"تحرير الشام" تسيطر على الأتارب وكامل ريف حلب الغربي

"تحرير الشام" تسيطر على الأتارب وكامل ريف حلب الغربي..وتعزيزات من المعارضة والنظام

06 يناير 2019
تعرضت الأتارب لعددٍ كبير من غارات النظام وروسيا (Getty)
+ الخط -
سيطرت "هيئة تحرير الشام"، اليوم الأحد، على مدينة الأتارب غربي حلب شمالي سورية، بموجب اتفاق مع وجهاء المدينة وفصائل "الجيش الحر" هناك، وذلك بعد يوم من سيطرتها على كامل ريف حلب الغربي، وإنهاء وجود حركة "نور الدين الزنكي" في المنطقة.

وبعد سيطرتها على مدينة الأتارب، أغلقت "تحرير الشام" ثلاثة معابر مع مناطق سيطرة فصائل "السوري الحر" العاملة في منطقتي "درع الفرات" و"غصن الزيتون" قرب حلب، فيما دارت اشتباكات محدودة بين مقاتلي "الهيئة" وفصائل "الجبهة الوطنية للتحرير"، في محيط قرية دير بلوط جنوب بلدة جنديرس، بريف حلب الشمالي الغربي.

وقالت مصادر محلية إن "تحرير الشام" أغلقت معابر الغزاوية، سمعان، أطمة، لمدة ثلاثة أيام، معللة ذلك بـ"الأوضاع الأمنية التي تشهدها المنطقة". وأوضحت المصادر أن المعابر كانت تصل قرى وبلدات غرب حلب التي سيطرت عليها "تحرير الشام" مؤخراً، مع مناطق المعارضة شمال مدينة حلب.

ويأتي ذلك تزامناً مع تداول مقاطع مصورة على مواقع التواصل الاجتماعي تُظهر إرسال "الجيش الوطني" المدعوم من تركيا أرتالاً عسكرية نحو قرية دير بلوط غرب منطقة عفرين، استعداداً لمواجهة محتملة مع "تحرير الشام"، حيث دارت اشتباكات محدودة في المنطقة بين "الهيئة" ومقاتلي "الجبهة الوطنية للتحرير".

في غضون ذلك، ذكرت مواقع موالية للنظام السوري أن الأخير نقل تعزيزات عسكرية تابعة للفرقة التاسعة من الجنوب إلى الشمال السوري.

وقال حساب vanSidorenko1، المختص بنقل تحركات قوات النظام، عبر "تويتر" اليوم، إن "رتلًا من الفرقة التاسعة توجه بقيادة العميد نزار فاندي إلى منطقة حماة للمشاركة في مهمة جديدة".

ونشر الحساب تسجيلات وصوراً تظهر سيارات عسكرية ودبابات وعربات ثقيلة تتجه إلى مدينة حماة. وقالت مصادر محلية في الشمال السوري إن الرتل دخل إلى مدينة حماة باتجاه جسر مزيريب، قبل أن يتوجه إلى طريق السلمية.

في موازاة ذلك، قالت مصادر محلية لـ"العربي الجديد" إن "هيئة تحرير الشام" تحشد مقاتليها في محيط مدينة معرة النعمان وأريحا جنوبي محافظة إدلب، استعداداً لاقتحامهما، بغية استكمال السيطرة على الطريق الدولي بين حلب ودمشق، بعد سيطرتها على معظم البلدات الواقعة على هذا الطريق، وطريق حلب-اللاذقية، الذي يقضي اتفاق سوتشي بإعادة فتحهما في المرحلة المقبلة.  

إلى ذلك، قال ناشطون إن مئات المقاتلين من حركة "نور الدين الزنكي" وصلوا مناطق سيطرة فصائل عمليتي "غصن الزيتون" و"درع الفرات"، في ريفي حلب الشمالي الغربي والشمالي الشرقي، كجنديرس ومحيطها وعفرين وريفها، قادمين من الريف الغربي الحلبي، بعد سقوط مناطقهم بيد "تحرير الشام". كما غادر نحو ألف شخص، اليوم، مدينة الأتارب بعد سيطرة "تحرير الشام" عليها، بينهم مقاتلون من "السوري الحر" وناشطون إعلاميون ومدنيون، وجميعهم رافضون لدخول "تحرير الشام"، وقد توجهوا إلى منطقة عفرين، من دون أن يسمح لهم بحمل أي سلاح.

السيطرة على الأتارب

وكانت مصادر محلية قد أكدت لـ"العربي الجديد" في وقت سابق اليوم، دخول أرتال من "الهيئة" صباحاً إلى المدينة، بموجب الاتفاق الذي توصلت إليه مع ممثلين عن أهالي ومقاتلي مدينة الأتارب، والذي يقضي بتسلّم "الهيئة" للمدينة عسكرياً وأمنياً.

