فراغ كردي في بغداد... وضغوط خارجية للحوار

فراغ كردي في بغداد... وضغوط خارجية للحوار

10 نوفمبر 2017
يرفض عرب وتركمان عودة القوات الكردية إلى كركوك (الأناضول)
+ الخط -
على الرغم من إعلان الأطراف الكردية في إقليم كردستان استعدادها للحوار تحت سقف الدستور العراقي لحل الأزمة الحالية بين بغداد وأربيل، إلا أنّ مؤسسات الدولة العراقية في العاصمة بغداد تبدو شبه خالية من حضور المسؤولين الأكراد سواء كان على مستوى الحكومة والبرلمان أو مفاصل الدولة الأخرى. وفي الوقت الذي يؤكد فيه برلمانيون أكراد وجود ضغوط خارجية تدفع باتجاه الحوار، فشلت قوات "الأسايش" الكردية في دخول عدد من مناطق كركوك (شمالي العراق) بسبب تظاهرات رافضة لوجودها نظّمها عرب وتركمان المحافظة.

وأكّد عضو البرلمان العراقي، السياسي الكردي، محمود عثمان أن الفراغ الكردي في بغداد يجب أن لا يدوم، موضحاً أن "استمرار القطيعة سيؤدي إلى نتائج غير محمودة". ولفت عثمان في حديث مع "العربي الجديد" إلى أنّ "غياب مسؤولي إقليم كردستان عن بغداد سيزيد الفجوة والمشاكل ويعزز المواقف المتشددة"، مشدداً على ضرورة الإسراع في الحوار وحلّ المشاكل.

في هذا السياق، أشار رئيس كتلة "الحزب الديمقراطي الكردستاني" في البرلمان العراقي، عرفات كرم، إلى وجود ضغوط إقليمية ودولية من أجل الدفع باتجاه الحوار بين بغداد وأربيل، داعياً إلى حوار جدي ومباشر من غير شروط بين الجانبين.

وأضاف كرم في حديث مع "العربي الجديد" أنه "إلى الآن لم يتم تحديد موعد لإجراء حوار حصري بين حكومتي بغداد وأربيل، وليس على مستوى القيادات كما كان في السابق، لذلك ينبغي أن يبدأ الحوار سريعاً"، موضحاً أنّ "الاقتتال توقّف بعد أن قامت القوات العراقية بواجبها". وأشار كرم إلى أنّ المفاوضات بين حكومتي بغداد وأربيل لم تنهر، رافضاً ما وصفها بمحاولات بعضهم السيطرة على مناطق تابعة لإقليم كردستان (في إشارة إلى كركوك والمناطق المتنازع عليها)، داعياً إلى تجاوز الأمور التي قد تعقّد الحوار.


وأوضح رئيس الكتلة النيابية لـ"الحزب الديمقراطي الكردستاني" أنّ إقليم كردستان قبل بالحوار من دون شروط، على أمل أن يكون المقبل هو استجابة للحوار من أجل حلحلة المشاكل بين الحكومتين، مؤكداً وجود دعم أممي وأميركي وتركي وإيراني للحوار الذي يعتبر الخيار الأفضل لإزالة التوتر بين الجانبين.

وحذّر كرم من احتمال تأثير الخلاف على حصة إقليم كردستان في موازنة الدولة العراقية، على الحوار، منتقداً قرار الحكومة بتخفيض حصة الإقليم من 17 إلى 12 بالمائة. وأوضح "لا يمكن للحوار أن يثمر إذا تمّ التصويت على الموازنة التي لا تكفي لنصف رواتب موظفي إقليم كردستان"، مضيفاً "نتمنى أن تتم إعادة النظر بالموازنة لأنها مخالفة للدستور، وبقاؤها بشكلها الحالي سيتسبب بمشاكل بين الجانبين".


في غضون ذلك، أكد عضو البرلمان العراقي عن "التحالف الوطني" صادق المحنا أيضاً أنّ المفاوضات بين بغداد وأربيل لم تنهر، موضحاً لـ "العربي الجديد" أنّ رئيس الوزراء، حيدر العبادي، حدّد أموراً عدة للتعامل مع الأزمة. ولفت إلى أنه "لا توجد مفاوضات في حال بقي الاستفتاء، والمفاوضات ستكون بعد إلغائه"، مشيراً إلى أنّ أغلب القوى السياسية الكردية أصبحت على قناعة بأن المناطق المتنازع عليها ينبغي أن تكون ضمن السلطات الاتحادية.

وأوضح المحنا أن الحكومة العراقية مستعدة للتكفّل بدفع رواتب موظفي إقليم كردستان، لافتاً إلى وجود عقلاء في الإقليم برزت أصواتهم أخيراً. واستبعد النائب العراقي اندلاع حرب بين بغداد وأربيل، مؤكداً أنّ "التسويات التي تشهدها المنطقة تحتم على العراقيين عدم الاقتتال في ما بينهم".

