السادات أحدث أهداف السيسي في قضية التمويل الأجنبي

السادات أحدث أهداف السيسي في قضية التمويل الأجنبي

28 مارس 2017
أُسقطت عضوية السادات من البرلمان سابقاً (العربي الجديد)
+ الخط -
ضمّ نظام الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الجمعيات الخاصة بالنائب السابق محمد أنور السادات إلى مجموعة المنظمات الحقوقية والمجتمع المدني، والتي يتم التحقيق معها في القضية المعروفة إعلامياً بـ"التمويل الأجنبي لمنظمات المجتمع المدني". وجرى التحقيق مع عدد من العاملين في هذه الجمعيات بتهم مختلفة، منها تلقي أموال من جهات أجنبية معادية لمصر، وإخفاء أرباح الجمعيات والمساعدات التي تتلقاها من الداخل والخارج، وممارسة أنشطة تجارية من دون تسجيل مسبق ومن دون أداء الضرائب المستحقة عليها للدولة، وذلك بهدف مواصلة الضغط على السادات بعد فصله من البرلمان، ومحاولة منع شقيقه عفت من الترشح على مقعده في الانتخابات التشريعية التكميلية المقررة الشهر المقبل.
واعتبر النظام المصري أنور السادات خصماً له منذ تزعمه معارضة برلمانية وحقوقية واسعة لمشروع قانون تنظيم الجمعيات الأهلية، خصوصاً بعد رصد الأجهزة الأمنية لقاءات له مع سفراء بعض الدول الأوروبية التي هددت لاحقاً بوقف دعمها المجتمع المدني المصري بمختلف صوره، سواء في المجالات التنموية أو الحقوقية في حالة صدور القانون أو إعادة النظر فيه. هذا الأمر أجبر السيسي على إصدار تعليماته لرئيس مجلس النواب علي عبدالعال بإبقاء مشروع قانون تنظيم الجمعيات الأهلية بحوزة البرلمان، وعدم إرساله لرئاسة الجمهورية، لتحاشي إصداره في المستقبل القريب، وذلك خشية تعرض السيسي لضغوط دولية وانتقادات لاذعة بسبب خطورة المواد التي تحيل أمر إدارة المجتمع المدني إلى الأجهزة الأمنية.
وقالت مصادر قضائية لـ"العربي الجديد" إن النيابة ستوجّه استدعاءات للسادات نفسه والعاملين معه في الجمعيات الخاصة به، وذلك بعدما صدر قرار بمنعهم من السفر. كذلك سيتم استدعاء المسؤولين الماليين في هذه الجمعيات إلى نيابة مكافحة التهرب الضريبي، أسوة بمديري عدد من المراكز الحقوقية الذين تم التحفظ على أموالهم سلفاً بقرارات قضائية. وأشارت تقارير أعدتها لجنة مشتركة من وزارة المالية ومصلحة الضرائب ووزارة التضامن ووحدة مكافحة غسيل الأموال، إلى اتهام جمعيات السادات من بين أكثر من 20 مركزاً حقوقياً بالتهرب الضريبي وبغسيل الأموال.
وأضافت المصادر أن من بين الاتهامات الموجّهة للسادات والعاملين معه أيضاً التواصل مع جهات خارجية للإساءة لصورة مصر في الخارج، وهو الاتهام الذي وجّهته هيئة التحقيق من قبل للنشطاء حسام بهجت وجمال عيد وعزة سليمان، ما يعني أن هيئة التحقيق توشك على طلب منع السادات من التصرف في أمواله، وأنه في حالة ثبوت الاتهامات في التحقيقات فسيكون المتهمون معرضين لعقوبات أكبر من تلك الخاصة باتهامات ممارسة نشاط أهلي من دون ترخيص أو تلقي أموال من الخارج من دون إخطار الجهات الإدارية المصرية، بالإضافة لعقوبة التهرب الضريبي الذي له عقوبة وجوبية هي الحبس.
وذكرت المصادر أن التحرك القضائي ضد السادات يهدف لتقليم أظافره وتكبيل حركته الإعلامية والمالية، خصوصاً بعدما بلغت الأجهزة الأمنية محاولته دخول مجال الإعلام من خلال شراء نسبة من أسهم محطات فضائية وصحف خاصة.
وفي سياق قريب، أوضحت المصادر القضائية أن نيابة التهرب الضريبي بصدد إرسال قرار اتهام إلى النائب العام بحق عدد من الحقوقيين الذين لم يسددوا الضرائب إلى الدولة أو سددوا نسبة قليلة أو متلاعباً فيها، وسيحيل النائب العام بدوره قرار الاتهام إلى هيئة التحقيق القضائية التي يترأسها القاضي هشام عبدالمجيد، حتى يتم تحريك القضية إلى محكمة الجنايات ككتلة واحدة بمختلف الاتهامات المتضمنة فيها.


