البرلمان المصري يتجه لإسقاط عضوية نائب معارض

البرلمان المصري يتجه لإسقاط عضوية نائب معارض

24 يوليو 2018
عبدالعال يعتبر أي انتقاد لحكومة السيسي انتقاصاً منه (Getty)
+ الخط -
كشفت مصادر نيابية مصرية، اليوم الثلاثاء، أن رئيس البرلمان، علي عبد العال، يتأهب للتصويت على إسقاط عضوية النائب أحمد الطنطاوي، عضو تكتل (25-30) المعارض من داخل النظام، في جلسة غد الأربعاء، بعد الانتهاء من التصويت بالموافقة على منح الثقة للحكومة الجديدة، برئاسة مصطفى مدبولي، والذي ألقى بيانها أمام مجلس النواب في 3 يونيو/حزيران الماضي.

وبحسب الجدول المعلن للبرلمان، فإنه سيناقش في جلسته، اليوم، تقرير اللجنة المعنية بدراسة بيان الحكومة، والتي انتهت في توصياتها إلى الموافقة عليه، وعدد من تقاير اللجان النوعية بشأن بعض الاتفاقات الدولية، ومنها اتفاق منحة مقدمة من الولايات المتحدة إلى مصر بهدف تحفيز الاستثمار، واتفاق قرض مقدم من الصندوق العربي للإنماء للمساهمة في تمويل وتطوير شبكة نقل الكهرباء بقيمة 60 مليون دينار كويتي (198.15 مليون دولار أميركي).

وكشف المصادر ذاتها، في حديث خاص لـ"العربي الجديد"، أيضاً أنّ وساطات برلمانية حالت دون التصويت على إسقاط عضوية النائب أسامة شرشر كذلك، والذي هدد عبد العال صراحة بطرده من البرلمان، على وقع معارضته تمرير قانون تنظيم الصحافة والإعلام، كونه يفرض قيوداً واسعة على عمل الصحافيين والإعلاميين، ويقنن حجب المواقع الإلكترونية، والصفحات الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي.


وبينت المصادر أن شرشر اعتذر في جلسة خاصة لعبد العال على ما أثاره في جلسة تمرير
القانون، وهجومه على رئيس لجنة الثقافة والإعلام في البرلمان، أسامة هيكل، بعد تدخل بعض النواب لتجاوز الأزمة، مضيفةً أن شرشر تعهد بعدم إثارة المشكلات مرة أخرى تحت قبة البرلمان، حفاظاً على مقعده، الذي حصل عليه بصعوبة عن محافظة المنوفية بعد خوضه الانتخابات مرات عدة.

وأوصت لجنة القيم قبل ذلك بمنع شرشر من حضور الجلسات لدور انعقاد كامل (9 أشهر)، على خلفية نشره مقطع فيديو "جنسي" على "غروب رسمي" للنواب عبر تطبيق "واتساب"، غير أن عبد العال عمد إلى عدم طرح العقوبة للتصويت العام، لتهديد النائب بين آن وآخر، خاصة مع انتقاداته الدائمة لهيكل، أحد أبرز النواب المقربين للأجهزة الاستخباراتية.

وعن إسقاط عضوية النائب هيثم الحريري، بينت المصادر أنه غير محال من الأصل إلى لجنة القيم، على الرغم من إحالته للتحقيق أمام هيئة مكتب المجلس، هو وزميله في التكتل محمد عبد الغني، في يوليو/تموز 2017، على خلفية زعم بعض نواب الأغلبية بسبهم بألفاظ نابية، خلال جلسات تمرير اتفاقية الجزيرتين، في ضوء عدم الإعلان عن نتيجة التحقيق أو إحالتهما إلى القيم.

 وفي أعقاب انعقاد الجلسة، توعَّد عبد العال، بالفعل، بعض النواب المعارضين، بالتصويت على إسقاط عضويتهم، خلال جلسة البرلمان المقررة غداً الأربعاء، بعد أن أشار إلى استعجاله تقارير لجنة القيم في المجلس بشأن المخالفات المنسوبة لهم، وتلقيه تقرير لجنة الشؤون التشريعية عن فقدان النائبة سحر الهواري للثقة والاعتبار.

وفي جلسة الثلاثاء الماضي، التي شهدت موافقة البرلمان على تعديل مشروع قانون زيادة معاشات الوزراء، ومن على درجاتهم، بحيث تسري بأثر رجعي اعتباراً من 24 إبريل/نيسان الماضي، حتى تشمل الوزراء الراحلين من الحكومة السابقة، برئاسة شريف إسماعيل، هدد عبد العال غاضباً الطنطاوي – من دون أن يسميه – بإسقاط عضويته، كونه اتهمه بتمرير مصلحة خاصة من خلال القانون.

وتقدم عدد من النواب، يتصدرهم الطنطاوي، بطلب مكتوب بشأن ضرورة تنحي عبد العال عن المنصة خلال نظر التعديل، احتراماً للائحة البرلمان، والسوابق النيابية، على اعتبار أنه يتعلق بمصلحة خاصة به، لأنه من المخاطبين بأحكام القانون، مستشهدين بما فعله رئيس مجلس الشعب السابق، فتحي سرور، عند نظر حكم قضائي يتعلق بتزوير الانتخابات في دائرته (السيدة زينب).

