لافروف في واشنطن: زيارة باهتة

لافروف في واشنطن: زيارة باهتة

11 مايو 2017
إقالة كومي تغطي على زيارة لافروف (شيب صمودفيا/Getty)
+ الخط -
كان يفترض أن تستحوذ زيارة وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إلى واشنطن بقدر أكبر من الاهتمام، إذ لم تطأ قدماه العاصمة الأميركية منذ حوالى أربع سنوات، والعلاقات بين البلدين في أسوأ أحوالها منذ الحرب الباردة (ما عدا بين الكرملين وترامب)،  ثم إن الزائر يحمل ملفات كبيرة، شرق أوسطية وغيرها؛ على رأسها سورية، وموضوع وقف النار الذي أشرفت موسكو على هندسته، والذي يبدو أن إدارة ترامب تميل إلى دعمه ولو أنها أبدت تحفظها على مشاركة إيران فيه، بعدما تكرر التلميح في هذا الاتجاه على لسان المسؤولين، من وزير الدفاع جيمس ماتيس قبل يومين، إلى البيت الأبيض والخارجية، وبعد الاجتماع مع الوزير لافروف. 

وحسب مراقبين، لا بدّ أن تكون المحادثات قد شملت قرار البيت الأبيض أمس تسليح الأكراد في سورية لخوض معركة الرقة، وذلك "حتى لا تؤثر مفاعيل هذا القرار على عملية وقف النار".

لكن محادثات لافروف، على أهمية بنودها، لم تحظ بأكثر من اهتمام باهت في واشنطن، حجبها، إلى حدّ بعيد، دخان قنبلة خلع جيمس كومي، مدير "إف بي آي"، من منصبه أمس، وبصورة أقرب إلى الطرد، خاصة وأن هذا الدخان له علاقة بالتحقيقات في القرصنة الروسية الانتخابية ومشتقاتها الأميركية الترامبية المحتملة. 



بذلك جاءت الزيارة وسط أجواء من النفور تجاه موسكو، سواء في الكونغرس، أو في وسائل الإعلام، أو في صفوف النخب وصناع الرأي. 

وكان لافتا أن يتمحور التركيز في تغطية اجتماعات لافروف في البيت الأبيض ووزارة الخارجية على السفير الروسي الذي رافق وزيره؛ باعتباره بطل الاتصالات مع فريق ترامب الانتخابي الذي تدور التحقيقات حول الاشتباه بعلاقته مع الروس في عملية القرصنة. 

واشنطن المقلوبة بفعل الانقلاب ضد مدير "إف بي آي" كانت عيونها على الأزمة الداخلية، لما تنطوي عليه من خطورة بأبعادها ومضاعفاتها السياسية والدستورية، وربما الرئاسية، على المدى الأبعد، فالمسألة أبعد من إزاحة مسؤول أمني كبير من منصبه.

 

علامات القلق، في هذا الخصوص، كانت وما زالت بادية في الردود، وحتى المتعاطف منها مع ترامب، أو المحسوب على خندقه. يتضح ذلك في مواقف فريق وازن من الجمهوريين في الكونغرس، مقرّب سياسياً من الرئيس، الذي لم يخف أصحابه خشيتهم من قرار إقالة كومي في هذا الوقت، وبهذه الصيغة الفجّة، التي أوحت بأن "وراء الأكمة ما وراءها". 

السناتور النافذ، جون ماكين، رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ، تحدث، وبلغة اليقين، بما يفيد بأن "المزيد من الرؤوس سوف تتدحرج. أؤكد لكم ذلك، فالفضيحة مستمرة، وهناك الكثير من المعلومات التي لا نعرفها الآن سوف تتكشف"، بحسب ما نسب إليه قوله في لقاء خاص. 

وأضاف ماكين، في ما يشبه التحذير الموجه إلى الرئيس، أنه "إذا كانت النية من إبعاد كومي إحباط التحقيق، فإنني أقول إن المحاولة سوف تفشل"، وهو يشير بذلك إلى التحقيقات الجارية، خاصة التي يتولاها مكتب التحقيقات الفدرالي في قضية القرصنة الروسية. 

وحمل مثل هذا الكلام، الذي فاضت به الردود، ما عدا ما نطقت به الأوساط المؤيدة للرئيس، على استذكار ما يسمى بـ"مجزرة ليل السبت" عام 1973، عندما أقدم الرئيس ريتشارد نيكسون على خطوة مماثلة بإقالة المحقق الخاص في فضيحة ووترغيت بعدما اقترب على ما بدا من الإدانة. 

والمعروف أن تلك الإقالة لم تشفع للرئيس، الذي أجبر على مغادرة البيت الأبيض. سيناريو استرجعت صورته في اليومين الأخيرين.

السؤال المفصلي الآن: "ماذا سيكون مصير التحقيق الذي تجريه (إف بي آي) في هذا الملف غير المسبوق؟"، وعلى هامشه طرح سؤال آخر: "هل تباحث لافروف في الموضوع مع البيت الأبيض، الذي رحب بحفاوة بالوزير الروسي؟". لافروف نفى ذلك. 

يشار إلى أن الرئيس ترامب سمح لصحافي روسي فقط بالتقاط صورة استقباله للوزير لافروف، فيما بقي الصحافيون الأميركيون خارج المناسبة. فهل يعني ذلك، على شكليته، أي شيء؟ للرمزيات، حتى الشكلية، أهميتها ومغزاها عند الرئيس ترامب.