مليشيات الأمن الذاتي... اليمين الأوروبي الفاشي يلوّح بـ"الحرب الأهلية"

مليشيات الأمن الذاتي... اليمين الأوروبي الفاشي يلوّح بـ"الحرب الأهلية"

29 مارس 2016
يمينيو أوروبا ظهروا في بروكسل الأحد (باتريك ستولارز/فرانس برس)
+ الخط -
ما شهدته بروكسل من صدامات مع اليمين المتطرف، يوم الأحد، ربما يكون إحدى مقدمات ما يخشاه البعض من تشكيل تلك التنظيمات المسماة "مجموعات الدفاع الذاتي". والربط بين "الأمن والنظام" و"اللاجئين والمهاجرين"، بعد أن جرى التركيز إعلامياً وسياسياً، وبين تدفّق هؤلاء أواخر العام الماضي والعمليات التي ضربت أوروبا، هو ما يعتبره بعض المهتمين بأنه يُشكّل خطراً على تفشّي ظاهرة اللباس الأسود، وحمل ما يُشبه فكراً فاشياً، وإن نفاه هؤلاء عن أنفسهم، وفقاً لتعبير شابة دنماركية، ناشطة في مجال مكافحة الفاشية.

في شهر يوليو/تموز 2009، كانت المهاجرة المصرية في درسدن ـ ألمانيا، مروة الشربيني (32 عاماً)، تلاعب ابنها الصغير قرب مسكنها، حين تلقّت 18 طعنة قاتلة، وهي حامل، على خلفية "كراهية وعنصرية" من جار روسي (28 عاماً)، تبين أنه من اليمين المتطرف. كان القاتل "منزعجاً" من حجاب مروة، ويصرخ بوجهها: "إرهابية". لم تفد الشكاوى السابقة للشرطة شيئاً، وحاول زوج مروة حمايتها، إلا أنه جُرح هو أيضاً بطعنات، والأغرب أن الشرطة كانت على وشك اعتقال الزوج، لا القاتل، فـ"النمطية تتحكم بالصورة"، وفق ما قاله جيرانها آنذاك.

في 23 فبراير/شباط 2012 وقفت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، أمام 1200 مدعو إلى مركز المؤتمرات في برلين، لتعتذر عن الكشف الرهيب لاغتيال 12 مهاجراً، أغلبهم من تركيا، عبر عمليات استمرت لسنوات، قبل أن تكشف الصدفة، بأن اليمين المتطرف من النازيين الجدد، هو من كان يرتكبها بشكل منظم، تحت مسمى "الحركة القومية الاشتراكية" (أن أس يو)، التي اتخذت شعار "مقاومة مسلّحة بدل الكلمة".

بعد 5 سنوات، وبعد هجمات بروكسل، الثلاثاء الماضي، تزايدت الدعوات لتوسيع فكرة عمل "مجموعات الدفاع الذاتي الأوروبية"، التي انطلقت عملياً العام الماضي في العاصمة الفنلندية هلسنكي، قبل أن تشمل في الأشهر الثلاثة الأولى لهذا العام كل الدول الإسكندنافية، السويد والنرويج وأخيراً الدنمارك. وأصبح لمنظمة "جيش أودين" اليمينية فروع في الدنمارك، ما أثار سجالاً وجدلاً، خشية أن يتحول واقع أوروبا إلى تحكم "مليشياوي متشدد بشوارعها". هذا إلى جانب المجموعات اليمينية المتطرفة العنفية، الأخرى المنتشرة على امتداد دول القارة.

اقرأ أيضاً: توحيد الأمن الأوروبي أولوية والسجال التركي ـ البلجيكي مستمرّ 

وعلى الرغم من محاولات التعريف بأنهم "مواطنون عاديون يأخذون مبادرة مدنية" في الشوارع، بغية بث الطمأنينة بين المواطنين، إلا أن المظهر والجوهر أوحيا بشيء آخر. ووفقاً لأحد نشطاء مكافحة الفاشية، المتخصص في جماعات اليمين المتطرف، نيلز راسموسن، فإن "ما نراه ليس سوى رأس جبل الجليد، ومن المهم التركيز على المنظر المليشياوي، بلباس موحّد وداكن، من اليونان جنوباً، حتى أقصى الشمال في النرويج. وبالتزامن مع الخطاب التحريضي تقام معسكرات شبابية وعائلية، وهي ليست سوى للتدريب، وبالسلاح الحي في الغابات".

