بالمستندات... قضاة مصريون يؤكدون إخلال تعديلات الدستور بسيادة القانون

بالمستندات... قضاة مصريون يؤكدون إخلال تعديلات الدستور بسيادة القانون

06 ابريل 2019
مشروع تعديل الدستور مقرر التصويت عليه بجلسة 16إبريل (Getty)
+ الخط -
كشفت البرلمانية المصرية نادية هنري، السبت، عن تقدمها بطلب اقتراح إلى اللجنة الفرعية المشكلة من لجنة الشؤون الدستورية في مجلس النواب المصري، على مشروع تعديل الدستور المقرر التصويت عليه نهائياً في جلسة 16 إبريل/ نيسان الجاري، بعد التشاور مع عدد من القضاة وأعضاء الهيئات القضائية المختلفة، والذين أكدوا أن التعديلات تُشكل إخلالاً بضمانات سيادة القانون في أعلى صوره.

وبينت هنري، في الطلب المقدم منها، والذي حصل "العربي الجديد" على نسخه منه، أن التعديلات المقترحة تخالف الثوابت الدستورية، في ما يتعلق بطريقة اختيار رئيس وأعضاء المحكمة الدستورية العليا، كون المحكمة تتولى وحدها الرقابة على دستورية القوانين واللوائح والقرارات، سواء الصادرة عن السلطة التشريعية، أو رئيس الجمهورية، أو الحكومة، ما يستتبع استقلالها الكامل عن سائر السلطات، بما في ذلك طريقة تعيين رئيسها، ونوابه، وهيئة المفوضين بها.

نادية هنري (العربي الجديد) 


وأفادت المذكرة بأن منح رئيس الجمهورية سلطة تعيين رئيس المحكمة الدستورية -بموجب التعديلات- يؤثر على استقلالها بشأن تفسير النصوص القانونية، بما يخدم السلطة التنفيذية على حساب السلطة التشريعية، مشيرة إلى أن المحكمة تعلو عن سائر الجهات والهيئات القضائية، لأنها من تحدد اختصاص تلك الجهات والهيئات، في حالة التنازع السلبي أو الإيجابي، أو التناقض بين الأحكام.

وتابعت أن "المحكمة الدستورية، ورئيسها، يحلون محل مجلس النواب، ورئيسه، في حالة خلو منصب رئيس الجمهورية، إذا كان المجلس (البرلمان) غير قائم، لذا لا يجوز لرئيس الجمهورية أن يتدخل في اختيار رئيس المحكمة، وأعضائها، قياساً بعدم جواز تدخل رئيس الجمهورية في اختيار رئيس مجلس النواب أو مجلس الشيوخ".


ورأت المذكرة ضرورة حذف عبارة "دون غيره" الواردة قرين اختصاص مجلس الدولة بشأن الفصل في المنازعات الإدارية، لأن الإبقاء عليها سيؤدي إلى اختصاص المجلس بالفصل في القرارات الصادرة عن المجلس الأعلى للجهات والهيئات القضائية، والازدواجية في الاختصاص بينه، وبين القضاء العادي، والمحكمة الدستورية، عند نظر الطعون والقرارات الصادرة من المجلس الأعلى، في ضوء تمسك كل جهة بهذا الاختصاص بالنسبة لأعضائها.

وحسب المذكرة، فإن مجلس الدولة هو من يباشر اختصاص القضاء الإداري محل الجهة المطعون في قرارها، ويصدر حكمه وفق ما انتهى إليه، وبذلك يحل محل المجلس الأعلى للجهات والهيئات القضائية الأخرى، في ما يخص قرارات المجلس الأعلى المرتبطة بشروط التعيين، والترقية، والندب، والشؤون المشتركة.

وزادت: "أن دستور 1971 لم يقر بمنح مجلس الدولة اختصاص الفصل في المنازعات الإدارية دون غيره، إذ كان يجوز إسناد هذا الاختصاص إلى هيئة قضائية أخرى، أو إلى لجان ذات اختصاص قضائي، وهو ما استقرت عليه أحكام المحكمة الدستورية. في حين نص دستور 2012 على اختصاص المجلس دون غيره من جهات القضاء، أي أن ذلك لم يكن ليمنع المشرع العادي من إسناد اختصاص الفصل في المنازعات الإدارية لبعض اللجان ذات الاختصاص القضائي".

وأكدت المذكرة أن "المصلحة العامة، وحسن سير العدالة، يقتضيان أن يسند المشرع العادي نوعا محددا من المنازعات الإدارية إلى هيئة قضائية أخرى كالقضاء العادي، مثل منازعات الضرائب التي تعطل الفصل فيها بعد إسنادها إلى محاكم القضاء الإداري بمجلس الدولة، باعتبار أن مثل هذه المنازعات تنتشر في جميع مراكز ومدن المحافظات، على خلاف محاكم مجلس الدولة المتواجدة في عواصم المحافظات فقط".

وأشارت المذكرة إلى "أهمية مراعاة أن يحل رئيس المحكمة الدستورية، محل رئيس الجمهورية عند غيابه، في رئاسة المجلس الأعلى للسلطة القضائية، لأنه لا يجوز أن يرأس وزير العدل، وهو عضو بالحكومة، المجلس الذي يقوم على شؤون أفرع السلطة القضائية، بما يتنافى مع قاعدة الفصل بين السلطات، وهي قاعدة راسخة في المجتمع الدولي، وفي ديباجة الدستور القائم، وفي المادة الخامسة منه".

واعتبرت المذكرة أن التعديلات المرتقب التصويت عليها في البرلمان تتناقض مع المادة (184) من الدستور، التي تقرر أن السلطة القضائية مستقلة، وكذلك مع النصوص الدستورية الأخرى التي تقرر استقلال كل هيئة قضائية، وقيامها على شؤونها، بما يؤدي إلى زعزعة الثقة في استقلال الهيئات القضائية، وحيادها.