العراق: 62 مسؤولاً مليشياوياً مرشحاً لانتخابات 2018

العراق: 62 مسؤولاً مليشياوياً مرشحاً لانتخابات 2018

26 ديسمبر 2017
هادي العامري سيكون زعيم مليشيا وسياسيّاً (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -

تشير معلومات خاصة حصلت عليها "العربي الجديد" من داخل المفوضية العليا للانتخابات في العراق إلى أن 62 شخصية بارزة في مليشيات عراقية مختلفة، ضمن ما يعرف بـ"الحشد الشعبي" قد حصلت فعلياً على الترخيص القانوني المطلوب للمشاركة في الانتخابات البرلمانية المزمع إجراؤها مطلع مايو/أيار المقبل بعد الإعلان عن استقالتها من "الحشد الشعبي" أو تخليها عن العمل المسلح وتشكيل حزب أو حركة سياسية، وهو ما يثير قلقاً بالغاً في أوساط التيار المدني والمكونات الأخرى في البلاد، التي اعتبرت ذلك التفافاً على القانون وخطراً يهدد حلم إقامة دولة مدنية عراقية.

وبحسب مسؤول رفيع المستوى في المفوضية العليا للانتخابات في العراق فإنه تمت المصادقة على 11 حزباً وحركة جديدة شكلتها المليشيات، واكتسبت 62 شخصية مليشياوية الحق في الترشح للانتخابات بعد خروجها من طائلة البند الثاني في قانون المفوضية، الذي يمنع ترشح العسكريين وأفراد قوى الأمن الداخلي و"الحشد الشعبي". وأوضح "أنهم أصبحوا خارج هذا البند بعد الإعلان رسمياً عن استقالتهم من الحشد" على حد قوله.
وقال المسؤول، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "تلك الكتل الجديدة أو الشخصيات اكتسبت صفة مدنية بإعلانها هذا، لكن في الحقيقة الأمر غير ذلك، فهم ما زالوا على رأس مليشياتهم ولم يتركوا العمل المسلح"، مؤكداً أن شخصيات مثل هادي العامري وأوس الخفاجي وقيس الخزعلي وفالح الفياض وأحمد الأسدي وشبل الزيدي وكاظم الياسري وأكرم الكعبي وهاشم الموسوي وريان الكلداني والشيخ فيصل الدليمي وهو أحد زعماء المليشيات العشائرية، سيكونون زعماء مليشيات وسياسيين في الوقت ذاته، إن لم يكونوا كمرشحين في الانتخابات فإنهم أصحاب أحزاب سياسية ستكون ممثلة داخل البرلمان، وبالتالي في الحكومة. ولفت إلى أن "النقطة الأخطر هو الخوف من تدخلهم في عملية الاقتراع وممارستهم ضغوطاً مختلفة في المناطق الجنوبية وترهيب سكان المناطق المختلطة". وتبدي الأمم المتحدة في العراق، باعتبارها راعياً طبيعياً للانتخابات طيلة السنوات التي أعقبت الاحتلال الأميركي للعراق، قلقها من ذلك، وفقاً للمسؤول ذاته، الذي رجح تقديم "شخصيات مليشياوية جديدة أخرى استقالتها على الورق كي تدخل ضمن من يسمح له تشكيل أحزاب والترشح".

وأعلن رئيس الوزراء، حيدر العبادي، في 15 الشهر الحالي، ترحيبه بخطاب المرجع الديني علي السيستاني الذي طالب فيه بحصر السلاح بيد الدولة وعدم استغلال "الحشد الشعبي" لتحقيق مآرب سياسية. ووفقاً لبيان أصدره مكتب العبادي فإن "الدعوة إلى حصر السلاح بيد الدولة ستساعد على إعادة الاستقرار والأمن في البلاد". إلا أن قيادياً بارزاً في مليشيا "الحشد الشعبي" أوضح، لـ"العربي الجديد"، أن "عملية حصر السلاح بيد الدولة ستشمل سلاح الجيش العراقي الذي استخدمته فصائل الحشد فقط، ولا علاقة لذلك بسلاح الفصائل الذي لم تقترضه من الحكومة". وقال فاضل الخيكاني، لـ"العربي الجديد"، إن "الحشد صار ضمن محاور المقاومة العربية، كحزب الله والجيش السوري والحرس الثوري ولا يمكن التخلي عن السلاح في هذا الوقت، خصوصاً مع استمرار التهديدات الإسرائيلية لجنوب لبنان" على حد وصفه. وتابع "الحديث عن أن استقالة شخصيات بارزة بالحشد للدخول في الانتخابات مسرحية أمر محير. هل نحلف لهم أنهم تركوا العمل العسكري؟".