وللتأكد مما ذكره نيلز، خصوصاً عن المجموعات الفاشية وتدربها على السلاح، يكشف أرشيف قناة "بي بي سي" البريطانية عام 2012، عن اعتراف لمارتن، الذي ترك الجماعات النازية، في برنامج وثائقي عن النازية الجديدة في ألمانيا، ويقول إن "هؤلاء ذهبوا حتى إلى دول عربية للاستفادة من الواقع والتدريب العسكري".

ليس سراً أن أعضاء جماعات فاشية يونانية وإيطالية وبريطانية، ظهرت وهي تقاتل إلى جانب النظام السوري، بالإضافة إلى عقدها مؤتمرات عدة، تُمجّد الأنظمة السورية والإيرانية والروسية بوجه "المؤامرة الأميركية الصهيونية". حتى أن أعضاء من "فورزا نوفا" (القوة الجديدة) الإيطالية، و"الحزب الوطني" الإنكليزي، قاموا بزيارات عدة إلى دمشق. ويرى البعض بأن "تشكّل تلك المجموعات، نجم عن فشل أمني أوروبي مقابل المجموعات الإرهابية، وربط تدفق اللاجئين بتلك الأعمال من العاصمة الفرنسية باريس، إلى بروكسل وربما غداً غيرهما".

ولا يبدو التقارب الضمني في موقف هذه الحركات الفاشية الجديدة من بعض الأنظمة العربية من جهة، وإسرائيل من جهة ثانية، محض صدفة، إذ كثيراً ما كان بعض المتظاهرين اليمينيين المتطرفين يرفعون العلم الإسرائيلي لمناكفة الطرف المقابل، سواء كان من اليساريين الراديكاليين المعارضين لانتشار اليمين المتطرف أو من أبناء الجيل المهاجر. في بريطانيا على سبيل المثال، فإن تومي روبينسون من "عصبة الدفاع"، راح في إحدى خطبه يقول:"ليس في بريطانيا مكان للفاشيين الإسلاميين الذين يكرهون اليهود". رغم أن الفاشية والنازيين الجدد يرفعون شعارات الكراهية لليهود ويصفونهم بأقبح الأوصاف.

بدوره، غييرت فيلدزر قال في 2010 من تل أبيب: "سقوط القدس اليوم يعني سقوط أثينا وروما وأمستردام وباريس غداً". والسفاح أندرس بريفيك في إحدى جلسات محاكمته في أوسلو وبكل انتهازية قال: "أنا مؤيد للصهيونية"، رغم أن الرجل كاره لليهود ككرهه للمسلمين.

في هذا السياق، يذكر أعضاء أحزاب سياسية من يسار الوسط لـ"العربي الجديد"، بأنها "مجموعات تُعتبر جزءا من الفاشية، التي تنتشر استناداً إلى تصريحات سياسية ومعطيات تعبّر عن تأزم الواقع الحزبي. وذلك في تقدم ملحوظ لليمين القومي المتشدد، الذي لا يستطيع أن يخرج لتشكيل مليشيا". ويرى هؤلاء بأن الحل يكمن في "إدراك السلطات الأمنية لمخاطر غياب القانون، لمصلحة تفشّي مجموعات التطرف والحق في ملاحقة أناس آخرين مقيمين في بلادنا"، بينما يعارض آخرون منع الأحزاب المتطرفة "حتى لا تتحول للعمل السري".

وعلى الرغم من التقارير التي أصدرتها "وكالة الحقوق الأساسية" (أف أر آي) في العاصمة النمسوية فيينا، عن تزايد جرائم الكراهية والعنصرية، إلا أن استخبارات عدد من الدول الأوروبية بدأت تعير انتباهها جدّياً لمسألة انتشار هذا النوع من العنف اليميني الممنهج في 2014، بعد أن كان تركيزها الدائم على "جهاديي سورية".

وباتت تتحرّى عن سفر الفاشيين للقتال في سورية وأوكرانيا، ومع ذلك، فإن تلك المجموعات والمنظمات العنفية، وفقاً لتقارير حقوقية رسمية، انتهجت منذ سنوات السير على خطين متوازيين لتشويش المجتمعات وجذب المزيد من المؤيدين، عن طريق خطوات عدة.

