فشل حفتر ميدانياً في طرابلس وراء استعجاله الحل السياسي؟

فشل حفتر ميدانياً في طرابلس وراء استعجاله الحل السياسي بليبيا؟

23 يونيو 2019
فشل حفتر العسكري قد يسهل قبوله بالتسوية (فرانس برس)
+ الخط -

بعد فشله في تحقيق تقدّم على الأرض، منذ بدء هجومه على العاصمة الليبية طرابلس، في إبريل/ نيسان الماضي، استعاد اللواء المتقاعد خليفة حفتر خطاب العودة للانتقال إلى الحل السياسي، تزامناً مع تقدّم قوات "الوفاق" في الميدان، وسعيها للسيطرة على المطار.

وبحث حفتر، أمس السبت، مع الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا غسان سلامة، "سبل الإسراع في الحل السياسي".

وقالت البعثة الأممية للدعم في ليبيا، في بيان، إنّ رئيسها التقى حفتر، بمقر الأخير في الرجمة (شرقاً)، لافتةً إلى أنّ الرجلين "ناقشا الأسباب التي أدت إلى إطلاق عملية طوفان الكرامة والوضع الإنساني في طرابلس".

كذلك أشارت إلى أنّ سلامة بحث مع حفتر "سبل الإسراع في الانتقال إلى مرحلة الوصول إلى حل سياسي"، من دون الإدلاء بتفاصيل الحل.


وجاء اللقاء، بينما أكد المتحدث باسم الجيش الليبي بقيادة حكومة "الوفاق" محمد قنونو، في تصريح لـ"العربي الجديد"، مساء السبت، تقدّم قوات الحكومة داخل مطار طرابلس الدولي، تزامناً مع ضربات جوية متوالية على تمركزات قوات حفتر داخله، وفي المحاور المجاورة؛ لا سيما في وادي الربيع.

وسجّلت قوات "الوفاق" تقدّمها الثاني داخل المطار، السبت، حيث باتت تؤمن تمركزات داخله، في وقت جدد فيه قنونو التأكيد على أنّ قوات حفتر "لن تتمكن بعد الآن من العودة للتمركز داخل المطار".

ويُعتبر محور طريق المطار أكثر المحاور اشتعالاً في الاشتباكات بين الطرفين، لما يمثله من أهمية بالنسبة لقوات حفتر؛ كونه يمثل الطريق الأقصر للوصول إلى قلب العاصمة طرابلس، حيث ركّت هذه القوات، منذ نحو أسبوعين، قتالها في محوره، فيما تراجعت حدة الاشتباكات في محاور أخرى؛ لا سيما في قصر بن غشير ووادي الربيع، وعين زاره.

وبحسب تصريحات مسؤولي الطرفين، باتت قوات حفتر لا تسيطر على مناطق بكاملها، وتراجعت في محور حي قصر بن غشير، وفي محور حي وادي الربيع الذي يمثّل خط الاتصال بمنطقة ترهونة (95 كيلومتراً جنوب شرق طرابلس) المجاورة التي تعتبر المركز الثاني لقوات حفتر، بعد غريان الجبلية (90 كيلومتراً غرب طرابلس).

كذلك باتت المناطق الفاصلة بين طرابلس وغريان مثل الهيرة، وتلك الفاصلة بين طرابلس وترهونة مثل سوق الخميس والسبيعة، بيد قوات حكومة "الوفاق".


وبعد فترة من المراوحة والجمود الميداني، يعلّل الخبير العسكري الليبي محيي الدين زكري، عودة القتال بشكل شرس مؤخراً إلى مناطق جنوب طرابلس، إلى بروز دعوات دولية وأممية بضرورة الرجوع إلى الحل السياسي في ليبيا.

واعتبر زكري، في حديث لـ"العربي الجديد"، اليوم الأحد، أنّ كلاً من قوات حفتر، وقوات "الوفاق"، بات متأكداً من ضرورة الرجوع لطاولة التفاوض، ولذلك يسعى لكسب المزيد من الأراضي في الميدان.

وقال إنّ "رغبة قوات حفتر جاءت عكس ما تشتهيه سفنه، فالوضع الميداني يرجح لصالح كفة قوات الوفاق التي تشن حالياً بقوة معارك من أجل السيطرة على مطار طرابلس"، لافتاً إلى أنّ السيطرة على المطار "تعني إزاحة قوات حفتر عن العاصمة".

وفسّر زكري كلامه عسكرياً بالقول: "يُعتبر سقوط منطقة طرابلس، ومنطقة قصر بن غشير، هزيمة لقوات حفتر وخروجها نهائياً من طرابلس. وهذا الخروج هو بحد ذاته مكسب للوفاق"، مضيفاً أنّ "السيطرة على غريان وترهونة لا تعتبر صعبة والطريق إلى كلتيهما مفتوح، كما أنّ أغلب الأجزاء حولهما هي في قبضة حكومة الوفاق".

ويرى خليفة الحداد أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الليبية أنّ "تلك الانتصارات الميدانية في حال تحققت، ستكون ورقة قوة لحكومة الوفاق على طاولة التفاوض"، مشيراً إلى أنّ "غريان وترهونة لا تمثلان أهمية استراتيجية كبيرة بالنسبة لحفتر، علاوة على أنّ إمكانية طرد قواته منهما ممكنة لعدة أسباب".

وأوضح الحداد، في حديث لـ"العربي الجديد"، اليوم الأحد، أنّ "موقف أهالي كل من ترهونة وغريان الداعم لحفتر، قد تراجع بسبب سقوط قتلى من أبنائهما، وهناك قبائل داخل المدينتين لا تزال ترفض حفتر وهي على ولاء لحكومة الوفاق".

وتابع أنّ "هناك فصائل منضوية في قوات حكومة الوفاق، لا تزال تصرح بعدم قبول الحوار مع حفتر وضرورة مواجهة قواته، ولا أعتقد أنّ الحكومة التي كانت على خلاف مع هذه الفصائل قبل أشهر قليلة يمكن أن تفرض رأيها عليها"، لافتاً في الوقت عينه إلى أنّ "رجوع الحكومة نفسها عن تصريحاتها الرافضة لحفتر كشريك سياسي أمر قد يأخذ وقتاً أيضاً".


وأضاف الحداد أنّ "كلا الطرفين (حفتر والوفاق) باتا يدركان أنّ المجتمع الدولي سيفرض وقفاً لإطلاق النار من دون شروط، ولذا كل طرف يقوّي أوراقه التفاوضية في الميدان بجنوب طرابلس، وإزاحة أي منهما تعني وضعاً عسكرياً ستؤسس عليه التسوية التي لن تكون بكل تأكيد عبر الرجوع إلى ملتقى غدامس أو اتفاق أبوظبي".

وتابع "خلال الفاصل الزمني حتى قبول الأطراف للتسوية السياسية بشكلها الجديد، يمكن أن تحدث تغييرات على الأرض تؤثر بشكل سلبي على مساعي السلم والوفاق"، مشيراً إلى أنّ "فشل حفتر العسكري الذي يصل إلى حد مستوى الهزيمة غير المعلنة، قد يسهل قبوله بالتسويات السياسية، لا سيما أنّ مواقف داعميه الإقليميين بدت متراجعة بشكل كبير".

ولفت الحداد في هذا السياق إلى تصريحات وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عادل الجبير، والتي أكد فيها اعتراف الرياض بحكومة "الوفاق" كحكومة شرعية ووحيدة في ليبيا، "ما يمكن أن يشير إلى تراجع في موقفها الداعم لحرب حفتر على العاصمة"، كما قال.