"داعش" ينقل معاركه إلى صحراء الأنبار لتعويض خسائره بالمدن

"داعش" ينقل معاركه إلى صحراء الأنبار لتعويض خسائره بالمدن

03 يوليو 2016
استعادت القوات العراقية مدينة الفلوجة (العربي الجديد)
+ الخط -
يحاول تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) نقل معاركه ضد القوات العراقية ومليشيات "الحشد الشعبي" ومسلحي العشائر، إلى المناطق الصحراوية الشاسعة في محافظة الأنبار، غربي العراق، لتعويض الخسائر الكبيرة التي تعرّض لها في المدن، لا سيما في الفلوجة، فيما يرجح ضباط عراقيون أن تكون الحرب مع التنظيم في الصحراء طويلة وصعبة.

ويؤكد قائد عمليات الجيش في الأنبار، اللواء الركن إسماعيل المحلاوي، أن عدداً كبيراً من عناصر "داعش" انتقل إلى منطقتَي الرزازة والثرثار في صحراء الأنبار، مبيناً خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، أن عملية متابعتهم مستمرة من قبل القوّتَين البرية والجوية العراقية. ويشير إلى رصد الطيران العراقي نحو 50 عنصراً من التنظيم في منطقة الثرثار، لافتاً إلى صدور أوامر بقصف تجمعاتهم وتعقّب تنقلاتهم في منطقة الثرثار الصحراوية التي تفصل محافظة الأنبار عن محافظة صلاح الدين (شمال البلاد).

ويقول المحلاوي إن "العشرات من مقاتلي داعش تمكنوا، خلال الأيام الماضية، من الفرار، من قرى تابعة لمدينة الفلوجة باتجاه منطقة الرزازة التي تفصل صحراء الأنبار عن حدود محافظة كربلاء (100 كيلومتر جنوب بغداد)"، مبيناً أن "مسلحي عشائر بلدة عامرية الفلوجة (30 كيلومتراً جنوب الفلوجة)، هاجموا، أمس السبت، رتلاً للتنظيم كان متوجهاً لمنطقة الرزازة، وقتلوا 5 من عناصره، وأصابوا آخرين". ويضيف أنّ "عناصر داعش اضطروا لنقل معاركهم إلى الصحراء، لتعويض خسارتهم عدداً من المدن في محافظة الأنبار، خصوصاً مدينة الفلوجة"، مشيراً إلى أن التنظيم أوقع نفسه في مأزق أكبر بهروبه إلى الصحراء، لأن استهدافه من قبل القوات العراقية المشتركة سيكون أسهل، على حدّ تعبيره.

وتضم الأنبار، التي تشكل ثلث مساحة العراق، أراض صحراوية شاسعة ترتبط بمحافظة صلاح الدين من الشمال، ومحافظات كربلاء، وبابل، والنجف من الجنوب. كما تمتد صحراء الأنبار لتصل الحدود السورية والأردنية من الغرب، والحدود السعودية من الجهة الجنوبية الغربية.







وفي سياق متصل، يؤكد العقيد بالجيش العراقي في الأنبار صالح الطائي، أن مناورات التنظيم أصبحت مكشوفة، مبيناً خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، أن الفرار من منطقة إلى أخرى لا يعني التخلص من الحرب الواسعة التي تشنها القوات العراقية المشتركة بغطاء جوي من التحالف الدولي ضده. ويرجّح أنه "قد تتطلب حرب الصحراء مع داعش وقتاً أطول، لكنها ستنتهي بخسائر أقل، بسبب ابتعادها عن أماكن تجمع المدنيين"، مشيراً إلى صعوبة الطبيعة الجغرافية لصحراء الأنبار. ويوضح أن مهمة تعقب "داعش" في الأنبار صعبة لكنها ليست مستحيلة، في ظل وجود طيران متطور، كالذي يمتلكه التحالف الدولي، مؤكداً أن ضربات طيران التحالف كانت حاسمة ومؤثرة في المعارك السابقة.

في المقابل، يشكك القيادي في مجلس العشائر المتصدية لـ"داعش"، حامد العيساوي، بقدرة القوات العراقية ومليشيات "الحشد" على ملاحقة التنظيم في صحراء الأنبار، مشيراً خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى احتواء الصحراء الممتدة لمئات الكيلومترات على أودية وكهوف وتضاريس تسهّل اختفاء عناصر التنظيم وتصعّب مهمة ملاحقتهم.

ويتوقع العيساوي أن تطول معركة ملاحقة "داعش" في المناطق الصحراوية لأشهر عدة، مبيناً أن الطريقة الأفضل للقتال في هذه المناطق تكمن عبر القصف الجوي المركّز، وتنفيذ عمليات إنزال جوي خاطفة في أماكن تجمع عناصر التنظيم. ويحذر القيادي ذاته من خطورة قصف صحراء الأنبار بالصواريخ والمدفعية والراجمات بسبب احتوائها على تجمعات واسعة للبدو ورعاة المواشي، رافضاً اشتراك المليشيات بأية عملية عسكرية في الصحراء، لتلافي تكرار الانتهاكات التي حدثت في مدينة الفلوجة.

من جهته، يدعو الخبير العسكري، حسان العيداني، إلى التعامل بحذر مع تحركات التنظيم، وعدم الاستهانة بقدراته التي مكّنته من السيطرة على محافظة الموصل ومدن عراقية أخرى بين ليلة وضحاها منتصف العام 2014. ويؤكد أن انتقال عناصر "داعش" إلى الصحراء قد يكون تلافياً لخسائر أكبر بعد دحره في الفلوجة، لكنه في الوقت ذاته، قد يمثل محاولة لتشتيت جهود القوات العراقية. ويلفت خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أن التنظيم قد يعود لمهاجمة مدن خسرها، أخيراً، مثل الفلوجة والرمادي، مستغلاً فتح القوات العراقية أكثر من جبهة، فضلاً عن الجو العام الرافض لوجود مليشيات "الحشد" في هذه المدن.