اقرأ أيضاً: هجمات بروكسل... لهذه الأسباب أوروبا مستهدفة أكثر من أميركا

ومن هذه الخطوات، الانخراط برلمانياً، في ظاهرة باتت معروفة في كل من ألمانيا والنمسا والمجر وجمهورية التشيك ودول الشمال، عبر أحزاب اليمين المتطرف في انتخابات محلية وبرلمانية. كما باتت شخصيات سياسية حزبية من اليمين، أكثر جرأة على طرح مواقف متطرفة في تنظيماتهم التي يرفضون تسميتها بالنازية. وقد تم الكشف عن بعض الحالات في السويد، حين اضطر أعضاء البرلمان عن حزب "ديمقراطيو السويد"، للانسحاب بعد انفضاح علاقتهم بالحركة النازية.

ويتخوّف خبراء الجماعات اليمينية المتطرفة، من ذلك الخلط المقصود بين الفاشية والعمل السياسي، في وضع "بات يشبه ما كان قائماً في الفترة الفاصلة بين العشرينيات والثلاثينيات من القرن الماضي، واكتساح الفكرين الفاشي والنازي لعديد المجتمعات الأوروبية وخصوصاً مع جرأة البعض على طرح حلول بإبعاد المسلمين عن القارة قبل أن يطرحه الساعي لكسب ترشيح الحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية الأميركية دونالد ترامب".

وفقاً لهذا، يظهر التأثير الضعيف للبرلمان الأوروبي في الحدّ من الظاهرة، بعد أن حاول الاتحاد الأوروبي في عام 2012 مناقشة الدستور المجري، الذي اعتبره ينافي مبادئ الحقوق الديمقراطية في دوله، لكنه فشل. كما فشل مع بولندا بذات الاتجاه، لا بل ازداد نفوذ اليمين المتطرف فيها، عبر تعزيز حزب "يوبيك" نفوذه بنسبة كبيرة عما كان عليه قبل 3 أعوام.

أما حزب "الشعب الدنماركي"، فيشبه في تركيبته وتنظيراته أحزاب اليمين المتطرف في النمسا وهولندا ودول الشمال، حتى أنه وعلى هامش انتخابات 2015 التشريعية، أجاب على سؤال: "متى يمكن لحزبكم أن يصبح جزءاً من الحكومات؟"، بالقول: "حين نحصل على 90 في المائة من الأصوات". وهي إجابة يقول عنها اليساريون "إشارة واضحة للسعي الشمولي إلى هذا اليمين المتطرف".

في ألمانيا، يعتبر خبراء كثر أن التطرف اليميني النازي في البلاد، جزء أساسي من انتشار الكراهية ضد المهاجرين لا بل ملهم، تنظيماً وفكراً وعملاً. وقبل ظهور جماعة "بيغيدا" وتفرعاتها الأوروبية، قدّرت الاستخبارات الألمانية في عام 2010 وجود نحو 219 منظمة تنتمي لليمين المتطرف، ويلتزم بها عشرات آلاف الأشخاص.

اقرأ أيضاً: الشخصية الألمانية وتراكماتها

المثير في الأمر أن هذا اليمين الموزّع بين الفاشية والنازية الجديدة، ضمّ حوالي 10 آلاف عضو من أحزاب برلمانية. وبعد كل هذه السنوات يُقدّر البعض بأن "ازدواجية الولاء"، أكبر بكثير مما كانت عليه قبل سنوات. وبحسب الباحث الإيطالي بييرو إيغنازي، في كتابه "الأحزاب اليمينية المتطرفة في أوروبا الغربية"، فإن "الحالة متشابهة في كل الدول الأوروبية من جهة المجموعات والمنظمات والأحزاب اليمينية، وبالرغم من أن أعضاءها ليسوا بهذه الكثرة، إلا أنه وفي المقابل تتكاثر الأحزاب اليمينية التي هي على حافة التطرف، وتحصل على نفوذ سياسي متعاظم".

أما بالنسبة إلى الخبراء في مجال العنف اليميني، فإنهم لا يعيرون أهمية لعدد الأعضاء في تلك المجموعات، بل لأفعالها واستخدامها للعنف والاعتداء على طرفين أساسيين: "اليسار والمهاجرين". وفي هذا الإطار، تبدو الأيديولوجية المحرّضة وطرق العمل موحّدة بينها، لجذب المزيد من التعاطف والأعضاء، عبر تكريس "كره الأجانب" و"رفض مجتمعات التعدد الثقافي والاثني"، مع انتشار المسيرات العنصرية والاعتداءات العنيفة، التي تصل حتى القتل، كما حدث في أكثر من مناسبة.

