طهران، لا تتعلق بالمسائل التجارية والاتفاق النووي فحسب، بل للتباحث حول تسوية ما بموازاة تحركات المبعوث الأممي إلى سورية، ستيفان دي ميستورا".

يقول مصدر أوروبي آخر لـ"العربي الجديد"، من عاصمة أوروبية، إنّه "في الوقت الذي كانت فيه بودابست تحتجز وتمنع مغادرة آلاف اللاجئين، كانت مباحثات جس نبض تجري لإيجاد آليات، شاركت فيها أجهزة أمنية تواصلت مع النظام السوري منذ مطلع الصيف الحالي، واكتشفت مدى ضعفه في التأثير على عملية التدفق نحو أوروبا". ويشير المصدر إلى أنّه "جرى عملياً التطرق إلى موضوع ترحيل رأس النظام ومجموعة محيطة به، لكن يأتي ذلك بعد التوصل إلى اتفاق ينهي مأزق التردد في البحث عن حل جذري".

وردّاً على سؤال "العربي الجديد" حول دور روسيا، أخيراً، في قطع السبل للتوصل إلى هذا الحل، يحيب المصدر أنّ "الروس يدركون أنّ وجودهم العلني يجب أن يقابله إيجاد حل للأزمة"، موضحاً أنّ "بعض المسؤولين الروس يعرضون أنفسهم كمساعدين لتنفيذ الحل الذي سيتم التوصل إليه". ويلفت المصدر نفسه، إلى أنّ الدول الأوروبية لم تكتفِ بتوجيه كلام غير مباشر للروس إزاء اندفاعهم إلى الساحة السورية، إنّما "أوصلت رسائل للروس، محذرة من أنه إذا لم يدفع التدخل باتجاه حل جذري، وإذا ما انخرط الروس في عملية تهجير أخرى، فإن قوى غربية وعربية سيكون لها كلام آخر على الأرض".

ويعتبر المصدر الغربي أنّ "طرح ميركل لمسألة التفاوض مع النظام السوري، يعبّر في الواقع عمّا يجري من لقاءات خلف الأبواب المغلقة. ويدعم كلام ميركل، ما طرحه وزير الخارجية الأميركية، جون كيري سابقاً، عن أن رحيل الأسد غير ضروري في الوقت الحالي، ما يعني أنّ الرسائل وصلت".

ووفقاً للمصدر الغربي ذاته، فإنّ "الأجهزة الأمنية تقدم تقارير مفصّلة عن مصدر تدفق اللاجئين من سورية، وهي على يقين بأن لا أحد يستطيع إيقافه، خصوصاً مع تنوّع مصادره حتى مناطق الساحل السوري ومن طوائف كانت تعتبر مؤيدة للنظام، وهذا يعني أن ما يجري بحثه ليس ما يستطيع النظام فعله في هذه المسألة، بل عمّا يمكن فعله لوضع حد لأسباب هذا التدفق، بإنهاء الصراع في سورية".

لكن يصطدم الوضعان الأمني والسياسي في رحلة استكشاف الحلول "الجذرية" في سورية بهيمنة العقلية القديمة التي تسير بها الأمور في دمشق، ومفادها ضرورة إبقاء السيطرة على كتلة بشرية لا يمكن تجاوزها. ويعتبر المصدر الأوروبي أنّ "مسألة اللجوء إلى أوروبا ليست الوحيدة التي حرّكت مياه التفاوض مع النظام السوري، بل إن دول الإقليم التي استقبلت ملايين السوريين، باتت مستعجلة لتفادي صوملة سورية في إقليم مضطرب أساساً".

اقرأ أيضاً: مسار موازٍ بين التصعيد الروسي وعمليات المعارضة السورية المسلحة

أمّا الدور الجديد الذي لم تتطرّق إليه ميركل، فتتحدّث عنه المصادر الأوروبية لـ"العربي الجديد"، أي "دور إسرائيل المتعاظم في رفض إسقاط نظام بشار، إذ تحاول تل أبيب اليوم، وبمساعدة روسية، إيجاد بدائل لا تؤثر على مصالحها في سورية".

وعن تلك الحوارات الجارية سراً، تقول المصادر نفسها، إنّ "بعض أقطاب المعارضة السورية تعلم بكل تفاصيل ما يجري، وسيكثر الحديث خلال الأيام والأسابيع المقبلة عن تفعيل الحل السياسي وصيغ العودة إلى جنيف. لكن كل ذلك مرهون بنتائج ما يسعى الأميركيون والروس للتفاهم عليه، بما فيها ضمانات لبشار الأسد والمحيطين به".

ويؤكد أحد المعارضين السوريين المطلعين على مجريات الاجتماعات، لـ"العربي الجديد"، أنّ "المبعوث الروسي لشؤون الشرق الأوسط، ميخائيل بوغدانوف، يقوم باتصالات مكثفة في هذا المجال"، لافتاً إلى أنّ "رسائل الروس تنكشف في الكواليس عمّا مرّره الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في لقائه برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، عن أنّ نظام الأسد غير قادر على فتح جبهة أخرى"، في إشارة إلى الجولان المحتل. ويشير المعارض السوري إلى أنّ الروس يُجرون لقاءات خارج روسيا بشكل هادئ مع معارضين فصّلتهم روسيا، أخيراً، على مقاسها، متوقّعاً أن "يتباحث الروس مع فصائل المعارضة المسلحة" في وقت لاحق. ويؤكد المعارض أنّ "الخارجية الألمانية وجهازاً أمنياً ضليعاً في شؤون المنطقة في برلين، بدآ التواصل مع معارضين وبعض الفصائل، منذ شهرين".

ويعتبر المصدر الأوروبي أنّ "الروس يخشون بالفعل ما قد يواجههم في سورية، لذلك يسعون لتفادي توتير العلاقة مع دول خليجية وتركيا، فهم غير مستعدين للتورط من أجل شخص بشار الأسد، بل يبحثون عن صيغ ولو من خلال استعراض قوتهم".

ويمرّر المصدر الأوروبي المطلع، رسالة مفادها أنّ "النظام أراد أن يقول للمجتمع الدولي من خلال ضرباته على الرقة وتدمر، أخيراً، إنّه في خندق واحد مع قوات التحالف الدولي ضد داعش، إلّا أنّ هذه الهجمات عزّزت القناعة الأمنية والعسكرية بعجز النظام، وبأنه طيلة الوقت الماضي، كان يستعمل داعش كذريعة".

ويشير المصدر الأوروبي إلى أنّ هناك اتجاهين في سورية لا ثالث لهما: إمّا أن تثمر المحادثات الجارية ما يشبه خارطة طريق إلى مرحلة مؤقتة يُجرّد فيها الأسد من صلاحيات كثيرة وإيجاد صيغة للحل، أو أن الأمر سيترك حتى تنفجر الأمور، وسيجد الأوروبيون أنفسهم مضطرون للتعاطي مع تدفق اللاجئين بطرق أخرى، وربما غير تقليدية بالتعاون مع دول الجوار السوري بمشاريع ضخمة وإقامة معسكرات في دول الجنوب الأوروبي، ريثما ينضج ذلك الحل.

اقرأ أيضاً: خارطة الانتشار الروسي في مرفأ ومطار الساحل السوري