سيناريوهات تزوير الانتخابات العراقية

سيناريوهات تزوير الانتخابات العراقية

12 مايو 2018
من اقتراع العسكريين العراقيين أمس الخميس (مرتضى سوداني/الأناضول)
+ الخط -
على خلاف الانتخابات السابقة التي شهدها العراق منذ الاحتلال الأميركي لبغداد عام 2003، تتصاعد المخاوف من حدوث عمليات تلاعب أو تزوير في الانتخابات البرلمانية التي تجرى غداً السبت، لا سيما بسبب اعتماد مفوضية الانتخابات آلية التصويت الإلكتروني، والتي تتيح إجراء عمليات العد والفرز واحتساب الأصوات في بغداد عبر الأقمار الاصطناعية التي تربط بين محطات الاقتراع في المحافظات ومركز العد والفرز في بغداد.

هذه المخاوف لم تكن غائبة عن رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، الذي حذر مطلع الأسبوع الحالي، في كلمة له خلال حفل انتخابي في بغداد من تزوير الانتخابات، مبيناً أن "أيادي أجنبية تريد التلاعب بالانتخابات عبر تزوير نتائجها"، متوعداً "بقطع يد أي جهة تحاول التلاعب أو التزوير بنتائج الانتخابات وإعادة العراق إلى المربع الأول".


سيناريوهات تزوير الانتخابات

وتسود مخاوف من تزوير الانتخابات عبر طرق عدة، بينها ما يتعلق بما قبل عملية الاقتراع وأخرى بما بعد عملية الاقتراع وإغلاق مراكز التصويت البالغ عددها أكثر من 52 ألفاً في عموم مدن العراق، والتي من المفترض أن تستقبل منذ ما بعد الساعة السادسة من غد السبت ولغاية السادسة مساءً من اليوم نفسه نحو 24 مليون ناخب عراقي.

وتعتبر عملية شراء بطاقات الانتخاب من قبل الأحزاب والمرشحين من بين الأساليب الرائجة حالياً. وتستفيد القوى المتورطة في شراء الأصوات الانتخابية من وجود نوعين من البطاقات الانتخابية المعتمدة من قبل المفوضية في الانتخابات الحالية. الأولى لا تتضمن صورة الناخب، وهذه البطاقات قديمة كانت تستخدم في الانتخابات السابقة وأبقت عليها المفوضية، والثانية بيومترية تتضمن صورة الناخب، وبدأت في توزيعها منذ ديسمبر/كانون الأول للناخبين الجدد. ويعد شراء الأصوات في الحالة الأولى أسهل لأن القوى السياسية يمكنها أن تكتفي بشراء البطاقات وإرسال مؤيدين لها للتصويت من خلالها، في حين تعمد في الحالة الثانية إلى دفع المال للناخب ومراقبته بينما يدلي بصوته من خلال مندوبيها.

ويُعتقد أن عمليات الشراء تورطت بها غالبية الأحزاب الإسلامية السنية والشيعية على حد سواء فضلاً عن الكردية في إقليم كردستان العراق وكركوك.

يضاف إلى ذلك استخدام بطاقات أكثر من 100 ألف عراقي من المتوفين في السنوات الأربع الماضية ولم يتم إسقاطهم رسمياً من سجلات الناخبين وتم بيع بطاقاتهم بمبالغ تتراوح بين 50 ألفا إلى 100 ألف دينار عراقي، بحسب ما يؤكد مصدر في المفوضية في حديث مع "العربي الجديد". وتنتشر هذه الظاهرة في المدن المنكوبة جراء احتلالها من قبل تنظيم داعش وكذلك في المناطق القبلية أو الريفية في جنوب ووسط العراق. ويضاف إليها عمليات إجبار أو ترهيب وضغط على الناخبين من قبل الفصائل المسلحة في مناطق شمال وغرب العراق والتي أًصبح يوجد لديها تمثيل سياسي من خلال تحالف الفتح أو أجنحة سياسية تؤيدها أو تدعمها.

في موازاة ذلك، تعتبر مرحلة العد والفرز التي تُجرى داخل المحطات والمراكز الانتخابية في المحافظات وبغداد الأكثر إثارة للمخاوف، إذ تخشى الكتل السياسية من أن يتم التلاعب بأرقام وأصوات الناخبين من قبل موظفي مفوضية الانتخابات القائمين على عملية إفراغ البيانات الموجودة في أجهزة العد الإلكترونية المثبتة على صناديق الاقتراع حيث تقضي هذه المرحلة بإفراغها وإرسالها إلى الهيئة القضائية المشرفة داخل مفوضية الانتخابات، خصوصاً أن عددا من أعضاء المفوضية تم التشكيك في استقلاليتهم وبعضهم متهم بالانحياز إلى انتماءاته الطائفية أو الحزبية أو القومية. 
واختير مكان محصن في منطقة الصالحية قرب المنطقة الخضراء لإجراء العملية والمعادلة الحسابية في توزيع أصوات الناخبين على المرشحين.

كما تدور شكوك حول النظام الإلكتروني الذي سيتم من خلاله احتساب عدد الأصوات وفرزها، وسط اعتراضات على آلية اختيار الشركة التي ستتولى عملية نقل البيانات من مراكز الاقتراع في المحافظات إلى مركز النتائج في بغداد عبر الأقمار الصناعية ومقرها في الإمارات.

