غارات صنعاء: انتقام من طائرة العند ونعي للجهود السياسية

غارات صنعاء: انتقام من طائرة العند ونعي للجهود السياسية

21 يناير 2019
أضرار جراء الغارات في صنعاء أمس (محمد حويس/فرانس برس)
+ الخط -
بعد الهدوء النسبي الذي ساد لما يقرب من شهر، كانت العاصمة اليمنية صنعاء خلال الـ48 ساعة الماضية على موعد مع موجة من الضربات الجوية للتحالف السعودي الإماراتي، جاءت رداً على التطور الخاص بالطائرات المسيرة من دون طيار لجماعة "أنصار الله" (الحوثيين)، وقصفها القاعدة العسكرية الأكبر في اليمن أخيراً. وتشير مجمل هذه التطورات إلى أن التحالف ومن قبله الحوثيون يفضلون الحسم العسكري على التسوية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة مدفوعة بدعم دولي. كما يثير التصعيد المخاوف من إمكانية أن ينسحب هذا الأمر على قضية الحديدة، وذلك في وقت تجد فيه الأمم المتحدة صعوبة في تنفيذ اتفاق سلام جرى التوصل إليه الشهر الماضي. والهدنة متماسكة إلى حد بعيد في الحديدة التي يسيطر عليها الحوثيون ويحتشد آلاف من القوات الحكومية التي يساندها التحالف على مشارفها. لكن سحب كلا الجانبين للقوات توقف بسبب خلاف على من سيسيطر على المدينة الواقعة على البحر الأحمر.

وأكد سكان في صنعاء، لـ"العربي الجديد"، أن ليلة من الرعب عاشتها المدينة، من مساء السبت وحتى فجر الأحد، على وقع التحليق المكثف للطائرات والانفجارات جراء أكثر من 20 غارة جوية، استهدفت مواقع عسكرية خاضعة لسيطرة الحوثيين وأخرى مدنية، وتحديداً تلك التي استهدفت مصنعاً للإسفنج في منطقة جدر، ونتج عنها سقوط قتيلين وجرح آخرين، وفقاً لمصادر تابعة للحوثيين. وتركزت ضربات التحالف الجوية على قاعدة "الديلمي" الجوية القريبة من مطار صنعاء، والتي تعد المقر الرئيسي للقوات الجوية اليمنية، إذ استهدفها التحالف بخمس غارات على الأقل، كما استهدف معسكر الفرقة الأولى مدرع (سابقاً) ومعسكر النقل الثقيل ومواقع أخرى لم ترد تفاصيل بعد حول طبيعة الأهداف التي جرى قصفها. وجاءت موجة الغارات الجوية للتحالف في صنعاء، بعد إعلان المتحدث العسكري باسمه، العقيد تركي المالكي، أول من أمس، عن عملية "نوعية" سيتم تنفيذها في العاصمة، ووجه دعوة للمدنيين للابتعاد عن المواقع المستهدفة، وهي الدعوة التي واجهها العديد من اليمنيين بسخرية، إذ كيف يمكن للمدنيين في عاصمة اليمن التي يسكنها نحو ثلاثة ملايين شخص، أن يعرفوا هذه المواقع قبل استهدافها. لكن الدعوة ذاتها ساهمت برفع وتيرة الرعب في أوساط السكان.

وفي الوقت الذي لم تعلن فيه الحكومة اليمنية الشرعية عن هدف عسكري واضح لمثل هذا التصعيد المفاجئ، فقد بدا واضحاً أن السياق الذي جاءت فيه الضربات، وعززته تصريحات التحالف، هو رد الفعل على التطور العسكري من قبل الحوثيين، باستهداف منصة قاعدة العند الجوية في محافظة لحج شمال عدن، منذ أكثر من أسبوع، أثناء وجود كبار قادة الجيش اليمني لحضور عرض عسكري بتدشين العام التدريبي الجديد للقوات المسلحة. وقال المالكي، في السياق، إنه جرى استهداف وتدمير شبكة متكاملة لقدرات ومرافق لوجستية للطائرات من دون طيار تتبع لمن وصفها بـ"المليشيا الحوثية المدعومة من إيران"، في سبعة مرافق عسكرية. وأضاف أن "عملية الاستهداف جاءت بعد عملية استخبارية دقيقة، ومنذ وقت طويل، شملت رصد ومراقبة نشاطات المليشيا الحوثية وتحركات عناصرها بهذه الشبكة لمعرفة وربط مكونات النظام وبنيته التحتية عملياتياً ولوجستياً، وكذلك منظومة الاتصالات وأماكن وجود الخبراء الأجانب". وأوضح أن "الأهداف المدمرة شملت أماكن لتخزين طائرات من دون طيار، وورش التصنيع وقطع الغيار، وورش التركيب والتفخيخ، وأماكن الفحص وتجهيز منصات عربات الإطلاق، وكذلك مرافق التدريب لتنفيذ العمليات".

يشار إلى أن تصعيد التحالف جاء بعد ساعات من تشييع الحوثيين "رئيس أركان القوات الجوية" التابعة لهم، اللواء إبراهيم علي الشامي. وقالوا إنه توفي بـ"نوبة قلبية"، إلا أن هناك شكوكاً وروايات أخرى من مصادر تابعة للتحالف، تحدثت عن مقتله بغارة جوية، في إطار الرد على تصعيد الحوثيين جواً باتجاه الجنوب. والأسبوع الماضي، توفي رئيس هيئة الاستخبارات العسكرية في اليمن، اللواء محمد صالح طماح، إثر إصابته بالضربة الجوية التي نفذها الحوثيون بطائرة مسيرة في قاعدة "العند"، حيث كان طماح موجودا إلى جانب رئيس هيئة الأركان العامة اللواء عبدالله النخعي، وعدد آخر من كبار المسؤولين العسكريين، الذين أصيب بعضهم بجراح متفاوتة فيما نجا آخرون.