صندوق أسرار بن لادن: بوادر خلاف مبكر مع البغدادي(2/3)



صندوق أسرار بن لادن: بوادر خلاف مبكر مع البغدادي(2/3)



25 مارس 2015
انتقد "القاعدة" مهاجمة المسيحيين (أتا كيناري/فرانس برس)
+ الخط -
تعود معظم الرسائل المهمة التي عثر عليها الأميركيون بحوزة قادة تنظيم "القاعدة" المقتولين، أو المأسورين، إلى ما قبل شهر مايو/أيار 2011، أي الوقت الذي كان فيه بن لادن هو صاحب القول الفصل في تحديد رؤية التنظيم في مختلف التطورات، بما في ذلك تحديد الموقف من تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) الذي كان معروفاً باسم "قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين".

وفي رسالة طويلة كتبها بن لادن قبل عام كامل من مقتله، ووجّهها إلى مساعده الشيخ محمود عطية، طلب منه مدّه بمعلومات وافية عن أبو بكر البغدادي، الذي تم تعيينه خلفاً لمن وصفه بن لادن بـ"أخيه" أبو عمر البغدادي. كما طلب بن لادن معلومات عن النائب الأول له، من دون أن يسميه، وعن أبو سليمان الناصر لدين الله، وقال لعطية "يُستحسن أن تسألوا عنهم مصادر من إخواننا الذين تثقون بهم هناك، حتى يتضح الأمر لدينا بشكل كبير".

ولم يكتفِ بن لادن بذلك، بل تابع "أودّ أن تسألوا أيضاً إخواننا في جماعة أنصار الإسلام، عن موقفهم من الأمراء الجدد، أبو بكر البغدادي وإخوانه". وفي مؤشر على علم بن لادن التام بتفاصيل الخلافات بين التنظيمات الجهادية في العراق، دعا إلى "بذل كل جهودكم في السعي للوحدة وحلّ أي خلاف بين جميع الكيانات الجهادية في العراق".

اقرأ أيضاً: "داعش".. النشأة والتطور

غير أن لهجة بن لادن الهادئة، والساعية للتوحيد، تغيّرت في مطلع العام 2011 بعد تضمّن رسالة موجّهة إليه تفاصيل عدة. وألقت الرسالة، التي يُعتقد أن كاتبها هو الأميركي الجهادي آدام غادان، ويفترض أنه أرسلها إلى بن لادن، الضوء أكثر على طبيعة العلاقة بين تنظيمي "القاعدة" و"داعش".

وكشفت الرسالة أن العلاقات بين قيادتي التنظيمين مقطوعة عملياً منذ سنوات عدة، وأن قرار إعلان "داعش" اتُخذ من دون استشارة قيادة "القاعدة"، وأحدث انشقاقات في صفوف "المجاهدين" داخل العراق وخارجه.
واتخذ القيادي القاعدي من الهجوم على الكنيسة الكاثوليكية في بغداد في منتصف 2010 مدخلاً له لانتقاد "داعش"، الذي رأى وبشيء من السخط، أن "الناس تعتبر داعش فرع القاعدة في العراق وهو أمر غير صحيح". واتهم عناصر "الدولة" بـ"الجهل المطبق"، وذكر أن "الهجوم جاء بعد أيام فقط من إعلان الكاثوليك في الشرق الأوسط وغيره، معارضتهم إسرائيل بطريقة أغضبت اليهود وحلفاءهم جداً، إذ رفض الكاثوليك استخدام التوراة لتبرير احتلال فلسطين واغتصابها".

وتابع موضحاً "الكاثوليكيون تاريخياً كانوا من أشد النصارى عداوة لليهود، كما أنهم كانوا الأعداء الأصليين للإنجيليين البروتستانت، الذين يأتون في طليعة الحروب الصليبية المعاصرة، وهم أكثر تعاطفاً وتفاهماً مع المسلمين من غيرهم من النصارى البروتستانت والأرثوذكس، في أيامنا هذه".

ولفت غادان إلى أن من "الخطأ استهداف المسيحيين، ومن أغرب الأمور في هذه القضية وأعجبها، ما ورد في وسائل الإعلام من تهديد المهاجمين بحرب شاملة على النصارى في العراق والمنطقة، إن لم تُفرج الكنيسة القبطية الأرثوذكسية عن وفاء قسطنطين وكاميليا شحاتة المحتجزتين لديها في أديرتها. ومعروف لمن له أدنى معرفة بالنصارى وفرقهم، أنه لا توجد أية علاقة تربط الكنيسة الكاثوليكية بالكنائس الأرثوذكسية، بل ما زالت هناك عداوة تاريخية قائمة بين الطرفين، بحيث إن كلا الطرفين ينظر إلى الآخر على أنه مبتدع".

وتابع "ما أجمل ما ذكره الشيخ أسامة أخيراً (في الحديث عن الخطاب الإعلامي)، من أن العبارات القوية التي وردت عن السلف قد قيلت في زمن عزة وتمكين، وبالتالي فلا تصلح لوقت الاستضعاف هذا. وأنا أقول: كذلك بعض أحكام الفقهاء المتعلقة بالجهاد، قد أصدروها في زمن كان فيه للإسلام قوة ومنعة وشوكة، ولذلك فلا يمكن تطبيقه في أيام الضعف كأيامنا هذه، وأقصد هنا ما ذكر بعضهم مثلاً، من وجوب هدم الكنائس وحرق الكتب الدينية المنحرفة، وغير ذلك من الأمور التي قد لا تصلح في جهادنا اليوم".

وقارن الكاتب بين نظرة "القاعدة" و"داعش" إلى المسيحيين بالقول "أين موقف جماعة داعش من النصارى من موقف الشيخ أسامة في كلمته قبل ثلاث سنوات؟ وأين موقفهم هذا من رسالة الشيخ أيمن (الظواهري) الموجّهة للأقباط في كتاب التبرئة؟ وأين موقفهم هذا من موقف الشيخ عبدالله عزام المرن من النصارى في بلاد العرب اليوم، وأين موقفهم هذا من موقف الشيخ أبي محمد المقدسي الرافض لتفجير الكنائس ولو كانت فارغة من الناس، فكيف إذا كان فيها ناس؟ عجيب التناقض بين أقوال قادتنا وعلمائنا وأفعال المنتسبين إليهم والمتحالفين معهم، أو قل: المتمسحين بأسمائهم".

وتبرأ المتحدث القيادي القاعدي من "داعش" قائلاً "لا أرى بأساً ولا مفسدة في أن يعلن تنظيم القاعدة عدم رضاه بهذا التصرف والتصرّفات الأخرى التي يقوم بها التنظيم المُسمى الدولة الإسلامية، من دون أمر من تنظيم القاعدة أو استشارة. وأرى أنه لا بدّ عاجلاً أو آجلاً، وحبذا أن يكون عاجلاً، من أن يعلن التنظيم قطع روابطه مع داعش".

اقرأ أيضاً: وثيقة أميركية: غزو العراق استند إلى معلومات غير موثقة

المساهمون