"العربي الجديد" يرصد معركة الموصل من الداخل

"العربي الجديد" يرصد معركة الموصل من الداخل

الموصل

علي الحسيني

avata
علي الحسيني
بغداد

أكثم سيف الدين

avata
أكثم سيف الدين
22 فبراير 2017
+ الخط -
في محيط أشبه ما يكون بخزان بشري هائل يضم أكثر من 600 ألف مدني، تستمر المعارك وعمليات القصف لليوم الثالث على التوالي بلا توقف ومن سبعة محاور قتال تحيط بالساحل الغربي لمدينة الموصل، الذي بات معزولاً بالكامل عن العالم الخارجي، وسط تقارير تؤكد ارتفاعاً كبيراً في أعداد الضحايا المدنيين نتيجة القصف الجوي والصاروخي. وعلى مشارف مطار الموصل الدولي، تتجمع عشرات الوحدات العسكرية المدرعة والمشاة التابعة للجيش العراقي تحت إشراف فريق من التحالف الدولي غالبيتهم من الجيش الأميركي، وهي تشق طريقها بصعوبة في المنطقة، حيث مئات الألغام والكمائن التي وزعها تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) بإتقان منذ أشهر، وبعضها نما عليها العشب وباتت عملية تمييز أو اكتشاف العبوات الناسفة صعبة للغاية. هذا الأمر دفع قيادة الجيش إلى المطالبة بمزيد من معدات كشف المتفجرات عن بُعد، وفقاً لمسؤولين عسكريين عراقيين تحدثت معهم "العربي الجديد" من داخل المدينة.


معارك محتدمة
حتى مساء الإثنين، لم يكن المستشفى الميداني الذي قدّمته إيطاليا للعراق ضمن جهود الحرب على تنظيم "داعش" يستقبل كثيراً من الجرحى أو القتلى للقوات العراقية المشتركة، إلا أن العدد بدأ بالتزايد مع مرور الوقت، حتى باتت أسرّة المستشفى المؤلفة من 60 سريراً مشغولة على الدوام، في ظل احتدام المعارك مع كل تقدّم جديد تحرزه القوات العراقية. المشاهد الميدانية تعكس فداحة المعارك، ففي المستشفى جندي عراقي مهدد بفقدان ساقه نتيجة انفجار لغم أرضي قرب قرية الأبيض التي جرى السيطرة عليها الإثنين، يرمق بعينيه الداخلين إلى الغرفة ولا ينفك من تكرار السؤال لأي طبيب موجود: "هل ستقطعون ساقي؟". وبسبب كثرة الجرحى لا يجد الجندي دوماً من يجيبه عن السؤال، وبعضهن كما يقول الدكتور محمد طه العامري لا يريد أن يكون "غراب البين" الذي يبلغه بالخبر، فعظام الساق تهشمت.

على جانب ثانٍ، تنجح أسرة عراقية بالفرار من مناطق "داعش" حاملة معها خرقة بيضاء رفعتها الأم، بينما يحمل زوجها طفلين أحدهما لا يتجاوز عمره الشهرين يتقدّم صوبهم الجنود فيتأكدون من هويتهم ويستقبلونهم ويعطونهم الماء، ويأمر ضابط يجلس على كرسي سيارة جيب أن يعطوهم شيئاً يأكلونه. وعلى الجانب الغربي، تقوم وحدات تابعة للشرطة الاتحادية التي تشكّل مليشيا "بدر" قوامها الرئيس، بعمليات اعتقال وتنكيل لرجال بعد فصلهم عن النساء في قرية العينة التي نجحوا باقتحامها. ويحاول أحدهم أن يبلغ عناصر الشرطة الاتحادية، أن اللحية فرضها تنظيم "داعش" عليهم وأنهم مدنيون فلاحون في مزرعة قريبة، إلا أن الضرب بأعقاب البنادق على رؤوسهم وظهورهم كان أعلى من صوته وصوت الزوجات اللاتي يصرخن وبكاء الأطفال وهم يرون آباءهم واشقاءهم يُضربون بوحشية ويقادون للمجهول. ويقول ضابط إن "النساء والأطفال سيُنقلون إلى مخيم قريب، وهؤلاء (الرجال) سنعصرهم ونأخذ منهم معلومات ثم نقرر من يستحق الحياة ومن لا يستحقها".

من جهته، يشير العقيد عبدالرحمن الربيعي، من قيادة عمليات الجيش في نينوى لـ"العربي الجديد"، إلى أن المحاور تختلف في ما بينها، فكل قوة تتصرف وفقاً لرؤيتها للمعركة والجنود يحاولون إنهاء المعركة أحياء للعودة إلى منازلهم. ويضيف: "هنا الخوف من كلمة جبان تسود الجنود ولا أحد منهم يريد أن يوصف بهذا اللقب، لذا تجد الجميع يقاتل بلا تردد". التناوب في المعارك صفة الوحدات، فانسحاب فصيل من خط 14، وهي خطوط وهمية يرسمها الجيش عند كل تقدّم، لا يعني أنه تخلى عن المعركة، بل هي عملية تبادل بعد مضي ثماني ساعات على تواجد هذا الفصيل في أرض الاشتباك، ليحل محله فصيل آخر أخذ قسطاً كافياً من الراحة.


