جولة جديدة من "أستانة": إدلب واللجنة الدستورية والمعتقلون والطرق

جولة جديدة من "أستانة": إدلب واللجنة الدستورية والمعتقلون والطرق

25 ابريل 2019
يتوقع أن يحضر بيدرسون جولة المحادثات (Getty)
+ الخط -
تبدأ اليوم الخميس جولة جديدة من محادثات أستانة بشأن سورية في العاصمة الكازاخية نور سلطان (أستانة سابقاً)، للتباحث حول العديد من الملفات العالقة في القضية السورية بين الثلاثي الضامن (تركيا، روسيا، إيران)، في مقدمتها إنجاز اللجنة الدستورية، والموقف في محافظة إدلب وملف المعتقلين. وتعقد هذه الجولة على مدى يومين في ظل انخفاض مستوى الآمال بتحقيق انفراج جدي من شأنه دفع العملية السياسية للتوصل لحلول للقضية السورية، بسبب مواصلة النظام سياسة التهديد والوعيد بشن عمل عسكري ضد محافظة إدلب ومحيطها، معقل المعارضة البارز.
وأوضح أيمن العاسمي، عضو وفد قوى الثورة السورية العسكري المشارك في المفاوضات، في حديث مع "العربي الجديد" أنه إضافة إلى ملف إدلب ومحيطها "تبحث الجولة في قضايا عدة منها المعتقلون والطرق"، في إشارة إلى طريقي حلب – حماة، وحلب- الساحل. وعقدت سابقاً 11 جولة من مسار أستانة، فشلت في التوصل لحلول ناجعة.


ولا يزال النظام وحلفاؤه، الروس والإيرانيون، يمارسون سياسات كانت وراء الفشل المتكرر. ويتمسك النظام برفض بحث قضية المعتقلين في سجونه والمقدرين بعشرات الآلاف. ويبدو أن الجانب الروسي لم يضغط على النظام من أجل بحث هذا الملف الإنساني الشائك، بل إن الأخير بدأ بإصدار وثائق وفاة لآلاف المعتقلين في تحد واضح للجهود التي تبذل على هذا الصعيد. وأكدت مصادر في المعارضة، لـ"العربي الجديد"، أن الجولة الجديدة الذي دُعي لحضورها المبعوث الأممي إلى سورية غير بيدرسون، "ستشهد توافق الثلاثي الضامن على أسماء أعضاء اللجنة الدستورية المنوط بها وضع دستور جديد للبلاد". وأشارت إلى أنه سيعلن عن الأسماء وآليات عمل اللجنة ومرجعياتها مطلع شهر مايو/أيار المقبل في مدينة جنيف السويسرية. وبقيت اللجنة الدستورية محل تجاذب على مدى أكثر من عام بسبب رفض النظام تسهيل مهام الأمم المتحدة، في تشكيل لجنة دستورية ذات مصداقية ومتوازنة وشاملة.
واعترض النظام على بعض أسماء اللجنة المقترحة من قبل الأمم المتحدة، ولكنه رضخ أخيراً تحت الضغط الروسي، فأعطى المبعوث الأممي موافقة على الانخراط في أعمال اللجنة التي تأمل الأمم المتحدة أن تكون بوابة للحل السياسي.
وليس من المرجح حدوث اختراق كبير في الملفات الأخرى التي ستبحثها الجولة الجديدة من مسار أستانة، تحديداً في ما يتعلق بمحافظة إدلب ومحيطها، إذ لا يزال النظام يصعّد من أعماله العسكرية. ولا يكاد يمرّ يوم دون سقوط قتلى ومصابين بين المدنيين نتيجة قصف من قوات النظام لم يهدأ منذ مطلع شهر فبراير/شباط الماضي.
ولا تزال المنطقة محكومة باتفاق سوتشي المبرم بين الروس والأتراك في 17 سبتمبر/أيلول الماضي، وتم بموجبه إنشاء منطقة آمنة في محيط إدلب بين مناطق النظام والمعارضة، بحدود تراوحت بين 15 و20 كيلومتراً، خالية من السلاح الثقيل. لكن بنود الاتفاق لم تنفذ كاملة، خصوصاً لجهة فتح طريقين دوليين يربط الأول مدينة حلب في شمال سورية بمدينة حماة ومن ثم إلى العاصمة دمشق، والثاني يربطها بالساحل السوري. وكان من المفترض فتح الطريقين أواخر العام الفائت، لكن موسكو وأنقرة لم تتوصلا بعد إلى اتفاق حيال ذلك.
واستبق مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى سورية، ألكسندر لافرينتييف، الجولة الجديدة بزيارة العاصمة السعودية الرياض، التقى خلالها مع رئيس هيئة التفاوض التابعة للمعارضة السورية نصر الحريري، ومن ثم اجتمع برئيس النظام السوري بشار الأسد في دمشق لضمان نجاح الجولة الجديدة من هذا المسار الذي كان وراء سحق المعارضة في ريف دمشق وجنوب سورية ووسطها، إذ أقام ما سمي في حينه مناطق "خفض التصعيد" التي قضمها الروس الواحدة تلو الأخرى، باستثناء المنطقة الرابعة التي تشمل محافظة إدلب ومحيطها. ويبقى الموقف في محافظة إدلب معقداً حتى اللحظة، إذ لا تزال الهوّة شاسعة بين الموقفين الروسي والتركي حيال التعامل مع تنظيمات متطرفة تفرض سيطرة على المنطقة في مقدمتها هيئة تحرير الشام بقيادة "جبهة فتح الشام" (النصرة سابقاً). وبينما تدفع روسيا باتجاه عمل عسكري من أجل التخلص من "الهيئة"، يصرّ الأتراك على بلورة حل للقضية من دون أي تداعيات على المدنيين لمنع موجات نزوح جديدة ستتأثر بها. وتضم محافظة إدلب نحو 4 ملايين مدني أغلبهم نازح من خارج المحافظة، من المرجح اندفاعهم باتجاه الحدود التركية في حال اندلاع صراع واسع النطاق مرة أخرى.
ولطالما اتخذ النظام وحلفاؤه من وجود هذه التنظيمات ذريعة للفتك بفصائل المعارضة والمدنيين، وهو يبحث عن مدخل للبدء بعملية عسكرية في شمال غربي البلاد قبل العودة مرة أخرى إلى طاولة المفاوضات في مدينة جنيف، حيث تعد الأمم المتحدة لجولة من هذه المفاوضات المتوقفة منذ بدايات العام الماضي. ومن المرجح أن يحافظ الطرفان الروسي والتركي في الوقت الراهن على اتفاق سوتشي رغم هشاشته بانتظار نضوج تسوية تشمل القضية السورية برمتها.

المساهمون