آخر فصول التزوير الصهيوني: "اليهود هم شعب فلسطين الأصلاني"

آخر فصول التزوير الصهيوني: "اليهود هم شعب فلسطين الأصلاني"

04 ابريل 2016
من تهجير الفلسطينيين في حيفا عام 1948 (Getty)
+ الخط -
لا حدود للتزوير الإسرائيلي والدعاية الصهيونية في سعيها الدائم لتبرير النكبة والسطو على فلسطين وتصوير عملية السلب والاقتلاع بأنّها ليست أكثر من عملية عودة "شعب أصلاني" إلى وطنه التاريخي. وهو تعبير دارج في أدبيات وأبحاث السياسة والاجتماع في القرن العشرين لتثبيت حق الشعوب الأصلانية التي قام الاستعمار الغربي بعد احتلال أوطانها، ولو في قرون سابقة، بقمعها وإبادة ما استطاع منها، والإبقاء على من نجا من القتل الجماعي وعمليات الإبادة الجماعية "الجينوسايد" في "محميات طبيعية"، كما هو الحال مع الهنود الحمر في الولايات المتحدة، والأبوريجين (السكان الأصليون لأستراليا والجزر المحيطة بها). ويشكل استخدام هذا التعبير في الدعاية الرسمية الصهيونية تحولاً كبيراً في هذه الدعاية وخطابها الإعلامي.

في هذا السياق، ذكر موقع "يديعوت أحرونوت" الإلكتروني، أنّ السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة في نيويورك، داني دانون، يفتتح، اليوم الإثنين، في مقر الأمم المتحدة في نيويورك، معرض صور وملصقات إسرائيلي للدعاية لإسرائيل، وتحسين صورتها، يحمل عنوان "الصهيونية: عودة شعب أصلاني". ويتم خلال المعرض الزج لأول مرة، عملياً منذ الصراع مع الصهيونية، بمصطلحات العلوم السياسية والاجتماعية، التي اجترحت في القرن الماضي لحماية الشعوب الأصلانية، وتمييزها عن عمليات بناء الأمة والشعوب التي تبلورت على مرّ مرحلة الاستعمار.

فبعدما كانت الصهيونية ومنذ تأسيسها في أواخر القرن التاسع عشر، تحدثت عن الشرعية الدينية والوعد الإلهي، ولاحقاً وعد بلفور عام 1917 في إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، اعتماداً على التوراة وقصص بني إسرائيل، فإنّ المعرض الجديد، يحمل بشكل لافت وبارز، ملصقاً واضحاً يصف اليهود بأنهم "شعب أصلاني"، أي صاحب حق تاريخي يعود إلى وطنه.

ويهدف استخدام هذا التعبير بالذات إلى تطعيم الخطاب والدعاية الصهيونية بمصطلحات الخطاب الليبرالي والحقوقي العالمي، لمواجهة القناعات المترسخة والسائدة بشأن علاقة نشوء إسرائيل بالنشاط الاستعماري الذي ميّز القرنَين التاسع عشر والعشرين من جهة، وكونها كانت جزءا من مخطط الدول الاستعمارية لإبقاء معقل لها في قلب الوطن العربي من جهة أخرى.
ويعني هذا الخطاب الجديد أنّ إسرائيل بلورت في الفترة الأخيرة في ظل مواجهة حركات المقاطعة الدولية وتراجع شرعيتها في صفوف أوساط واسعة من الرأي العالمي، "خطاباً حقوقياً" يساند خطاب الدعاية الإسرائيلي بشأن القواسم الثقافية والحضارية المشتركة بينها وبين الغرب.

وكتبت السفارة الإسرائيلية تحت ملصق بعنوان، "الصهيونية: عودة شعب أصلاني": الصهيونية هي حركة تحرير الشعب اليهودي الذي تطلع على مدار 1900 سنة للتغلب على القمع واستعادة حقه في تقرير المصير في وطنه الأصلي (Indigenous Homeland). ووفقاً للملصق، فإنه وعلى مدار 2000 عام بعد احتلال وطنهم وقمعهم على يد الرومان، فقد تاق اليهود للعودة إلى أرض إسرائيل والانضمام لليهود الذين كانوا فيها (أو من لم يغادروها البتة) واستعادة استقلالهم. وعام 1890 طوّر أحد مؤسسي الصهيونية السياسية المعاصرة، الكاتب اليهودي النمساوي، ثيودور هرتزل، هذا الحلم إلى فكرة سياسية متطورة (تقدمية)، وأسس الحركة الصهيونية المعاصرة. وقاد هذا إلى إعادة تأسيس إسرائيل عام 1948.


