قبيل زيارة السيسي لواشنطن: مشاهد "الحسبة" تصل سيناء

قبيل زيارة السيسي لواشنطن: مشاهد "الحسبة" تصل سيناء

29 مارس 2017
تشكيك في توقيت نشر الأشرطة (تويتر)
+ الخط -

أثار نشر صور ومقاطع فيديو على مواقع مقربة من تنظيم "ولاية سيناء" المسلح، جدلاً كبيراً، لنشره بعد ساعات من إعلان البيت الأبيض أن الرئيسين دونالد ترامب وعبدالفتاح السيسي سيبحثان، خلال لقائهما، "التهديدات الإرهابية التي تتعرض لها شبه الجزيرة المصرية"

وذكر سياسي، وهو برلماني سابق من أبناء سيناء، أن "توقيت النشر يثير الشك والريبة، لأنه لا يخدم أحداً سوى النظام المصري، الذي يسعى إلى انتزاع مكانة دولية عبر "فزاعة" الإرهاب"، محذراً من أن "كابوس" التدويل لن يكون مستبعداً، خاصة أنه يتزامن مع أحاديث متكررة عن وضع سيناء في سياق حلول مقترحة للقضية الفلسطينية. 

وقبيل زيارة السيسي إلى العاصمة الأميركية واشنطن للقاء الرئيس دونالد ترامب بعدة أيام، نشر تنظيم "ولاية سيناء"، الذي أعلن مبايعته لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، مساء الثلاثاء، إصدارا مرئيا يحمل مشاهد وقضايا تُنشر للمرة الأولى، وتظهر تطورات في السيطرة الميدانية للتنظيم في سيناء.

وكان البيت الأبيض قد أورد، في بيان صحافي أمس الثلاثاء، أن الرئيس ترامب سيجتمع مع السيسي الاثنين المقبل، 3 أبريل/نيسان.


واللافت أن بيان البيت الأبيض أكد أن الرئيسين سيبحثان "كيفية هزيمة تنظيم "داعش"، وجهود تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة"، وهنا يظهر التوافق بين أهم ملف للنقاش بين الطرفين والإصدار الذي نُشر للتنظيم.

وبحسب الإصدار، الذي نُشر عبر حسابات مقربة من التنظيم، وحمل عنوان "نور الشريعة"، فإن "مجموعات الحسبة" العاملة في سيناء عملت على عدة ملفات، أهمها منع التدخين والتجارة فيه، وتكسير القبور، ومنع الصوفية، وقتل الكهنة.

وفي بداية الإصدار، ظهرت مجموعات الحسبة وهي تحرق كميات من السجائر والمخدرات، إضافة إلى جلْد عدد من العاملين في بيعها وتهريبها.

وقال شخص يُدعى أبو المقداد المصري، أحد رجال الحسبة: "تصدّى رجال الحسبة في "الدولة الإسلامية" في سيناء لحلق اللحية وإسبال الثياب وتبرّج النساء، وعدم التزامهن باللباس الشرعي، ورفع القبور، واستخدام التلفاز، والتي حرمتها الشريعة الإسلامية".

وفي الجزء الثاني من الإصدار، ظهرت مجموعات من الحسبة وهي تجمع أجهزة التلفاز من منازل المواطنين، وتحرقها، وتدمر أجهزة استقبال البث بشكل نهائي لا يمكن إصلاحه، إضافةً إلى تكسير القبور في إحدى مقابر سيناء، لم يحدد مكانها بالضبط، من قبل عدد كبير من أفراد التنظيم.

وظهر في الفيديو إعدام اثنين ممن أسماهما التنظيم بـ"الكهنة الكفرة"، وهم الشيخان سليمان أبو حراز وقطيفان منصور.

وقال متحدث باسم مجموعات الحسبة، يُدعى أبو مصعب المصري، إنه تم تشكيل محكمة شرعية تابعة للتنظيم في سيناء يُرجع إليها في القضايا كافة، وأول من يتم تقديمهم للمحكمة هم "تاركو الصلاة؛ ليتم استتابتهم"، بحسب قوله.

وأضاف: "إن أولى أولويات عمل الحسبة أمر الناس بتوحيد الله، ونهيهم عن المنكر، وزجر الناس عن الشرك بالله"، مشيرا إلى أنه "تم رفع قضايا جميع من ثبت عليه الوقوع في الشرك بالله إلى المحكمة الشريعة، من أجل الحكم فيهم، إما بالقتل أو الاستتابة، وأن المحكمة الشرعية التابعة للتنظيم فتحت الباب لعوام المسلمين للتحاكم إلى شرع الله في قضايا الدم والأموال والأعراض".