ووفقاً لمصادر في مفوضية الانتخابات فإن عملية التلاعب في النظام الإلكتروني محتملة سواء من خلال اختراق النظام الإلكتروني من قبل الهاكرز أو بعملية النقل من النظام الإلكتروني نفسه إلى بيانات المفوضية المكتوبة يدوياً لغرض المصادقة عليها من قبل اللجنة القضائية.

ويخشى أن تلجأ تحالفات نافذة سياسياً وعسكرياً، عبر أجنحتها المسلحة مثل تحالف الفتح بزعامة القيادي بمليشيات الحشد الشعبي هادي العامري وتحالف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، إلى عمليات التزوير.

وتطالب أحزاب عدة بالعودة إلى طريقة العد والفرز للأصوات يدوياً، وهو ما تعتبره أحزاب أخرى بأنه يمثل باباً للتزوير، إذ تتطلب العملية نحو شهر كامل للانتهاء منها، ما يتيح التدخل والتلاعب بالنتائج بشكل كبير.

وتحدث رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، حاكم الزاملي، في بيان صحافي، عن "وجود مخطط مؤكد لتعمد تعطيل أجهزة الاقتراع الإلكتروني قبل إجراء الانتخابات بساعات معدودة"، مشيراً إلى أن الهدف الرئيسي من ذلك هو اللجوء إلى العد اليدوي لتزوير النتائج الانتخابية. ولفت إلى أنه يتعين على الأجهزة الأمنية تشديد الإجراءات واتخاذ أعلى درجات الحيطة والحذر للحفاظ على الأجهزة الإلكترونية وضمان عدم التلاعب بها". وأكد أن "تلك الجهات اعتادت على التزوير خلال الانتخابات الماضية من أجل وصول الفاسدين إلى مراكز القرار السياسي في البلاد".



تطمينات المفوضية

يرد رئيس الإدارة الانتخابية، رياض البدران، في حديث مع "العربي الجديد"، على المخاوف من تزوير الانتخابات قائلاً إن "المفوضية وضعت كل الاحتياطات ‏اللازمة لكي تكون تلك الانتخابات نزيهة وشفافة وواضحة وحرة، وبالتالي ستكون نتائجها ‏معبرة تعبيراً حقيقياً عن إرادة الناخب" وفقاً لقوله. واعتبر أنه "أمر طبيعي أن تكون لدى بعض القوائم ‏وبعض الجهات المعنية أو بعض الشخصيات هواجس أو أسئلة حول آلية الاقتراع وعملية فرز واحتساب الأصوات، والمفوضية تشرح لهم باستمرار كل الإجراءات الكفيلة بطمأنة شركاء العملية الانتخابية".

من جهته، أوضح عضو مجلس المفوضين في مفوضية الانتخابات العراقية، حازم الرديني، أن المفوضية لديها "لجنة أمنية عليا مكونة من وكيل وزير الداخلية بالإضافة إلى كل صنوف الدفاع والداخلية والأمن الوطني لتأمين الانتخابات ومراقبتها، وكذلك لجنة من المفوضية تعمل على توفير الحماية اللازمة لعملية الاقتراع في عموم العراق". وأضاف "لا أتوقع أن تحصل مشاكل ولكن من حق الجميع أن يكون لديه مخاوف، وبموجب قانون المفوضية نعمل على أن يكون الفرز إلكترونيا ولا نلجأ إلى الفرز اليدوي".

وأوضح الرديني أن "أجهزة العد والفرز موجودة حالياً في أماكن محمية وهي مخازن المفوضية، ومن المقرر أن تُنقل قبل يوم الاقتراع بيوم أو اثنين لتكون جاهزة للعمل". وتحدث عن توفير حماية لكل المراكز في عموم المفوضيات. وشدد على أن أي محاولة لتعطيل الأجهزة وتخريبها ستتم محاسبة من يقف وراءها بالقانون ويتعرض للمساءلة القانونية.

بدوره، أعرب النائب أحمد المشهداني عن أمله في أن لا تخضع المفوضية للضغوط السياسية من قبل التحالفات والكتل السياسية على اعتبار أن المفوضية مستقلة وتعمل على مسافة واحدة لكل الكتل السياسية". ولفت إلى أنه يوجد "قوى سياسية مفلسة في الشارع العراقي تطالب بأن يكون هناك عد وفرز يدوي حتى تُمارس عمليات التزوير، لكن أملنا كبير بأن تكون هناك وقفة جدية من المفوضية العليا للانتخابات في إثبات حياديتها وأن تقف على مسافة واحدة من كل الكتل السياسية".

إلى ذلك، قال النائب عن محافظة الأنبار، حامد المطلك، إنه يوجد شكوك كبيرة حول آلية الاقتراع. وتطرق، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى مخاوفه من أن "تكون هذه العملية الانتخابية سيئة جداً". كما أبدى خشيته على "أمن المواطن واستقرار العراق بوصول ناس غير كفؤين عن طريق التزوير وعن طريق شراء أصوات الناس"، معرباً عن أمله في أن "يتم التعامل مع هذا الملف بحزم كونها قضية مستقبل وطن".

المساهمون