وقال نائب رئيس مليشيا "الحشد الشعبي"، أبو مهدي المهندس، في بيان صحافي، إنّ "فتوى الجهاد الكفائي للمرجعية قلبت الانكسار إلى نصر"، متعهداً "الالتزام الكامل بالتوصيات الأخيرة للمرجعية حرفاً حرفاً بما يخص حصر السلاح بيد الدولة". وأعرب عن شكره "للمرجعية الدينية والشعب العراقي، وكافة المقاتلين والشهداء والجرحى والمعوقين من الحشد"، مؤكداً أن "الحشد منضبط، وأنّ دليل انضباطه النتائج التي حققها، فهو لم يدخل معركة إلّا وانتصر فيها". وأشار إلى أنّ "الحشد استطاع أن يكون جيشاً رديفاً، وأخاً حبيباً للقوات الأمنية والجيش العراقي"، مؤكداً "سنبقى نعمل على تحويل الحشد لجهاز رديف وتقويته، وأن يكون تحت سقف القانون".


وقال حسام العيسى، أحد أبرز قيادات التيار المدني العراقي، لـ"العربي الجديد"، "يبدو أن الجهود التي بذلت للتمهيد لتشكيل حكومة مدنية في الدورة البرلمانية المقبلة لن تواجه النجاح"، مبيناً أنّ "دخول الحشد الشعبي بالتعاون مع الأحزاب الدينية سيطيح بكل مشاريع انتشال البلاد من قيود الطائفية". وأضاف "على ما يبدو، فإنّ العراق لن يستطيع مستقبلاً تجاوز هذه المرحلة، وسيبقى يدور في فلك الطائفية والأحزاب الدينية، والتي لن يرجى لها أي خير للبلاد"، مشيراً إلى أنّ "العبادي كان يحاول منع مشاركة الفصائل المسلحة في الانتخابات، لكنه اليوم لن يستطيع تغيير هذا الواقع المؤلم". وأوضح أنّ "دعوة المرجعية قسمت الحشد إلى قسمين، قسم بيده السلاح على اعتبار أنّه تحت سلطة الحكومة، وقسم في البرلمان المقبل والحكومة المقبلة"، مؤكداً أنّ "هذه الدعوة جاءت بمثابة مكافئة للحشد الشعبي، وجسر لعبوره إلى الانتخابات والعملية السياسية، وتخطي القانون الذي يمنع مشاركة الفصائل المسلحة والجهات التي تحمل السلاح في الانتخابات".

ويرى مراقبون أنّ دعوة المرجعية هي إكمال لفتوى "الجهاد الكفائي"، إذ إنّ الأولى شكلت "الحشد الشعبي"، والثانية أدخلته الانتخابات والعملية السياسية. وقال الخبير السياسي، سلمان الجبوري، لـ"العربي الجديد"، إنّ "أغلب فصائل الحشد الشعبي لم تستطع إعلان دخولها الانتخابات قبل فتوى السيستاني"، موضحاً أنّ "تلك الفصائل الراغبة بدخول الانتخابات، كانت ترى أنّ إعلانها دخول الانتخابات يعني تخليها عن السلاح وعن العمل العسكري، وهذا سيكون على حساب شعبيتها، إذ كانت تبحث عن مخرج لها تحافظ به على شعبيتها، وتشارك في الانتخابات في الوقت ذاته". وأكد الجبوري أنّ "دعوة المرجعية جاءت في توقيت مناسب للحشد، وهي بمثابة القشة التي تنتشل الحشد من هذا الحرج"، مبيناً أنّ "قادة الحشد سرعان ما رحبوا بهذه الدعوة، وأكدوا التزامهم الكامل بها، وبدؤوا إجراءات التطبيق للدعوة، وإجراءات دخول الانتخابات". وأشار إلى أنّ "هذه الدعوة تجاوزت خطوط الحكومة ورئيسها حيدر العبادي، الذي كان يحاول أن يحول دون دخول الحشد في الانتخابات، لكنّه اليوم رضخ للدعوة وسلم بها"، مشيراً إلى أنّ "الحشد يسعى اليوم ليشكل غالبية برلمانية ليحصل على ضمانات لتمرير القوانين التي تخدم الحشد والفصائل المسلحة". وشكّل "الحشد الشعبي" قبل ثلاث سنوات، وفقا لفتوى السيستاني، الذي حث على التطوع لمقاتلة تنظيم "داعش"، الذي اجتاح الموصل وعدداً من المحافظات العراقية حينذاك.