رواندا ونيجيريا تحميان إسرائيل في مجلس الأمن

رواندا ونيجيريا تحميان إسرائيل في مجلس الأمن

06 يناير 2015
نتنياهو مستقبلاً الرئيس النيجيري في أكتوبر/تشرين الأول الماضي (الأناضول)
+ الخط -
 

تمكنت إسرائيل، بعكس التوقّعات الفلسطينيّة، من إحباط سعي ممثلي الدول العربية في الأمم المتحدة لتأمين تأييد تسع من الدول الأعضاء في مجلس الأمن لمشروع القرار الأردني الداعي لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية في غضون عامين. وعلى الرغم من وقع الصدمة على الجانب الفلسطيني، فإن هذه النتيجة لم تكن مفاجئة للجانب الإسرائيلي، الذي اعتبرها "نتاج الثورة"، التي أحدثها وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، في كل ما يتعلّق بسلم الأولويّات الإسرائيليّة على صعيد السياسة الخارجية والنشاط الدبلوماسي.

وحسمت دولتان أفريقيتان، هما رواندا ونيجيريا، المعركة في مجلس الأمن لصالح إسرائيل بامتناعهما عن التصويت، مع أنّ الدول الأفريقيّة، وسائر دول ما يعرف بـ "العالم الثالث"، كانت حتى قبل سنين معدودة تصوّت بشكل تلقائي لصالح أي قرار يخدم القضية الفلسطينيّة، وضمنها الدول الأفريقية، وعلى رأسها نيجيريا. وتقوم الاستراتيجيّة الجديدة التي تبنّاها ليبرمان على تعزيز العلاقات مع دول العالم الثالث، لا سيّما تلك التي يمكن أن تضطلع بأدوار في المحافل الدولية، وذلك لضمان تأييدها عندما يتمّ التصويت على قرارات تؤثر على مصالح إسرائيل الاستراتيجيّة. وتستند هذه الاستراتيجية إلى معادلة بسيطة: مساعدات تقنيّة إسرائيليّة لدول العالم الثالث مقابل أصواتها في المحافل الدوليّة.

ويكشف معلّق الشؤون السياسية في صحيفة "ميكور ريشون"، آرييه كهانا، النقاب عن أنّ "مركز الأبحاث السياسيّة"، التابع لوزارة الخارجية توقّع منذ خمس سنوات أن يتم قبول كلّ من نيجيريا وراوندا كأعضاء غير دائمين في مجلس الأمن، فكان القرار بوجوب السعي لتعزيز العلاقات مع هاتين الدولتين على وجه الخصوص. ويشير كهانا، في مقال أول من أمس السبت، إلى أنّ ليبرمان حرص بشكل خاص على زيارة كل من رواندا ونيجريا، حيث وقّع على اتفاقات ثنائيّة مع حكومتي الدولتين، تنصّ على تقديم دعم تقني وأمني لكل منهما. ويشير كهانا إلى أنّ إسرائيل أبدت اهتماماً بدعم مواقف رواندا في المحافل الدولية، لا سيّما في كل ما يتعلّق بالتحقيق في المجازر التي ارتكبت في هذه الدولة إبان حكم قبيلة الهوتو.

ويلفت كهانا الأنظار إلى أنّ إسرائيل استغلت ظهور جماعة "بوكو حرام" التي تتبنّى أفكار تنظيم "القاعدة" وعرضت على الحكومة النيجيرية التعاون في مواجهة هذه الجماعة من خلال تقديم "الخبرات" الإسرائيلية في هذا المجال. ووجد تطوّر العلاقات بين إسرائيل ونيجيريا، إحدى أهم الدول الأفريقية، ترجمته في الزيارة التي قام بها الرئيس النيجري غودلاك جونثان إلى إسرائيل مطلع العام الماضي وتوقيعه عدداً من الاتفاقات، ناهيك عن لقائه أخيراً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على هامش اجتماعات الأمم المتحدة.

ويبدو أنّ التحوّلات لصالح إسرائيل في مواقف دول العالم الثالث من القضية الفلسطينية، تتواصل بوتيرة عالية. وفي سياق متصل، تكشف صحيفة "The Hindou"، أوسع الصحف الهنديّة انتشاراً النقاب أخيراً عن أنّ الحكومة الهندية تدرس تغيير نمط تصويتها في الأمم المتحدة والمحافل الدوليّة في كلّ ما يتعلّق بالموقف من القضيّة الفلسطينيّة. وتوضح الصحيفة أنّ الهند، التي كانت تدعم بشكل تلقائي كلّ مشاريع القوانين المؤيّدة للقضيّة الفلسطينيّة التي تقدم إلى الأمم المتحدة والمحافل الدوليّة، تتجه للامتناع عن التصويت على هذه المشاريع.

ويعتبر الصحافي الإسرائيلي، باراك رفيد، أنّ التوجّه الجديد للحكومة الهندية سيمثّل "زلزالاً سياسياً"، على اعتبار أنّ الهند تمثّل إحدى الدول الرئيسة في كتلة "عدم الانحياز"، التي تضم عشرات الدول من آسيا وأفريقيا وأميركا الجنوبيّة، والتي كانت تؤيّد القضية الفلسطينية بشكل تلقائي. ويأتي التحوّل في مواقف الحكومة الهنديّة نتيجة استثمار إسرائيلي طويل في تطوير العلاقات مع هذه القوة العالميّة الصاعدة. لكنّ الاستثمار في تعزيز العلاقات مع دول العالم الثالث، لم يمنع إسرائيل من القيام بكل الخطوات التي تحول من دون حدوث مفاجآت غير متوقعة أثناء التصويت في مجلس الأمن.

وفي سياق متّصل، تورد صحيفة "معاريف"، في عددها الصادر يوم الجمعة الماضي، أنّ ديوان مستشار الأمن القومي يوسي كوهين، قد شكل خليّة عمل بالتعاون مع السفارة الإسرائيليّة في الأمم المتحدة. وتولّت هذه الخليّة فحص توجهات الدول الأعضاء في مجلس الأمن. ومن أجل ضمان عدم حدوث مفاجآت، حرص نتنياهو شخصياً على الاتصال بقادة بعض الدول الأعضاء في المجلس. ومما لا شكّ فيه أنّ الولايات المتحدة لعبت أيضاً دوراً حاسماً في إفشال المشروع العربي. وتكشف "معاريف" النقاب عن أنّ وزير الخارجية الأميركي جون كيري، اتصل بنظرائه في 13 دولة من الدول الأعضاء لحثّهم على عدم تأييد المشروع، أي أنه عملياً استثنى فقط وزير الخارجية الأردني من الاتصال، على اعتبار أنّ الأردن هو صاحب المشروع. ومقابل الاحتفاء بموقف دول العالم الثالث، فقد سادت خيبة أمل إسرائيليّة من فرنسا، التي أيّدت المشروع الأردني.

وتفيد وسائل اعلام اسرائيليّة بأنّ نتنياهو اتصل غاضباً بالرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، للإعراب عن احتجاجه على خيانة فرنسا لإسرائيل. واحتجّ نتنياهو على اقتراح وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس بتقديم مشروع قرار إلى مجلس الأمن، ينصّ على إقامة دولة فلسطينية بشكل أحادي الجانب. وتنقل "ميكور ريشون" أنّ نتنياهو أوضح لهولاند أن هناك انطباعاً لدى إسرائيل، مفاده أنّ بعض المواقف الأوروبيّة المتعلّقة بالصراع العربي الإسرائيلي تهدف بشكل خاص إلى استرضاء الأوروبيين من أصول إسلاميّة ولحسابات حزبيّة داخليّة.