غنيّ عن القول إنّ ملصقات هذا المعرض لا تتطرق ولو بكلمة واحدة إلى مصير "الشعب الأصلاني" الذي عاش في فلسطين، ولا إلى المجازر وعمليات الطرد الوحشي التي نفذتها الحركة الصهيونية بحق الشعب الفلسطيني بعد تدمير وطنه واحتلاله. بل يشمل المعرض لوحات من وحي التأريخ الصهيوني لفلسطين على مرّ العصور، بينها جدارية تصوّر سبي اليهود إلى روما بعد تمدير الهيكل الثاني عام 70 ميلادي بعد التمرد اليهودي على الرومان. كما توجد جدارية أخرى لأسطورة انتحار المجموعات اليهودية المتطرفة في مسادا، وصور لسفن المهاجرين اليهود بعد الحرب العالمية الثانية إلى فلسطين، مع صور تظهر تل أبيب المعاصرة والقدس الحديثة.

وجاء تحت ملصق عنوانه "القدس العاصمة الروحانية والمادية للشعب اليهودي": إن الشعب اليهودي هو الشعب الأصلاني بالنسبة للقدس، وقد حافظ على وجود دائم في أرضها منذ العام 1000 قبل الميلاد. لقد كانت القدس مركز ومحور الحياة اليهودية، والمركز الديني لأكثر من 3 آلاف سنة، وهي مقدسة أيضاً للمسيحيين والمسلمين. ويحوي الملصق صورة لقبة الصخرة وحائط البراق وأخرى لكنيسة القيامة، وصوراً لمصلين يهود، قبل فترة الانتداب البريطاني على ما يبدو عند حائط البراق.

ولا يتورع المعرض المذكور، من خلال الخط الدعائي الديماغوجي نفسه الذي تجاهل الشعب الأصلاني لينسب صفة الأصلانية للحركة الصهيونية، على الرغم من سياسات التمييز العنصري والتحريض الفاشي والعنصري الذي يقوده رئيس الحكومة الإسرائيلية نفسه، بنيامين نتنياهو، وأقطاب حكومته ضد فلسطينيي الداخل وممثليهم في الكنيست، عن توظيف واستخدام التمثيل العربي الفلسطيني في البرلمان الإسرائيلي (الكنيست)، عبر نشر صورة لرئيس القائمة المشتركة (للأحزاب العربية) النائب أيمن عودة. ويُضاف إليه عدد من الشخصيات العربية في إسرائيل، بمن فيهم من يعلنون ويعترفون بهوية إسرائيلية، كالصحافية المقبولة لدى المؤسسة الإسرائيلية، لوسي هريش، التي لا تتردد في إعلان الولاء لإسرائيل، والميجر جنرال، الدرزي المذهب، يوسف مشلب، والقاضي في محكمة العدل العليا سليم جبران، والفنانة لينا مخول. بالإضافة إلى صور لرياض أطفال وصفوف تعليمية عربية تحت شعار: "عرب إسرائيل، حقوق متساوية في الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط".

وأشار موقع "يديعوت أحرونوت" إلى أن الأمم المتحدة، مع موافقتها على إقامة معرض الصور، إلا أنها حذفت، بل أمرت، بحذف عدد من المعروضات، وهو ما اعتبره دانون إحياءً لقرار الأمم المتحدة عام 76 الذي حدّد أن الصهيونية هي حركة عنصرية. علماً أن الأمم المتحدة عادت وألغت قرارها هذا بعد 16 عاماً.

ولفت الموقع إلى أن قرار الحذف كان بإزالة جزء من المعروضات التي قدمتها السفارة الإسرائيلية في نيويورك، باعتبارها "جزءاً من تراث الشعب اليهودي ودولة إسرائيل". ونقل الموقع عن دانون قوله إن "السفارة الإسرائيلية ستقوم بعرض ونشر ما حذفته الأمم المتحدة في أوساط ملايين الناس في مختلف أنحاء العالم". وادعى دانون أنّ "مجرد حذف هذه المعروضات المتعلقة بالحركة الصهيونية يشكل تشكيكاً بمجرد وجود إسرائيل كوطن للشعب اليهودي، ولن نسمح برقابة من الأمم المتحدة ولا باعتراضها على كون القدس عاصمة إسرائيل الأبدية".