في المقابل، يرى مختصون آخرون بأننا "أمام عمل دؤوب ومرعب لسيناريو، يسير فيه اليمين المتطرف القومي والفاشي، لإقناع الأوروبيين بأن الحل هو إبعاد وترحيل المسلمين مثلما فعل (الزعيم النازي أدولف) هتلر، وهو مثلهم الأعلى".

ويرى هؤلاء بأن تحوّلات عدة طرأت في المجتمعات الأوروبية وسمحت بـ"القبول البرلماني" لأحزاب التطرف ذات الميول النازية، كما في حالة ألمانيا، العاجزة عن حظر "الحزب الوطني الديمقراطي" (أن دي بي)، واكتساح حزب "البديل" للانتخابات المحلية في بعض الولايات أخيراً. هذا عدا عن التقدم اليميني المتشدد في فرنسا وهولندا وعدد من دول أوروبا الشرقية وروسيا، وبعض البلقان.

فروع "بيغيدا" المنتشرة، يتزعّمها أعضاء قوميون متطرفون في أحزاب برلمانية، وفي الحالة الإسكندنافية، فإن المتحدث باسم "بيغيدا" نيكولاي سينيلس، مرشح برلماني سابق، حتى أنه قال في 2009، إنه "خلال 5 سنوات علينا أن نكون مستعدين لحرب عصابات حقيقية في مدننا الكبرى، وتبادل إطلاق نار بين المجموعات المسلمة والسلطات الغربية. سوف تتدخل الجيوش وتقيم حواجز وستنشأ مجموعات الدفاع الذاتي على الجانبين وسنرى المزيد من حالات الطوارئ المفروضة بشكل دائم".

اليمين القومي المتطرف وقبل ظهور تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) الداعي لـ"الموقعة الكبرى"، كان يُنظّر لما يُسمّى "يوم القيامة" بـ"حرب أهلية في أوروبا". وفي 25 سبتمبر/أيلول الماضي، كتب ميكاييل يالفينغ في صحيفة "يولاندس بوستن" الدنماركية: "سيحدث الأمر في النهاية، ربما بعد 50 إلى 60 سنة".

اقرأ أيضاً: الاتفاق الأوروبي-التركي حول اللاجئين يواجه عقبات مستقبلية

من جهته، يقول الناشط ماثيو، أحد الذين تركوا اليمين المتطرف لـ"العربي الجديد"، إن "التنسيق بين المجموعات في معظم الدول الأوروبية ليس وهماً، بل حقيقة عشتها بنفسي، خصوصاً في ظلّ إلقاء كل عثرات المجتمعات الأوروبية على المهاجرين". ويعيش ماثيو، اليوم ضمن برنامج "الخروج"، الذي تعمل به دول عدة لتفكيك تلك المجموعات وتأمين المتحررين من ذلك الفكر. لكن مشكلة أساسية تواجه المشروع، إذ إن المنضمين أكبر بكثير من الخارجين".

حتى أن النرويجي أنديرس بيرينغ بريفيك، الذي نفّذ عمليته الإرهابية بقتل العشرات في معسكر شبابي ليسار الوسط وتفجير مبان حكومية في 22 يوليو/تموز 2011، قد ادّعى بأنه "قام بذلك العمل دفاعاً عن النرويج وأوروبا بوجه الإسلام وأسلمة أوروبا". وتبيّن لاحقاً بأن العلاقة وثيقة بين الحركات النازية الإسكندنافية والألمانية والإنجليزية. ويخشى هؤلاء الذين يتفقون مع رأي ماثيو، بأنه "مثلما ارتكب بريفيك جريمته، لا شيء يضمن بأن يجري إشعال فتيل أوروبا بشخص مثله من معسكر التطرف عبر جريمة كبرى، خصوصاً بعد الشحن الكبير هذه الأيام".

