الانقسام الفلسطيني ينتهي والاعتقالات السياسية مستمرة

الانقسام الفلسطيني ينتهي والاعتقالات السياسية مستمرة

23 ابريل 2014
الامن الوقائي يعتقل ناشطين سياسين في الضفة (GETTY)
+ الخط -

يبدو الفرح على وجه الشاب محمد عصام طاهر سليمان (25 عاماً) من بلدة مردة في محافظة سلفيت وسط الضفة الغربية، وهو يوزع بطاقات دعوات حضور زفافه. وكان قد حرم من الفرحة أكثر من سبع سنوات مضت، لكثرة الاعتقالات لدى الاحتلال الإسرائيلي أو الامن الوقائي الفلسطيني، وهو ما أخر تخرجه من جامعة النجاح الوطنية في نابلس، حيث يدرس العلوم السياسية.

وقبل يومين فقط من موعد زفافه، حاصرت مركبات عسكرية تابعة لجهاز الأمن الوقائي الفلسطيني منزل عائلته، في منتصف ليل الاثنين، محاولين اعتقاله، لكن العريس لم يكن موجوداً في المنزل.

يقول محمد لـ"العربي الجديد" إنه يحاول الاستمرار في الحياة وتجاوز العقبات، على الرغم من تأخره في جامعته، لكثرة الاعتقالات، لكن الأمن الوقائي يجدد له معاناته، ويسعى إلى حرمانه الفرح.

والاعتقالات المتكررة في موعد امتحانات محمد، أخرته في إنجازه الدراسي، ولا زال في سنته الدراسية الثانية منذ تسجيله في الجامعة قبل ثماني سنوات، فتارة يرزح بين اعتقال سياسي مكث فيه قرابة ثلاث سنوات بشكل متفرق، وتارة لدى قوات الاحتلال الإسرائيلي حيث اعتقل مدة عامين.

الاعتقالات لم تطل محمد وحده، بل إن آثار الانقسام الفلسطيني، طاولت أيضاً شقيقيه رامي وهو أسير محرر قضى لدى الاحتلال 11 سنة، وشقيقه سامر وهو محامٍ وأسير محرر.

ويوضح محمد سليمان، أن ما قام به جهاز الأمن الوقائي في محاولة لاعتقاله و"التنغيص على فرحته وعائلته قبل يومين من زفافه"، جاء بوعد قطعه أحد محققي الوقائي على نفسه، بعد رفضه ابتزاز ذلك المحقق والضغط عليه ليعمل مخبراً معهم. وبعث الضابط رسالة إلى جوال محمد "أنت لا تستجيب لنا، ولا ترد على هاتفك، سنجهز لك مفاجأة في زفافك"، وهو ما تم بالفعل.

بدوره، قال شقيق محمد الأسير المحرر رامي سليمان إن "العائلة اتفقت مع جهاز الأمن الوقائي بوساطة من قيادات حركة فتح بعد ساعتين من مداهمة منزلنا على أن يحضر محمد للوقائي، أمس الثلاثاء، ويعرف ما الذي يريدون، ثم يتم الإفراج عنه". وأكد أنه في حال أخل الوقائي بالاتفاق، وهو أمر غير مستبعد على الأجهزة الأمنية، فإن العائلة ستقرر إلغاء حفل الزفاف وستعتبر ذلك ابتزازاً ومساً بالكرامة، وهو ما سيحول الأمر ليس إلى اعتقال سياسي بل إلى مشاكل شخصية مع العائلة.

ويعتبر الاعتقال السياسي متلازماً مع الانقسام بين حركتي "فتح" و"حماس"، حيث يسجل بشكل شبه يومي إما اعتقال أو استدعاء بحق أنصار حركة "حماس" في الضفة الغربية المحتلة، والمفارقة أنه لم يتوقف حتى في هذه الأيام التي أعلن فيها طرفا الانقسام رغبتهما في إنجاز المصالحة.

من جهته، قال القيادي في حركة "حماس" حسن يوسف، لـ"العربي الجديد" إن حركته جاهزة بشكل كامل لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه في القاهرة والدوحة، وعلى الشعب مراقبة من يريد المصالحة من عدمها.

وأكد أنه في حال أنجزت المصالحة وانتهى الانقسام، فإن حركة "حماس" بكل مؤسساتها وكوادرها وعناصرها ستأخذ دورها بين أبناء شعبها، لكن لغاية الآن "حماس" ممنوعة من ممارسة أنشطتها، ولا يزال استدعاء واعتقال كوادرها مستمراً.

 وترصد المؤسسات الحقوقية الفلسطينية هذه الاعتقالات وتوثقها من دون أن تستطيع أن تغير من واقعها وما يترتب عليه من انتهاك سافر للقانون الاساسي الفلسطيني.

ويقول المدير العام للشكاوى في "الهيئة المستقلة لحقوق الانسان" موسى أبو دهيم، إن "المصالحة لن تقضي على الاعتقالات السياسية نهائياً، لكنها ستخفف منها بشكل ملحوظ".

وتستقبل الهيئة عشرات الشكاوى، شهرياً، لمعتقلين سياسيين من أنصار حركة "حماس" تعرضوا للاعتقال بسبب انتماءاتهم السياسية.

ومنذ شهر أكتوبر/ تشرين الثاني عام 2013 وحتى اليوم، تعمل مؤسسة "الضمير" لرعاية الأسير وحقوق الإنسان على ثلاثة ملفات للاعتقال السياسي بشكل أساسي، غير الحالات الفردية.

والملفات حسب "الضمير" تشمل ملف مخيم جنين، حيث تم اعتقال 300 شخص تقريباً من المخيم، على ذمة المحافظ ما بين يوم وأربعة شهور، بقي منهم في معتقلات السلطة شابان هما مراد طوالبة وصابر مصاروة. إضافة إلى ملف مدينة نابلس، الذي تتابع فيه المؤسسة اعتقال الأجهزة الامنية الفلسطينية لـ 15 إلى 20 شاباً من طلاب جامعة النجاح والنشطاء. أما الملف الثالث فهو ملف مدينة بيت لحم حيث اعتقلت أجهزة السلطة 12 شخصاً من الجبهة الشعبية بتهم النشاط العسكري وإثارة الشغب، بقي منهم ثلاثة معتقلين حتى هذه اللحظة.

وتؤكد "الضمير" لـ"العربي الجديد" أن المعلومات التي تعمل عليها ما زالت قيد التدقيق لأن الناس يخافون أحياناً من التبليغ عن معتقليهم لدى الأمن الفلسطيني، وستصدر المؤسسة تقريرها الشامل خلال أسبوع.

يذكر أن حركة "فتح" تتهم أيضاً حركة "حماس" باعتقال أنصارها في غزة. والافراج عن المعتقلين في الضفة الغربية وغزة كان أحد ملفات البحث في المصالحة الشاملة.