وكما يظهر في الإصدار محاربة التنظيم لفكر الصوفية، من خلال "مداهمة أماكن المعتنقين له واعتقالهم"، وفي شأن ذلك قال المصري: "أول ما بدأنا به الدعوة إلى الله واتباع سنة النبي، ونبذ الشرك والبدع، بعضهم استجاب وبعضهم استمروا في شركهم، مما دفع رجال التنظيم لإلقاء القبض عليهم واستتابتهم"


ويظهر في الفيديو المعتقلون وهم في جلسة مع أشخاص ملثمين من التنظيم، ومن ثم يوقّعون على أوراق بعدم الرجوع لأفكارهم.

ويظهر في الإصدار نسْف أضرحة وقبور في سيناء بالمتفجرات عن بُعد، والتأكيد على "محاربة السحر والكهانة".

وفي نهاية الإصدار، دعا المصري المواطنين الذين وقع بحقهم ظلم إلى "رفع مظلمة إلى المحكمة والتنظيم؛ لرد الحقوق إلى أصحابها"، وفق زعمه.

وفي التعليق على الإصدار، تساءل أحد مشايخ سيناء، في حديثه لـ"العربي الجديد"، عن توقيت نشره، بالنظر إلى أن ما ذكر في الإصدار من أعمال مطبقة على أرض سيناء فعليا منذ أشهر طويلة، فلماذا الإعلان عنها من قبل التنظيم في هذا التوقيت؟!

وأوضح الشيخ القبلي أن "ملاحقة التنظيم لمهربي الدخان والمخدرات ليس بالأمر الجديد، إذ يجري ذلك منذ سنوات، وكذلك تكسير القبور الإسمنتية، وتدمير الأضرحة، وملاحقة الصوفيين، وقتل الكهنة تم في نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي".

وتوقع الشيخ القبلي أن يكون للتنظيم أهداف أخرى في نشر الإصدار في هذا التوقيت، تفوق الأهداف المتعلقة بنشر أعماله، أو تعريف الجمهور بأفعاله كما جرت العادة.

وفي السياق، أوضح خبير في شؤون الجماعات المسلحة، لـ"العربي الجديد"، أن نوعية الإصدار وتفاصيل مضمونه تشير إلى أن توقيت نشره لم يكن عشوائيا، بل "وفقا لرؤية التنظيم للمشهد السياسي، والذي تعتبر زيارة السيسي لواشنطن جزءًا منه".

وأشار الخبير، الذي رفض الكشف عن اسمه، إلى أن المشاهد التي عرضت في الإصدار من إحراق للدخان وتكسير أجهزة التلفاز وهدم الأضرحة، تشبه ما يعرضه فروع التنظيم في العراق وسورية طيلة السنوات الماضية.

ونبّه إلى أن التنظيم ينشر هذه المادة لأول مرة بشكل رسمي ومعلن، رغم مرور أشهر طويلة على تنفيذها، وكذلك الاستعاضة بهذا الإصدار المتعلق بعمل بمجموعات "الحسبة" بدلا من نشر أعمال التنظيم، كما جرت العادة، في ملفات تفجير الآليات واستهداف مواقع الجيش والشرطة، يؤكد أنه إصدار موجّهٌ لتحقيق أهداف معينة يصعب التنبؤ بها حاليا.

وشدد على أن "هذه التنظيمات، التي في ظاهرها تحارب الأنظمة الرسمية في الدول، غالبا ما تخدم الأخيرة بأعمالها، إلا أنه لا يمكن الحسم في أن هذا التوافق جاء بالتنسيق أو بمحض الصدفة"، في إشارة إلى الترابط الحاصل بين زيارة السيسي لواشنطن ونشر الإصدار.

وينشط في مناطق سيناء تنظيم ولاية سيناء منذ سنوات، فيما كان اسمه "أنصار بيت المقدس"، إلا أنه بايع تنظيم "داعش" في نوفمبر/تشرين الثاني 2014، وعمل على استهداف قوات الجيش والشرطة خلال السنوات الماضية، مما أدى إلى مقتل العشرات من الطرفين.