وقال عبد العال حينها: "سأصوت الأسبوع المقبل على إسقاط عضوية أحد هؤلاء النواب، لأن لدي طلباً من بعض الأعضاء عن عبارات تفوه بها، وتشكل جرائم في قانون العقوبات. هذا العضو متورط في جريمة إتلاف المال العام، ووقف أعمال المجلس بالقوة، وهذا الأمر مسجل بالصوت والصورة. ولن أسمح ببقاء كل من يريد وقف أعمال هذا المجلس".

وكان عبد العال قد هدد أعضاء تكتل (25-30)، الرافضين للزيادات التي أقرتها الحكومة أخيراً على أسعار الوقود والكهرباء، بالقول: "لدي تقارير من لجنة القيم عن بعضكم، وسأعرضها في الجلسة العامة للتصويت على العقوبات المقررة لائحياً"، وهو ما عقب عليه الطنطاوي، بقوله: "الترهيب بتقارير لجنة القيم مخالف للائحة، لأنه يعني أن التقارير مركونة بأدراج المجلس، ولم تعرض على الجلسة العامة عقب الانتهاء منها".

وفي وقت سابق، أوصت لجنة القيم بحرمان الطنطاوي من حضور جلسات البرلمان، ولجانه، لدور انعقاد كامل، بداية من أكتوبر/تشرين الأول 2017 إلى يونيو/حزيران 2018، بعد الاستماع إليه في الوقائع التي نسبت إليه، واتهامه بالإخلال بواجبات العضوية، والتقاليد البرلمانية، وإتلاف المال العام، من جراء انفعاله أثناء مناقشات اتفاقية تنازل مصر عن جزيرتي "تيران وصنافير" للسعودية.

وفي الثالث عشر من يونيو/حزيران 2017، قاطع الطنطاوي كلمة رئيس الجمعية الجغرافية، السيد الحسيني، لتكرار حديثه عن سعودية الجزيرتين على مدار ثلاثة أيام، وتوجيهه للنواب بالتصويت على إقرار الاتفاقية، قائلاً له "ليس من حقك توجيه أعضاء البرلمان، فأنت تُزيف الحقائق، والهوى من أتى بك إلى هنا"، ليلقي بعدها "الميكرفون" من أمامه على الأرض.

وحددت لائحة البرلمان خمسة جزاءات ضد النائب المحال إلى لجنة القيم، وهي: "اللوم، والحرمان من الاشتراك في وفود المجلس، والحرمان من الاشتراك في أعمال المجلس مدة لا تقل عن جلستين، ولا تزيد عن عشر جلسات، والحرمان من الاشتراك في أعمال المجلس لمدة تزيد عن عشر جلسات، ولا تُجاوز نهاية دور الانعقاد، وإسقاط العضوية (شريطة موافقة ثلثي عدد الأعضاء)".

في موازاة ذلك، توقع أحد النواب لـ"العربي الجديد"، أن تتسع قائمة المهددين بإسقاط عضويتهم خلال دور الانعقاد المقبل، في إطار رفض عبد العال لأي أصوات معارضة لتمرير تشريعات الحكومة، حتى وإن كانت معتدلة، أو من داخل النظام ذاته، على غرار النائب المفصولة من حزب "المصريين الأحرار"، نادية هنري، وزميلها في التكتل، ضياء الدين داوود.

وقال المصدر، الذي تحفظ على ذكر اسمه، إن عبد العال يعتبر أي انتقاد لحكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي انتقاصاً من هيبته الشخصية، وهجوماً على الدولة، رغم أن البرلمان منوط به مراقبة أداء الحكومة، واصفاً رئيس البرلمان بـ"ناظر المدرسة"، الذي لا يهدف من حديثه إلا إلى إحداث حالة من الخوف لدى النواب، والتلويح لأي معارض بورقة إسقاط العضوية.


وفي فبراير/شباط 2017، أسقط مجلس النواب عضوية رئيس حزب "الإصلاح والتنمية"، محمد أنور السادات، بعد إحالته على عجل إلى لجنة القيم للتحقيق معه، بدعوى تسريب مسودة قانون "الجمعيات الأهلية" إلى إحدى السفارات الأجنبية، وذلك بعد فضيحة واقعة شراء عبد العال ثلاث سيارات جديدة من موازنة المجلس، تبلغ قيمتها 18 مليون جنيه (عملة محلية)، وإعلان رفضه قانون زيادة معاشات العسكريين.

وفي مارس/آذار 2016، أسقط البرلمان عضوية الإعلامي توفيق عكاشة، بذريعة استضافته السفير الإسرائيلي بمنزله في القاهرة، وذلك بعد رفض الأمن دخوله إلى القاعة للدفاع عن نفسه، بحسب ما تقتضيه اللائحة المنظمة، غير أن السبب الحقيقي يعود إلى هجومه على مدير مكتب السيسي السابق، ومدير الاستخبارات العامة الحالي، اللواء عباس كامل، الذي أمر أيضاً بإغلاق قناة "الفراعين" المملوكة له.

المساهمون