قبائل سيناء تضع شروطها للتعاون مع الجيش المصري

قبائل سيناء تضع شروطها للتعاون مع الجيش المصري

06 ابريل 2017
تطالب القبائل بوقف انتهاكات الأمن بحق الأهالي (فرانس برس)
+ الخط -
كشفت مصادر قبلية في شمال سيناء، حيث تدور حرب بين السلطات المصرية وتنظيم "ولاية سيناء" التابع لـ"داعش"، عن تلقّي عدد من شيوخ القبائل والعائلات اتصالات من قِبل قيادات في الجيش المصري، في إطار البحث عن شخصية قبلية لديها قبول واسع في سيناء، لكي تتمكن من تجميع الشباب والعائلات الكبيرة والقبائل حولها في حربها ضد التنظيم. في المقابل، رأت المصادر أن الدعاية التي تعاطى من خلالها النظام المصري مع السيطرة على جبل الحلال، تشوبها مبالغات كبيرة، مقللة من القيمة العسكرية لتلك المنطقة نظراً إلى تمكّن "ولاية سيناء" من الانتشار في المدن وتدني مستوى حاجته للمواقع الجبلية.

وأوضحت المصادر القبلية أن الجيش لم يتمكن من إيجاد هذه الشخصية القبلية حتى الآن، لأن معظم شيوخ القبائل وكبار العائلات لا يقبلون بهذا التعاون إلا بشروط، تتصدرها وقف قوات الجيش والشرطة انتهاكاتها اليومية، من قتل واعتقالات وقصف جوي ومدفعي، وهدْم لكل الأعراف والتقاليد البدوية. وشددت على أن أهالي سيناء محرومون منذ عقود طويلة، ولم يهتم أي نظام حكم بهم، وكأنهم ليسوا مصريين، وهم ممنوعون من تملّك الأراضي. وحول الشروط المطروحة من القبائل، أكدت ضرورة وقف الانتهاكات بكل صورها على الأهالي فوراً، فضلاً عن منْح الحق لأهالي سيناء بتملّك الأراضي، والبدء فوراً في عملية تنمية شاملة وتوفير فرص عمل للشباب، وبغير هذا يصعب الحديث عن أي تعاون.

ولفتت المصادر ذاتها، إلى أن المتعاونين مع الجيش والشرطة هم فقط عائلات صغيرة جداً وعددهم محدود وليس لهم أي ثقل في سيناء مقارنة بالقبائل والعائلات الكبيرة. واستطردت: "البدو الذين كانوا يعيشون في الصحراء وكان يستغلهم الجيش في التحرك في الطرق الصحراوية الوعرة لملاحقة عناصر التنظيم المسلح، لا يتعاونون الآن بعد تزايد الانتهاكات ضد الأهالي". وقالت المصادر، إن حملات تنظيم "ولاية سيناء" على المتعاونين مع الجيش والشرطة، كان لها تأثير على إحجام العديد من السكان التعاون للإبلاغ عن تحركات العناصر المسلحة.


من جهته، قال الخبير الأمني، محمود قطري، إن قوات مكافحة الإرهاب في سيناء سواء من الجيش والشرطة، تواجه أزمة كبيرة لجهة نقص المعلومات المتوفرة لديها عن التنظيم الإرهابي. وأضاف قطري لـ"العربي الجديد"، أن مصدر المعلومات الأساسي لقوات مكافحة الإرهاب هم المواطنون في سيناء، ولذلك لا بد من تقوية العلاقات مع القبائل وكبار العائلات، لضمان الحصول على معلومات دقيقة. وتابع أن الحرب على الإرهاب هي حرب معلوماتية في الأساس وليست عسكرية، حتى لا يقع ضحايا مدنيون خلال المواجهات المسلحة، موضحاً أنه كلما كانت المعلومات دقيقة سهُل التعامل مع الجماعات والتنظيمات المسلحة، متسائلاً عن أسباب الانتهاكات التي تحدث في حق المدنيين بين الحين والآخر.

ورفض الخبير الأمني فكرة تسليح القبائل في سيناء لدعم جهود مكافحة الإرهاب، محذراً من مغبة هذا الأمر، باعتباره مخالفة واضحة لكل الأعراف الدستورية والقانونية والشرطية. وأشار إلى أن حمْل القبائل للسلاح سينتج عنه مجزرة حقيقية، خصوصاً أن العناصر الإرهابية مدربة تدريباً متطوراً، لكن شباب القبائل غير مؤهلين لحروب العصابات في الصحراء.
على صعيد عسكري، شككت مصادر في منطقة شمال سيناء، بما اعتبره الجيش المصري إنجازاً من خلال سيطرته على جبل الحلال أخيراً.

وأوضحت مصادر قبلية أن الجبل خالٍ من المسلحين منذ أشهر طويلة، نظراً إلى السيطرة الميدانية التي باتوا يتمتعون بها في مناطق جنوب رفح والشيخ زويد والعريش. واعتبرت المصادر ذاتها أن المسلحين ما عادوا بحاجة للاختباء في مناطق جبل الحلال، طالما أنهم يستطيعون التحرك داخل المدن من دون أن يستطيع الجيش أو الشرطة مواجهتهم كما كان الحال إبان سيطرة نظام حسني مبارك. وأشارت إلى أن نظام مبارك بكل قوته وبطشه في الناحية العسكرية، تورط في جبل الحلال بعد تفجيرات طابا 2004 حين قرر الانتقام من "الجماعات الجهادية" بالسيطرة عليه، ولم يتمكن من ذلك، على الرغم من ضعف الجماعات في تلك الفترة مقارنةً بقوتها الحالية.

وتساءل أحد مشايخ سيناء البارزين، في حديث لـ"العربي الجديد"، عن "لجوء الجيش للتهويل لمعركة كبيرة في جبل الحلال، بينما المسلحون يتحركون بأريحية في كل شبر من سيناء، بدءاً من وسط العريش، وليس انتهاء بالحدود مع فلسطين المحتلة". وأكد الشيخ القبلي أنه كان أولى بالجيش أن يفرض الأمن في عاصمة محافظة شمال سيناء العريش قبل أن يتجه لجبل الحلال، وأن الرد على ذلك بتجفيف منابع "الإرهاب" المفترض وجودها في الجبل، متسائلاً هل نحن مقبلون على أيام هادئة بعد السيطرة على الجبل؟

من جهته، قال خبير عسكري رفض الكشف عن اسمه، لـ"العربي الجديد"، إن ما تم إعلانه في بيان الجيش من كميات كبيرة من المتفجرات تم العثور عليها، ومخازن أسلحة، يؤكد أنه كان بإمكان المسلحين المفترض وجودهم أن يقاتلوا لأشهر طويلة من دون استسلام. وأوضح الخبير أن الجيش يحاول إيجاد صورة للنصر عبر استدعائه للقنوات والصحف، في ظل حالة التوسع الميداني الواضحة في سيطرة التنظيم على مناطق رفح والشيخ زويد والعريش، والتي تُعتبر المناطق الأكثر حيوية في شبه جزيرة سيناء.