في موازاة ذلك، برز شرط آخر يتمثل في مطالبة بغداد لأربيل بتسليم مطلوبين سياسيين متواجدين في كردستان، الأمر الذي يؤشر الى شروط جديدة للحوار. وفي السياق، قال مسؤول كردي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "بغداد تصعّد في كل يوم مع أربيل وتفتح ملفات مغلقة من الأساس، مستغلة حاجة كردستان إلى الحوار"، مبيناً أنّ "بغداد أرسلت كتاباً قضائياً الى حكومة أربيل تطالبها بتسليمها عدداً من المطلوبين للسلطة القضائية العراقية". وأوضح، أنّ "المطلوبين أغلبهم سياسيون وخصوم لحكومة بغداد، ومن الذين لديهم نشاطات في تظاهرات محافظة الأنبار، فضلاً عن عدد المطلوبين الآخرين"، مبيناً أنّ "حكومة كردستان لم تردّ بعد على طلب بغداد، والتي على ما يبدو أنّها تضيف شروطاً يومية على أربيل مستغلة رغبة الأخيرة بالحوار السياسي، لذا فإن بغداد تجعل من هذه المطالبات شروطاً جديدة على أربيل لفتح الحوار السياسي معها". وأضاف، أنّ "أربيل تتعامل مع هذا الموضوع على أنّه التزام أخلاقي، ومن غير الممكن أن تسلم المطلوبين الى بغداد، خصوصاً أنّ الجميع فاقد للثقة بالقضاء العراقي الذي هو قضاء مسيس"، داعياً الحكومة الاتحادية إلى "إبعاد السياسة عن القضاء، وعدم محاولة خلط الأوراق لتحقيق مكاسب سياسية من الأزمة مع أربيل".

في هذه الأثناء، يرفض عرب وتركمان كركوك عودة القوات الكردية للمشاركة في حفظ أمن المدينة. وتظاهر المئات منهم، أمس الخميس، في مناطق متفرّقة من كركوك احتجاجاً على محاولة بعض قطاعات قوات "الأسايش" الكردية الانتشار في بعض الأحياء، وفق مصادر محلية أكدت لـ"العربي الجديد" أنّ التظاهرات ستتكرر في حال بروز أية محاولات لإعادة قوات الأمن الكردي المتهمة باختطاف وتغييب العشرات.

في المقابل، دعا مسؤول "الاتحاد الوطني الكردستاني" في كركوك، آسو مامند، الأكراد إلى اتخاذ موقف تجاه التظاهرات العربية التركمانية ضد "الأسايش". وقال في تصريح صحافي "إذا كان الأمر عائداً لبعض العرب والتركمان، فعلى الأكراد أن يغادروا المدينة ويتركوها لهم، لذلك حان وقت عودة الحزب الديمقراطي الكردستاني إلى كركوك والمطالبة بمقراته التي تمّ احتلالها"، مضيفاً "لا يمكن لأحد منع الحزب الديمقراطي الكردستاني من العودة إلى كركوك".

يشار إلى أن "الحزب الديمقراطي الكردستاني" كان قد أكّد في وقت سابق أنّ فصائل تابعة لمليشيا "الحشد الشعبي" استولت على مقراته في كركوك بعد انسحاب القوات الكردية منها الشهر الماضي.

وفي هذا الشأن، قال عضو البرلمان العراقي عن "الحزب الديمقراطي الكردستاني" شاخوان عبد الله، إن وزير الداخلية العراقي، قاسم الأعرجي، أخبره بوجود أطراف سياسية "شيعية" تحاول خلق الأزمات للتأثير على العلاقة بين بغداد وأربيل، مؤكداً خلال مقابلة متلفزة أنّ "احتلال" مقرات "الحزب الديمقراطي الكردستاني" من قبل "الحشد الشعبي" هو أمر مخالف لقانون الأحزاب السياسية. ولفت إلى أن "الحزب الديمقراطي الكردستاني" يعد من الأحزاب المسجلة في مفوضية الانتخابات وفقاً للقانون، وأنّ احتلال مقراته يعتبر جريمة، بحسب قوله.

وأشار عبد الله إلى أنّ "المستفيد الأكبر من الأزمة بين بغداد وأربيل هي إيران"، مؤكداً إرسال مئات الشاحنات المحملة بالنفط من كركوك إلى إيران منذ يوم الثالث والعشرين من الشهر الماضي، من دون أن يتم إدخال مبالغ النفط ضمن حسابات الحكومة العراقية. ولفت إلى وجود قناعة أميركية تركية بشأن الضغط على الحكومة العراقية من أجل إخراج قوات "الحشد الشعبي" من كركوك والعودة للعمل بالاتفاقيات السابقة بين بغداد وأربيل، موضحاً أنّ بغداد ستدعو المؤسسات الأمنية الكردية للذهاب إلى كركوك، مضيفاً "لكننا لن نذهب من دون قوة، وبدون رفع العلم الكردي في مقراتنا".

المساهمون