إنكار مصر لجرائم إسرائيل: تشكيك في أحقّيتها بدور الوساطة

إنكار مصر لجرائم إسرائيل: تشكيك في أحقّيتها بدور الوساطة

22 اغسطس 2016
شكري: قتل الإسرائيليين أطفال فلسطين ليس إرهاباً (غالي تيبون/Getty)
+ الخط -
وصل التقارب المصري اﻹسرائيلي، في عهد الرئيس الحالي، عبد الفتاح السيسي، إلى درجة غير مسبوقة، حتى إن ثماره تجلّت في إنكار النظام، على لسان وزير خارجيته، سامح شكري، الجرائمَ اﻹسرائيلية بحق الفلسطينيين.

وتشهد العلاقات المصرية اﻹسرائيلية تقارباً لتحقيق مصالح مشتركة بين الطرفين، فالسيسي يعتمد على تل أبيب في دعمه أمام المجتمع الدولي وأميركا لضمان بقائه، وإسرائيل تعوّل على الرئيس المصري لقيادة سيناريو تطبيع العلاقات على نطاق واسع معها ومع دول المنطقة.

ولم يخفِ السيسي هذا التقارب مع إسرائيل، التي من المفترض أن تكون العدو اﻷول لمصر، بل وصلت إلى درجة "المغازلة" في تصريحات عديدة تضمّنت الثناء على رئيس الوزراء اﻹسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في حوارات صحافية مع وكالات أجنبية، أو كما جرى تحديداً خلال لقائه وفداً من رؤساء المنظمات الأميركية اليهودية في فبراير الماضي.

وتطوّر الأمر إلى حد إنكار النظام المصري الحالي، على لسان وزير خارجيّته، جرائم الكيان الصهيوني بحق أطفال فلسطين، حيث قال نصًّا: "لا يمكن اعتبار قتل الإسرائيليين أطفال فلسطين إرهاباً".

ويشكك دبلوماسيون ومراقبون في حيادية النظام المصري الحالي بشأن القضية الفلسطينية، التي يمكن أن تخولّها لعبَ دور وساطة لحل الأزمة الممتدة منذ عقود.

ويقول المراقبون إن مفاوضات السلام بين الجانبين، الإسرائيلي والفلسطيني، كانت تشهد تقدّماً في السنوات السابقة، حتّى تراجع اﻷول، فجأة، عنها بحجج واهية، متسائلين: "لماذا تبدي إسرائيل إذاً مرونةً حالياً في المشاورات التي ترعاها مصر، إلا إذا كانت تصب في صالحها؟".
ويتعجبون من إنكار وزير الخارجية للجرائم اﻹسرائيلية، التي "بالفعل لا يمكن وصفها باﻹرهاب، ولكنها جرائم حرب، وجرائم ضد اﻹنسانية بحق مدنيين وأطفال".

ويشكك دبلوماسي مصري في إمكانية نجاح دور الوساطة المصرية لحل القضية الفلسطينية في ظل المغازلة ﻹسرائيل، واتخاذ موقف منحاز للكيان الصهيوني.

ويقول "إن إسرائيل لا يمكن أن تقبل إلا بما يحقق مصالحها، فقد انسحبت من مفاوضات كثيرة ورفضت مبادرات لحل اﻷزمة الفلسطينية، بعضها بشروط مجحفة للفلسطينيين، ولكنها لا ترى لهم أي حق في إقامة دولتهم".

ويضيف أن إسرائيل لا يمكن أن تقبل بحلّ عادل للقضية الفلسطينية، وما يحدث حاليّاً هو "استهلاك لها، ليس أكثر أو أقل، وهو مرتبط، ربّما، برغبتها في تطبيع العلاقات مع دول المنطقة".

وشدد على أن عدم وضع إطار موضوعي محدد يمكن السير من خلاله في المفاوضات، وإلزام كل الأطراف به، وتحديداً إسرائيل؛ سيؤدي بكل الجهود إلى الفشل، فضلاً عن إمكانية رفض الفصائل الفلسطينية أي مقترحات لا تؤدي إلى تأسيس دولة حقيقية، وليست مجرّد "حبر على ورق".

وذكر مساعد وزير الخارجية السابق، السفير إبراهيم يسري، أن موقف مصر الحالي، والضعف الذي باتت عليه، لا يؤهلها للقيام بدور وساطة بين الجانبين الفلسطيني واﻹسرائيلي.

ويضيف يسري أن مصر "يظهر عليها الانحياز تجاه الموقف الإسرائيلي، على عكس رؤية مصر على مدار سنوات طويلة، وهو ما قد يؤثر على جهود حل القضية الفلسطينية".

ويشير إلى أن اﻷهم في لعب دور الوساطة؛ هو الحصول على ثقة طرفي اﻷزمة، ولكن التصريحات الأخيرة لوزير الخارجية والمغازلة لدولة الاحتلال، تُفقد الجانب الفلسطيني ثقته في مصر.

وأكد مساعد وزير الخارجيّة السابق، أنّ على مصر "عدم الدخول في محاولات إسرائيلية غربية للالتفاف على القضية الفلسطينية، من خلال فرض شروط إذعان على الفلسطينيين، بما يؤثر على صورة مصر لدى اﻷشقاء في فلسطين والعالم العربي أجمع".

ويلفت إلى أن "الموقف المصري، المنحاز ﻹسرائيل، قد يؤدي إلى ضغوط على الجانب الفلسطيني للقبول بشروط معينة خلال مشاورات ما يسمونه إعادة إحياء عملية السلام"، مؤكداً أن كل المبادرات والمحاولات من أطراف إقليمية ودولية "ليست إلا للقضاء على حلم إقامة دولة فلسطينية، ﻷن إسرائيل لا يمكن أن تقبل بذلك".

وأوضح أن رؤية إسرائيل ﻹقامة دولة فلسطينية هو أنّها "ستكون دولة منزوعة الصلاحيات، وليس لها قدرة على اﻹدارة الفعلية، وليس لها جيش، وغير معترف بها دولياً".

وتابع "الموقف المصري ضعيف للغاية في ظل التقارب مع إسرائيل، وتبادل الزيارات وتصريحات المغازلة بين الطرفين"، متوقعاً أن إسرائيل تريد إدخال أطراف إقليمية، مثل مصر واﻷردن، في مشاورات حل اﻷزمة الفلسطينية، لتمرير مشروعها الخاص.

من جانبه، يرى الخبير السياسي، محمد عز، أن تصريحات شكري غير مستغربة منه، في ظل "حالة الغزل المتبادلة" بين مصر وإسرائيل منذ وصول السيسي إلى سدة الحكم.

ويقول عز إن النظام المصري الحالي يقدم "تنازلات شديدة الخطورة وتؤثر على مصر، حتى بعد رحيل السيسي، فالتاريخ لا ينسى المواقف، والشعوب تظل شاهدة على تخاذلات كثيرة، وتحديداً في قضية محورية عربياً وإسلامياً مثل فلسطين".

وشدد على أن النظام الحالي يمكن أن يقدم أي تنازل في محاولة لبقاء السيسي في الحكم، ومساندة إسرائيل له أمام المجتمع الغربي، في ظل انتقادات واسعة لأوضاع حقوق اﻹنسان بشكل عام، والانهيار الاقتصادي.

المساهمون