تقدّم على مختلف المحاور
يؤكد قائد الحملة العسكرية على الموصل، الفريق عبدالأمير رشيد يار الله، تحرير عدد كبير من القرى والمناطق الزراعية، موضحاً في حديث لـ"العربي الجديد" أن "عمر المعركة تحدده عوامل عدة على الأرض، لكن التنظيم بات يشعر أنه يخوض معركته الأخيرة وروح الانهزام موجودة في صفوفه". فيما تتحدث مصادر عسكرية عراقية أخرى عن وجود ما تصفها أوراقاً لـ"داعش" قد يستخدمها من بينها قذائف الكيماوي والهجمات الانتحارية الجماعية. ووفقاً للمصادر ذاتها، فإن سماء المدينة باتت تغطيها أكثر من 20 طائرة مسيرة للمراقبة على مدار الساعة لرصد تحركات التنظيم.

وتمكنت القوات العراقية، أمس الثلاثاء، من إكمال السيطرة على القرية 20 في محيط الساحل الغربي بمساحة تصل إلى نحو 22 كيلومتراً باتت موطئ القدم الجديد للقوات المهاجمة التي تعاني من تردي الطقس وانخفاض درجات الحرارة إلى نحو صفر مئوية، فضلاً عن تأخر وجبات الطعام عنهم لساعات في بعض الأحيان وقلة الوقود الخاص بالآليات العسكرية.
ويوضح آمر فوج التدخل السريع الثاني في الجيش العراقي، العقيد جعفر الخالدي، أنه تمت السيطرة على قرى الحراقيات والجماسة وعذبة وباخيرة والأبيض والكافور واللزاكة والبو جواري والإبراهيمية والشيخ يونس والقنيطرة والزكروطية والحسينية، إضافة إلى قرى صغيرة أخرى خالية من السكان منذ أشهر، فضلاً عن محطة للكهرباء ومجمّع سكني حكومي ودائرة سابقة لشرطة الطرق الخارجية. ويلفت إلى أن تلك القرى تقع خارج الساحل الغربي المعروف باسم الساحل الأيمن للموصل ولا تعد ضمن حدوده الإدارية إلا أنها المدخل الرئيس لاقتحام أول الأحياء السكنية، وتمثل تلك المناطق نحو 60 في المائة من مناطق محيط الساحل الغربي.

ومن المتوقع أن تنجح القوات المشتركة باقتحام المطار الدولي الواقع على أطراف الساحل الغربي بعد قصف عنيف ومكثّف شهده المطار ومحيطه أفقد التنظيم القدرة على التمسك به أكثر، وفقاً للعقيد الخالدي. ويلفت إلى أن "المعركة الحقيقية لم تبدأ بعد ويجب أن نكون مستعدين لمعارك عنيفة مع التنظيم في أحياء الساحل الغربي الواحدة والستين على غرار ما شهدته أحياء الساحل الشرقي التي استغرقت السيطرة عليها نحو ثلاثة أشهر".


ارتفاع الضحايا المدنيين

في غضون ذلك، أكدت مصادر طبية عراقية محلية داخل الساحل الغربي للموصل، ارتفاع عدد القتلى المدنيين، خلال الساعات الاثنين والسبعين الماضية إلى 89 مدنياً من بينهم 32 طفلاً، فيما بلغ عدد الجرحى 134 مدنياً سقطوا بالقصف الجوي والصاروخي على المدينة. ورفض المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة العميد يحيى رسول التعليق على تلك الأرقام عندما وجهت "العربي الجديد" السؤال له حول الضحايا المدنيين في المعارك. وأكدت مصادر محلية أخرى تنفيذ تنظيم "داعش" جرائم إعدام جديدة طاولت سبعة رجال بتهمة التجسس لصالح القوات العراقية الموجودة على أطراف المدينة من المحور الغربي، وهو ما أكدته مصادر استخبارية عراقية.

ذات صلة

الصورة
أبو تقوى السعيدي (إكس)

سياسة

أسفر استهداف طائرة مسيّرة مقراً لفصائل "الحشد الشعبي" يتبع لـ"حركة النجباء"، عن مقتل المسؤول العسكري للحركة مشتاق طالب علي السعيدي المكنى "أبو تقوى".
الصورة
"خطوة".. مشروع صناعة الأطراف لمساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة بالموصل

مجتمع

معاناة ذوي الاحتياجات الخاصة الذين تعرضوا لبتر أحد أطرافهم خلال الحرب أو بسبب مضاعفات مرض السكري أو من يعانون من تشوهات منذ ولادتهم، ألهمت جميعها تقى عبد اللطيف (25 عاما)، رفقة زميلها محمد قاسم، افتتاح مركز لصناعة الأطراف الصناعية
الصورة
قاعة الأعراس في الحمدانية في نينوى في العراق 1 (فريد عبد الواحد/ أسوشييتد برس)

مجتمع

أعاد حريق قاعة الأعراس في محافظة نينوى العراقية الذي خلَّف مئات القتلى والمصابين، ليلة أمس الثلاثاء، مشهد الحرائق المتكرّرة التي شهدتها البلاد في السنوات الأخيرة والتي خلّفت مئات القتلى والجرحى.
الصورة
صندوق من فاكهة الرمان (Getty)

مجتمع

أفاد تحقيق صحافي عراقي بأنّ بغداد تلقّت شحنة رمّان من بيروت تبيّن أنّها محشوّة مخدّرات، علماً أنّ هذه الشحنة جزء من سداد قيمة مستحقّات النفط العراقي المخصّص لبيروت.