بعد 6 سنوات من الانقلاب... شيخ الأزهر بـ"عزلة اختيارية"

بعد 6 سنوات من الانقلاب... شيخ الأزهر في عزلة اختيارية

03 يوليو 2019
علاقة متذبذبة بين السيسي وشيخ الأزهر (سامر عبدالله/الأناضول)
+ الخط -
في مثل هذا اليوم قبل ستة أعوام، جلس شيخ الأزهر الشريف الإمام الأكبر أحمد الطيب إلى يسار وزير الدفاع المصري آنذاك الفريق أول عبد الفتاح السيسي، يستمع مع غيره من الحاضرين إلى البيان الأول الذي ألقاه السيسي بعد الانقلاب على أول رئيس مدني منتخب في تاريخ مصر الرئيس الراحل محمد مرسي.

كان الطيب ضمن عدد من الشخصيات التي جمعها السيسي في ذلك اليوم، الثالث من يوليو/ تموز عام 2013، لحضور الإعلان عن عزل الرئيس محمد مرسي، وبداية مرحلة جديدة من تاريخ مصر. 

وكان من بين تلك المجموعة المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية محمد البرادعي، رئيس حزب الدستور المصري آنذاك، ونائب الرئيس المؤقت عدلي منصور بعد ذلك، ومحمود بدر، مؤسس حركة تمرد، وسكينة فؤاد الكاتبة الصحافية، وجلال مرة، الأمين العام لحزب النور، والبابا تواضروس الثاني، بالإضافة إلى قيادات القوات المسلحة، وعلى رأسها الفريق صدقي صبحي رئيس أركان حرب الجيش آنذاك.

فعلياً لم يبقَ أحد من تلك الصورة في منصبه سوى شيخ الأزهر أحمد الطيب والبابا تواضروس، إذ أعلن البرادعي استقالته بعد مجزرة فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة وغادر مصر، كما أطاح السيسي بالفريق أول صدقي صبحي من منصب وزير الدفاع.

لكن الواقع أنه وبعد مرور 6 سنوات من الانقلاب العسكري الذي قاده السيسي، يؤكد أن جميع من شارك في تلك الصورة أصبح دون وزن حقيقي، بمن فيهم شيخ الأزهر، الذي توارى عن الأنظار منذ مدة طويلة.

وبحسب ما أكدته مصادر من داخل مشيخة الأزهر لـ"العربي الجديد"، فقد قرر الشيخ مؤخراً الدخول في "عزلة اختيارية" والإقلال من الظهور، بعد سنوات شهدت فيها علاقة الشيخ بالسلطة مراحل صعود وهبوط.

فبعد أن كان أحمد الطيب حاضراً بقوة في مشهد عزل مرسي بكلمة مؤيدة لقرار السيسي، ومرور الشهور الأولى بين الرجلين على أحسن ما يرام، جاءت اللحظة التي رفض الطيب تأييد فض اعتصامي رابعة والنهضة علناً، وخرج بدلاً من ذلك ببيان "يأسف ويبرأ من إزهاق الأرواح". 

ثم بدأ الصدام بينه وبين النظام، بعدما رفض تكفير تنظيم "داعش" وأتباعه في مصر، مروراً باعتراضه على مشروع السيسي لاشتراط توثيق الطلاق لإيقاعه، انتهاءً بمحاولات تعديل قانون الأزهر لتحويله من مؤسسة إسلامية إلى هيئة اجتماعية تعليمية يشارك فيها ممثلون لمجالس قومية وسلطات مختلفة، وهو ما دفع دوائر مختلفة إلى الدفاع عن الأزهر ودرجة استقلاله التي تحققت بعد ثورة 25 يناير/ كانون الثاني 2011.

قاوم الطيب خطة السيسي وأجهزته الأمنية للسيطرة على الأزهر بمساعدة رجاله المخلصين، وعلى رأسهم وكيل الأزهر السابق الدكتور عباس شومان، والمستشار القانوني للمشيخة السابق محمد عبد السلام، لكن مقاومته لم تستمر طويلاً، إذ نجحت الأجهزة الأمنية في إقناع السيسي بعدم التجديد لشومان في منصبه، كما تم الضغط على الطيب لعدم التجديد لعبد السلام، وبذلك فقد الشيخ قطبين مهمين كان يعتمد عليهما في المشيخة.


وأرجعت المصادر التي تحدثت لـ"العربي الجديد" تراجع شيخ الأزهر في المشهد العام بمصر إلى عدة أمور؛ على رأسها عبور الشيخ من التعديلات الدستورية التي جرت في مصر مؤخراً بأمان بعد الحديث عن أنها

كانت ستستهدف المادة التي تحصّن منصب شيخ الأزهر من العزل.

وقالت المصادر، التي تحفظت على ذكر أسمائها وصفاتها داخل المشيخة، إن الجيل القديم الذي كان يعتمد عليه الشيخ الطيب كان يضم شخصيات ذات قوة ورؤية وحنكة سياسية تمكنها وتمكن الشيخ من إدارة علاقته بالدولة، عكس الجدد الذين لم يكونوا "يحلمون يوماً بالمناصب التي شغلوها"، ومنهم الشيخ صالح عباس الذي حل محل الدكتور عباس شومان، والدكتور محمد المحرصاوي الذي حل محل الدكتور عبد الحي عزب في رئاسة جامعة الأزهر.

يذكر أن الإمام الأكبر شيخ الأزهر توجه إلى ألمانيا لإجراء فحوصات طبية، وكان قد سافر إليها، العام الماضي، لإجراء عدد من الفحوصات الطبية المتعلقة بالعمود الفقري.

المساهمون