وما زالت قضية "التمويل الأجنبي" المحظور نشر تفاصيلها في الإعلام المصري في حوزة وحدة مكافحة غسيل الأموال ودعم الإرهاب التي يترأسها القاضي أحمد السيسي شقيق رئيس الجمهورية، إذ طلبت الوحدة من جهازي الاستخبارات والرقابة الإدارية تقارير إضافية عن عدد من المراكز التي لم يتم الاستعلام عنها من قبل، تمهيداً لإحالتها إلى قضاة التحقيق المنتدبين.
وأكدت المصادر أن الوضع الإقليمي والدولي لنظام السيسي، خصوصاً بعد تولي دونالد ترامب رئاسة الولايات المتحدة، بات يسمح للنظام بسرعة التصرف في القضية، بعدما كان يواجه عراقيل متمثلة في اعتراضات الإدارة الأميركية السابقة على الإجراءات ضد الحقوقيين وتضييق المجال العام، بالإضافة لانشغال الدول الأوروبية بقضايا أخرى أكثر أهمية مع تعدد الانتخابات في دولها الكبرى.
وشهدت القضية منع عدد كبير من الحقوقيين من التصرف بأموالهم، وتُعتبر قرارات المنع الصادرة من دائرة بمحكمة جنايات القاهرة، مؤقتة إلى حين انتهاء التحقيقات، وليس لها علاقة بالعقوبات التي قد تُفرض على المتهمين في القضية، والتي قد تصل إلى السجن المؤبد، نظراً لاتهام جميع النشطاء بخرق المادة 78 من قانون العقوبات.
وعدّل السيسي هذه المادة في سبتمبر/أيلول 2014 لتعاقب بالسجن المؤبد وغرامة نصف مليون جنيه (نحو 27 ألف دولار) كلَّ من "يطلب لنفسه أو لغيره أو قبِل أو أخذ ولو بالواسطة من دولة أجنبية، أو ممن يعملون لمصلحتها، أو من شخص طبيعي أو اعتباري، أو من منظمة محلية أو أجنبية أو أية جهة أخرى لا تتبع دولة أجنبية ولا تعمل لصالحها، أموالاً سائلة أو منقولة أو عتاداً أو آلات أو أسلحة أو ذخائر أو ما في حكمها أو أشياء أخرى، أو وعد بشيء من ذلك بقصد ارتكاب عمل ضار بمصلحة قومية، أو المساس باستقلال البلاد أو وحدتها أو سلامة أراضيها، أو القيام بأعمال عدائية ضد مصر أو الإخلال بالأمن والسلم العام".
هذا التعديل القانوني الذي أدخله السيسي على المادة 78 من قانون العقوبات، يوسّع جهات تمويل الجرائم ليشمل تلقي الأموال بقصد إضرار البلاد سواء من الداخل أو الخارج. كذلك لم يعد الإضرار بأمن مصر يقتضي "ارتكاب عمل ضار بمصلحة قومية" بل أصبحت الجريمة تتحقق بمجرد ارتكاب فعل يمكن تفسيره على أنه "مساس باستقلال البلاد أو وحدتها أو سلامة أراضيها، أو القيام بأعمال عدائية ضد مصر أو الإخلال بالأمن والسلم العام".
يذكر أن ملف التعامل مع المجتمع المدني كان يمثّل نقطة خلاف بين إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما ونظام السيسي، ووجّه وزير الخارجية الأميركي السابق جون كيري انتقادات متكررة للقاهرة بسبب تضييقها على عمل المنظمات الحقوقية والجمعيات الأهلية، خصوصاً بالتزامن مع إعادة إحياء قضية التمويل الأجنبي للمنظمات، والتي تم على إثر تفجيرها عام 2011 إغلاق فروع عدد من المنظمات الأجنبية، الأميركية والألمانية تحديداً، في القاهرة.

المساهمون