لبنان: ناشطو طرابلس ينتفضون بالتزامن مع كلمة دياب

لبنان: ناشطو طرابلس ينتفضون بالتزامن مع كلمة دياب

16 ابريل 2020
من احتجاجات ساحة النور مساء اليوم (تويتر)
+ الخط -
في الوقت الذي كان رئيس مجلس الوزراء اللبناني، حسان دياب، يوجه كلمة مباشرة إلى اللبنانيين، مبرزاً فيها "إنجازات" الحكومة في طريقة التعاطي مع الملفات الصحية، ولا سيما وباء كورونا، وكذلك الاقتصادية والاجتماعية، معلناً كذلك عن خطة التحفيز والأمان الاجتماعي، وعدم المسّ بما لا يقلّ عن 98% من ودائع اللبنانيين، كانت ساحة النور في طرابلس، شمال لبنان، تشهد تحركاً شعبياً لمجموعة من الشبان الذين خاطروا بسلامتهم في ظلّ الأزمة الوبائية، احتجاجاً على الأوضاع المعيشية، وعلى فوضى سعر الصرف، وعدم إيلاء الحكومة اهتماماً للطبقات الشعبية التي فاقمت معاناتها قرارات الحجر المنزلي والتعبئة العامة، في حين أعلنت صفحات تابعة للناشطين في الشمال عن سقوط عدد من الجرحى في صفوفهم نتيجة الإجراءات الأمنية المشددة التي اتخذت في مكان الاعتصام، وإقدام الجيش اللبناني على تفريق المعتصمين.

وتعاني طرابلس، كبرى مدن الشمال اللبناني، من حرمان وإهمال الحكومات المتعاقبة لوضعها الاجتماعي المتردّي، فيما لم تخصّها حكومة دياب، التي تواجه غضباً شعبياً متزايداً، بأي مساعدات ملموسة. وفي ظلّ هذا الوضع، لم يعد شباب المحافظة يأبهون للمرض في ظلّ الفقر والعوز اللذين بلغا حدّ المس باحتياجاتهم الحياتية الرئيسية، وبادروا للاحتجاج دون أن ينتظروا سماع تفاصيل كلمة دياب.

وأكد أحد الجرحى، وقد بدت عليه آثار ضرب مبرح، أن عسكريين تدخلوا بالقوة لفض الاعتصام، وعمدوا إلى ضرب الناشطين، مضيفًا أن أحدهم هاجمه شخصيًا قبل أن يطلب منه الضابط المسؤول تركه.

وأعلن دياب، في كلمة وجهها الى الشعب اللبناني، مساء اليوم، عن إطلاقِ خطة التحفيز والأمان الاجتماعي بقيمة ألف و200 مليار ليرة لبنانية (أي ما يعادل 800 مليون دولار وفق سعر الصرف الرسمي)، سيتم إنفاقُها لتغطية أعباء مواجهة وباء كورونا، ومساعدة المياومين في القطاع العام، ودعم القطاع الصحي، والمزارعين، وإعطاء المؤسسات الصناعية الصغيرة قروضاً مدعومة لتحفيز الصناعة الوطنية.

وقال: "كما وَعَدَتْ الحكومة في بيانها الوزاري، لقد قُمنا بِوَضْعِ خطة إنقاذٍ مالية. وما تم تداوله في وسائل الإعلام، هو مسوّدةٌ مطروحة للنقاش. نحن نعملُ مع شرائح المجتمع، ونسمعُ صوتَكم، وتَهمنا ملاحظاتكم. لذلك، أطلقنا نقاشاً واسعاً، بالتنسيق بين وزارة الإعلام والوزارات المختصة، للاستماع إلى الهيئات المدنية، والاقتصادية، والنقابية، والتربوية".

وأشار اإلى أن "هناكَ خسارة وَقَعَت، ولقد عَمَلنا على تشخيص المرض، وتحديد حجمِهِ وعمقِه، ونحن في صدد التوصّل إلى الحل الأنسب. سندرس جميعَ الحلول المقترحة، آخذين بالاعتبار مصلحةَ اللبنانيين والمودعين، لتأمينِ راحة الشعب الذي يَدْفَعُ اليوم ثمنَ القرارات والاستدانة والهندسات المالية الخاطئة في السابق".


وأقرّ دياب بأنّ "الوضع صعب ومعقّد، لكن جَنَى عمر الناس له خصوصية وحصانة، ولا يعودُ إلى أحدٍ حقّ المساسِ بأموالهم. لذلك، علينا العمل كفريقٍ واحِد، ولا أعني الحكومة فقط، بل جميعَ أركان الدولة، ومصرف لبنان، مع المصارف، لنحمي مصلحةَ اللبنانيين".

وأعلن رئيس الحكومة أنّه "تمهيدًا للمحافظة على الثقة الدولية بلبنان، وإعادةِ الأملِ إلى شعبِه، لقد باشرت وزارة المال التواصل مع صندوق النقد الدولي الذي لمسنا منه أصداءً إيجابية على مشروع الخطة المالية، آخذينَ في الاعتبار، أولًا وأخيرًا، مصلحةَ اللبنانيين، لنحصلَ على دعمِ المؤسسات الدولية"، مضيفاً "عَرَضْنَا المرحلةَ الأولى من خطتنا، الخاصة بالانتعاش المالي، على مجلس الوزراء، للمناقشة المفتوحة، في 6 إبريل/نيسان 2020".

وأكد أن "هذه الخطة هي مرحلة أولى، وهي تُقدّم سلسلةً من الإجراءات المالية، الرامية إلى تحويل عجز الموازنة إلى فائض، وتخفيض ديون الحكومة بشكلٍ جذري".

وبيّن كذلك أن "الخطة تحدد الخسائر المتراكمة في النظام المالي اللبناني على مر السنين، للمرة الأولى في تاريخ لبنان"، مضيفا: "نَحن نعرضُ هذه الأرقام من باب الشفافية الكاملة، والتي هي السِمَة الرئيسية لهذه الحكومة، ولإعطاء اللبنانيين صورةً كاملة عن أوضاعِنا المالية".


وبخصوص الودائع، قال: "نُواصل العمل بحثاً عن سُبُلِ تخفيف عبء هذه التَرِكة من التكاليف والخسائر المتراكمة على جميع المودعين، وخاصة المودعين المتوسطين والصغار، وسنقّدم مخططاً محدّداً حول كيفية تحقيق ذلك، خلال الأسابيع المقبلة، وكل الخيارات مفتوحة للنقاش"، مستطرداً: "كنتُ قد وعدت اللبنانيين بأن ودائعْ ما لا يقل عن 90 بالمئة من المودعين لن تتأثر، لكن، وبعد الدراسات المعمّقة، وبناءً على الأرقام العائدة إلى آخر شهر شباط (فبراير) 2020، يمكنني أن أُعلِنَ اليوم أن نسبة الذين لن يتأثّروا لن تقلّ عن 98 بالمئة من المودعين".

وبخصوص الأموال المنهوبة، أكد أن الحكومة لا تزال تركز "على التبليغ عن الأصول والأموال المسروقة، واستعادتها، ومحاسبة الذين ارتكبوا هذا الظُلم بحق اللبنانيين، وقد طلبتُ شخصياً أن يعود التحقيق والتدقيق إلى أشهر عديدة قبل انتفاضة 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وستُوضَع هذه الأموال في صندوقٍ خاص، يُستخدم بطريقةٍ عادلة وشفافة، للتعويضِ على اللبنانيين الذين أصَابَتْهُم سِهامُ هذا الظلم".