الأقصى يقاوم وحيداً... يوم جديد من الاعتداءات غير المسبوقة

الأقصى يقاوم وحيداً... يوم جديد من الاعتداءات غير المسبوقة

15 سبتمبر 2015
اعتقل الاحتلال 9 أشخاص في اعتداءات أمس (معمّر عوض/الأناضول)
+ الخط -
واصل الاحتلال الإسرائيلي اعتداءاته بحق الفلسطينيين والمسجد الأقصى، مكرّساً التصعيد غير المسبوق منذ عام 1969 الذي بدأه منذ فترة في إطار التهويد والتقسيم الزماني والمكاني للمسجد الذي يعتبر أحد رموز القضية الفلسطينية. ولليوم الثاني على التوالي، اقتحمت عناصر من قوات الاحتلال، الأقصى، بحجة تأمين المستوطنين والمصلين اليهود لمناسبة عيد رأس السنة العبرية، أربع ساعات فجر أمس الإثنين، قبل أن تنسحب منه، بعد مواجهات أدّت إلى إصابة العديد من المُصلّين واعتقال آخرين. الأبرز في اعتداءات يوم أمس، ارتفاع وتيرة المقاومة لدى المرابطين والمرابطات، في ظلّ تجاهل دولة الاحتلال جميع المواقف العربية والدولية المنددة بالعدوانية الإسرائيلية تجاه المسجد التاريخي، على يد جنودها ومستوطنيها.

وقد سبق أن اقتحمت قوات كبيرة من الاحتلال المسجد الأقصى يوم الأحد، واشتبكت مع المصلين فيه، ما أدى إلى إصابة عدد منهم واعتقال آخرين، وهو ما حدا بعشرات الشبان إلى قضاء ليل الأحد ـ الإثنين في المسجد الأقصى، بنيّة "حماية الباحة من خطر دخول يهود متشددين صباح الإثنين، لمنعهم من الصلاة فيها". وقد اندلعت المواجهات بين المرابطين وقوات الاحتلال بعد عملية الاقتحام، ما أسفر عن اعتقال تسعة أشخاص وإصابة خمسة آخرين منهم بجروح وصفت إحداها بالخطيرة، قبل أن يشهد الأقصى وباحاته ومحيطه، استنفاراً أمنياً مكثفاً من قبل قوات الاحتلال، التي اعتدت على المرابطين والصحافيين.

وامتدت المواجهات لتشمل شوارع البلدة القديمة في القدس، وقامت شرطة الاحتلال بتفريق مجموعة من عشرات المتظاهرين، مؤلفة بغالبيتها من النساء باستخدام قنابل صوتية. وقالت سناء الرجبي وهي إحدى المرابطات "نحن قلقون على الأقصى، لأن إسرائيل ترغب بإفراغه، مثلما ترغب بإفراغ القدس من المسلمين. نحن لا نذهب للصلاة في حائط المبكى. لماذا يجب أن يصلّوا في الأقصى؟".

وكشف مدير المسجد الأقصى، الشيخ عمر الكسواني، لوكالة "الأناضول"، أن نحو "150 شرطياً إسرائيلياً اقتحموا الأقصى مستخدمين قنابل الصوت والرصاص المطاطي". وأوضح أن "أفراد الشرطة، اعتقلوا سبعة مُصلّين، تواجدوا عند بوابات المسجد القبلي المسقوف (جنوب المسجد)، وأصابوا اثنين آخرين".

وتابع الكسواني: "قام أفراد الشرطة الإسرائيلية بإغلاق بوابات المسجد القبلي، بالجنازير، ليحاصروا المصلين داخل المسجد". ولفت إلى أن "عناصر من الشرطة الإسرائيلية انتشروا على سطح المسجد القبلي، وفي ساحات المسجد، ومنعت المُصلّين من الدخول إلى المسجد الأقصى بشكل كامل".

وبعد أربع ساعات من المواجهات، انسحبت قوات الاحتلال من ساحات المسجد الأقصى، وسمحت للمُصلّين بالدخول إلى المسجد لأداء صلاة الظهر. وذكرت "إدارة الأوقاف الإسلامية" في القدس المحتلّة، (المسؤولة عن إدارة المسجد والتابعة لوزارة الأوقاف الأردنية)، في تدوينة على صفحتها على موقع "فيسبوك"، أن "جيش الاحتلال انسحب من أمام المصلى القبلي، وباحات المسجد الأقصى".