مع العلم أنه قبل ظهور تنظيمي "القاعدة" و"داعش" بسنوات، خرج القس الدنماركي سورن كاروب، عضو حزب "التقدم" اليميني المتطرف، الذي أصبح "حزب الشعب الدنماركي"، كثاني أكبر الأحزاب البرلمانية، في عام 1986، للتحذير في صحيفة "يولاندس بوستن" من أن "الحرب الأهلية آتية". وتساءل كاروب، وقتها "هل ستكون كوبنهاغن مدينة دنماركية بعد 50 سنة؟ هل سيتمكن الدنماركيون من البقاء شعباً موحّداً أم سنرى مصير لبنان (كان لبنان في خضمّ حربه الأهلية التي دامت بين عامي 1975 و1990) الذي ينتظرنا بحرب مع الأقليات؟".

30 سنة مرّت، وما يزال سياسيون وكتّاب يمينيون يرددون العبارات عينها، علماً أن الكاتب والناشر الدنماركي اليساري رونا لارسن، قد دعا في أواسط التسعينيات، على خلفية تلك التصريحات المتكررة، إلى "تسليح الأقليات للدفاع عن نفسها". ولا يزال للكاتب لارسن موقفه، الذي يعتبر بأن "كل الذي جرى التأسيس له، هو محاولة خطرة لجر المواطنين نحو هيستيريا الحرب الأهلية، بتصوير المسلمين المقيمين في أوروبا كجيش متعطش للدماء".

الحديث عن مجموعات "الدفاع الذاتي"، ترافق مع تشجيع تسلح الأوروبيين، وقد تعالت الأصوات في هذا الصدد، بعيد حادثة التحرّش الجماعي في مدينة كولن الألمانية، مطلع العام الحالي، عن ضرورة "تخفيف قوانين التسلح". حتى أن رئيسة البرلمان الدنماركي، بيا كيرسغوورد، وهي من مؤسسي "حزب الشعب" المتشدّد، دعت وبصراحة إلى "توزيع بخاخ رذاذ الفلفل على المواطنين للدفاع عن أنفسهم"، ومن الواضح ضمنياً ضد من سيكون "هذا الدفاع".

في هذا الصدد، تقول سميرة (طالبة ثانوية) في كوبنهاغن، إن "هناك مشكلة حقيقية تبرز اليوم في العلاقة بين مكونات المجتمعات الأوروبية، فتركز وسائل الإعلام والتصريحات السياسية المتتابعة منذ تفجيرات بروكسل عن استحالة تعايشنا".

بعض هؤلاء يقولون لـ"العربي الجديد"، إنه "إذا كان السياسيون المشرعون والأمن والشرطة يركزون على ما يسمونه التشدد، في صفوف قلة قليلة من المسلمين، فعليهم الانتباه إلى أننا لن نقبل أن نتحول إلى كبش فداء ولن نقف مكتوفي الأيدي ولن تتكرر في أوروبا ليالي الكريستال (ليلة شنّت فيها القوات النازية الألمانية حملات واسعة النطاق ضد اليهود في ألمانيا، يومي 9 و10 نوفمبر/تشرين الثاني 1938)، لأننا سنرد وسيرون عندها أية مصيبة أسس لها هؤلاء في السكوت على التحريض المستمر ضدنا بالتعميم". من جهتها، تعتبر رئيسة "الجبهة الوطنية" في فرنسا مارين لوبين، بأن "المسلمين عبارة عن محتلين"، ويُمكن تصور أية شرعية عنفية قد تكتسبها مجموعات التطرف.

ما تخشاه أوساط في الجاليات العربية والمسلمة، هو بالفعل حدوث صدام يبشر به اليمين المتطرف بافتعال عمل ما، بل ويخشى أوروبيون من أن تعود موجة الاعتداء على اليساريين، المتهمين بأنهم "يحابون المسلمون" فيصبح الأمر منفلتاً بوجود مجموعات شبابية فوضوية ويسارية متشددة وراديكالية، لا تتردد من مواجهة في الشارع، مثلما تتحدّى أحيانا قوى الأمن والشرطة باستخدام العنف في احتجاجاتها.

يُذكر أن من أهم المجموعات العنفية المشتركة بين الدول الأوروبية، هي: "الدم والشرف" وهي الشبكة النازية الممتدة في كل القارة، و"عصبة الدفاع"، و"حركة المقاومة الشعبية"، و"سكينهيد"، و"الوطنيون الأحرار"، و"وايت برايد".

اقرأ أيضاً: سياسة الهجرة تمزّق الاتحاد الأوروبي قبل قمة "الفرصة الأخيرة"

المساهمون