وكانت "الهيئة" حاصرت المدينة، أمس، مستهدفة إياها بالرشاشات الثقيلة، وسط اشتباكات متقطعة.

وينص الاتفاق على حلّ فصيلَي "ثوار الشام" و"بيارق الإسلام" التابعين لـ"السوري الحر" والعاملين في الأتارب وتسليم سلاحهما، مع بقائه مع المقاتلين الموجودين على خطوط التماس مع قوات النظام السوري. وتعهدت "تحرير الشام" بعدم ملاحقة أي مقاتل من الفصيلين، وتحويل القضايا الشخصية والجنائية إلى القضاء.

كما يقضي الاتفاق بأن تتبع الأتارب أمنياً وعسكرياً لـ"تحرير الشام"، بينما ستكون "حكومة الإنقاذ" العاملة في مناطق سيطرة الأخيرة مسؤولة عن الأمور الخدمية والاقتصادية والقضائية.

ومنعت "تحرير الشام" القادة والمقاتلين العاملين في مناطق "درع الفرات" و"غصن الزيتون" من الدخول إلى المدينة. ومن المقرر، في وقت لاحق اليوم، أن تتسلم "الهيئة" الحواجز العسكرية على مداخل ومخارج المدينة، وتطبق باقي بنود الاتفاق وترفع حصارها العسكري الذي تفرضه على المدينة. كما نص الاتفاق على عدم السماح لعناصر وقيادات الكتائب الذين خرجوا إلى ريف حلب الشمالي بالعودة إلى المدينة.

وتُعتبر مدينة الأتارب من أبرز المدن غرب حلب التي شاركت في الحراك الثوري ضد النظام السوري، وكذلك "تحرير الشام"، التي حاولت اقتحام المدينة مرات عدة، إلا أن الأهالي كانوا يخرجون في تظاهرات ضدها، ما كان يدفعها إلى الانسحاب، كما تعرضت المدينة لعددٍ كبير من الغارات من طائرات النظام وروسيا، التي خلّفت عشرات القتلى والجرحى من المدنيين.

وكانت اشتباكات بدأت بين "هيئة تحرير الشام" و"الجبهة الوطنية للتحرير" في مناطق عدة في إدلب وريفها، عقب سيطرة الأولى على مساحات واسعة غربي حلب، على حساب حركة "نور الدين الزنكي" التي تمّ إبعادها تماماً عن تلك المناطق، فيما أحكمت "تحرير الشام" سيطرتها على خط التماس بين ريف حلب الغربي ومدينة عفرين، بعد سيطرتها على قرية دير سمعان وقلعتها.

وبهذه السيطرة، باتت "الهيئة" تتحكم في الطرق المؤدية من عفرين إلى ريف حلب الغربي، خاصة طرق شاحنات الوقود.

كما توسعت رقعة الاشتباكات لتشمل محافظة إدلب وريف حماة الغربي، حيث لم تتمكن "الهيئة" من تحقيق تقدم واسع على حساب الفصائل في هذه المناطق، غير أنها دخلت، أمس السبت، إلى بلدة تلمنس وقريتي الغدفة ومعصران، بعد اتفاق مع "فيلق الشام" المنضوي في "الجبهة الوطنية" من دون اتضاح تفاصيل هذا الاتفاق.

وكانت "الجبهة الوطنية للتحرير" سيطرت، يوم الجمعة الماضي، على تلمنس التي كانت تعتبر آخر معاقل "تحرير الشام" شرق مدينة معرة النعمان.

في غضون ذلك، خرجت تظاهرة في مدينة الباب، تضامناً مع أهالي مدينة الأتارب وضد ممارسات "هيئة تحرير الشام" في ريف حلب الغربي. كما فرّق مسلحو "تحرير الشام"، الليلة الماضية، بالرصاص، تظاهرة لأهالي مدينة سرمدا بريف إدلب الشمالي، نددت بحشد "الهيئة" عسكرياً للسيطرة على مدينة الأتارب.  

وعقب هذه التطورات، قالت مصادر لـ"العربي الجديد" إن الفصائل العاملة في منطقتي "درع الفرات" و"غصن الزيتون" أعلنت الاستنفار والتجمع في مدينة عفرين بريف حلب الشمالي الغربي، للتصدي لـ"هيئة تحرير الشام".

ولاحظ مراقبون التجاهل التركي حتى الآن للعمليات على الأرض، رغم دخول فصائل "الجبهة الوطنية" المدعومة من تركيا في المواجهات ضد "الهيئة".