اقرأ أيضاً: عباس يعلن وقف التنسيق الأمني مع الاحتلال نهاية الشهر

وقال مصلّون لوكالة "الأناضول"، إن "شرطة الاحتلال سمحت بدخول المصلين مع احتجاز هويات عدد منهم". وذكرت المتحدثة بلسان الشرطة الإسرائيلية، لوبا السمري، أن "الشرطة أغلقت أبواب باحات الأقصى أمام دخول الزائرين من الأجانب وغير المسلمين وبما يتضمن اليهود، وذلك وفقاً لوقتها ونظامها الزمني المعتاد، مع تسجيل دخول نحو خمسمئة زائر". وأفاد شهود عيان، أن "العشرات من المُصلّين نظّفوا المسجد من آثار اقتحام عناصر الشرطة الإسرائيلية له".

خطاب عباس
في سياقٍ آخر، يسود ترقب في الأوساط المقرّبة إزاء الخطاب المنتظر للرئيس محمود عباس في الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، نهاية الشهر الحالي، بالتزامن مع مسيرات حاشدة لدعمه، سيعمل على تنظيمها الأمن الفلسطيني في كل المحافظات الفلسطينية، حسب ما أكدت مصادر خاصة لـ"العربي الجديد". مع العلم أن التجربة الفلسطينية في السابق، أثبتت أن الجرأة السياسية الفلسطينية دوماً ما كانت محسوبة وخطواتها خجولة، في معركتها السياسية مع الاحتلال الإسرائيلي.

وتخشى أوساط فلسطينية أن تكون كلمة الرئيس "ضبابية"، من دون التطرّق للتفاصيل الأليمة التي تسببت بها الاتفاقيات الفلسطينية الإسرائيلية وأبرزها "أوسلو" و"باريس الاقتصادي"، وسيتم كبحها بوعود عربية، وتهديد أميركي بأن "الحلّ مع إسرائيل يجب أن يكون على طاولة أميركية لا دولية".

وكان عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، أحمد المجدلاني، قد كشف لـ"العربي الجديد"، بأن "عباس سيعلن في كلمته أمام الأمم المتحدة وقف الالتزامات المتقابلة والاتفاقات الموقعة من الجانب الفلسطيني، لأن إسرائيل لم تقم بالتزاماتها في الاتفاقيات الموقعة مع الفلسطينيين".

بدوره يؤكد مفوض العلاقات الخارجية لحركة "فتح" وعضو اللجنة المركزية فيها لـ "العربي الجديد"، نبيل شعث، بأن "القيادة الفلسطينية لن تلغي اتفاق أوسلو، لكنها ستطبقه بالطريقة التي تطبقه إسرائيل، أي أن إسرائيل تنفذ ما تريد من الاتفاق، وكذلك سيفعل الفلسطينيون". ويقول شعث إنه "ما زال هناك وقت أمام إسرائيل لتنفيذ اتفاق أوسلو بالكامل".

ويعتبر، كما القيادة الفلسطينية، بأن "الاحتلال الإسرائيلي ينفذ أوسلو بالكيفية التي يريد، بما يسمح بالاستيطان، والاستيلاء على القدس، وتدمير قطاع غزة، والتواجد في جميع أنحاء الضفة الغربية، وسرقة المياه والمقدرات الفلسطينية". ويضيف: "هذا أمر مرفوض تماماً، وسيدفعنا للتصرّف بما تمليه علينا مصالحنا".

ولعل أبرز البنود التي يُشير إليها شعث، تلك المتعلقة بـ"التنسيق الأمني" و"التبعية الاقتصادية"، وهي الاتفاقيات التي باتت مثار خلاف وانشقاق وطني فلسطيني، والتي طالب المجلس المركزي الفلسطيني الذي اجتمع برام الله في مارس/آذار الماضي بوقفها وإعادة النظر فيها.

ويلفت شعث إلى أن "خطاب عباس سيُحمّل الولايات المتحدة بالأساس المسؤولية، بصفتها راعية كل الاتفاقيات، ولم تفعل شيئاً لإجبار إسرائيل على تنفيذها". وحول الضغوط العربية والأميركية المتوقعة لثني عباس عن خطابه، يشدد شعث: "لسنا نحن من دمّر عملية السلام، ونقوم بالاستيطان وسرقة الأراضي والمياه بشكل يومي، والاعتداء على المصلين والمقدسات".

في السياق، يرى المحاضر في قسم العلوم السياسية في جامعة بيرزيت، علي الجرباوي، أن "خطاب عباس لن يُشكّل أي تحوّل جذري". ويقول لـ"العربي الجديد" إن "نقطة التحوّل التاريخية التي يمكن للقيادة أن تقوم بها تكون عبر قرارين، أولاً حلً السلطة، وثانياً اتخاذ السلطة قراراً بمواجهة إسرائيل بكل المجالات الداخلية والخارجية".

اقرأ أيضاً: طلبة وأسرى محررون يتظاهرون وسط رام الله لأجل الأقصى