خلاف حول "نهاية صلاحيات الدولة المركزية" في تونس

خلاف حول "نهاية صلاحيات الدولة المركزية" في تونس

25 فبراير 2018
احتمال مناقشة البرلمان للقانون منتصف إبريل (فرانس برس)
+ الخط -
يثير قانون الجماعات المحلية في تونس، جدلا واسعا، بين من يؤكد أن من شأنه "فك عقدة المركز وإبراز الكفاءات المحلية" في وضع وتنفيذ نماذج تنموية جديدة، ومن يشدد على أنه قانون يفتح الباب أمام إمكانية "تآكل سلطة المركز، وتشتت أجهزة الدولة".

وفي السياق، أعلن رئيس لجنة تنظيم الإدارة وشؤون القوات الحاملة للسلاح البرلمانية، محمد الناصر جبيرة، أمس السبت، عن نهاية مناقشات القانون الذي ينظم عمل البلديات، مؤكدا أن "هذا القانون سيحقق الديمقراطية المحلية، وسيضع حدا للدولة المركزية، من دون أن يقود إلى تفتتها أو إلى الانفصال عنها".

وأكد جبيرة أن قانون الجماعات المحلية "تجسيد للحكم المحلي ولديمقراطية القرب التي نصّ عليها دستور الثورة، في الباب السابع المتعلق بالسلطة المحلية"، مشيرا إلى أن "هذا القانون سيضع نهاية للسلطة المركزية للدولة، لفائدة السلطة المحلية المنتخبة".

وأضاف أنه "خلافا لما يشاع حول تفتت الدولة وتقنين الانفصال في أقاليم وجهات، فإن هذا القانون بُني على فلسفة الممارسة الديمقراطية داخل الدولة، وذلك بتحرير المبادرة في التصرف المالي والإداري للسلطة المحلية المنتخبة في إطار موازنة الدولة العامة، ما سيفتح أبواب التنمية المحلية، ويقضي على اختلال التوازن بين الجهات، وتهميش محافظات ومدن على حساب أخرى".

ويمثل القانون، بحسب مراقبين، "ثورة" على التنظيم السياسي والإداري الذي وضعته الدولة التونسية المستقلة مع الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، منذ عام 1959، ومساره في تثبيت ما سمي غداة الاستقلال بـ"الوحدة القومية التونسية" المستلهم من النظام الفرنسي.

ولما قامت ثورة 2011 طالبت بتغيير نظام الحكم المركزي، والقطع مع استبداد المركز، الذي اقترن لعقود بشخص الرئيس المخلوع بن علي، حيث أكد محتجون أن أسباب فشل التنمية في الجهات الداخلية واختلال التوازن بين المحافظات المهمشة والأخرى الساحلية وفي العاصمة، هو النظام المركزي للحكم.

وانتقد رئيس "الكتلة الديمقراطية"، مصطفى بن أحمد، قانون الجماعات المحلية، معتبرا أنه "يؤسس لتفتت الدولة، ويمثل خطرا على وحدتها"، مشيرا إلى "عدم تناسق النصوص والإجراءات مع فلسفة الوحدة الوطنية"، مؤكدا تصويته بـ"التحفظ" على هذا المشروع.

وحذّر بن أحمد، في تصريح لـ"العربي الجديد"، من مخاطر وتبعات هذا القانون على التونسيين، وعلى "وحدة صفهم والانسجام بين ممثلي رئيس الدولة والحكومة في الجهات (المحافظ) وفي البلديات (المعتمدون) مع الهيئات المنتخبة، التي تعززت صلاحياتها وفاقت ممثلي السلطة التنفيذية".   



من جانب آخر، أفادت نائبة رئيس اللجنة، منية إبراهيم، بأنه "من الممكن التصويت على هذا القانون من قبل الجلسة العامة لمجلس نواب الشعب، منتصف شهر إبريل/نيسان 2018، في حال الالتزام والتقيّد بالآجال وبالقانون الداخلي للمجلس، والمتعلق بقبول التعديلات"، داعية الكتل والنواب، إلى "عدم إغراق مشروع القانون بالمقترحات الإضافية".

ولفتت إبراهيم إلى أن أبرز النقاط الخلافية التي يمكن أن تثير بعض الصعوبات في الجلسة العامة تتعلق بمسألة "تفرّغ" رئيس البلدية، وإمكانية حل المجلس البلدي المنتخب بأمر حكومي، وحلول المحافظ محل المجلس البلدي المنتخب "في حال تقاعسه"، مشيرة إلى أن "ممثل الحكومة رفض تعميم التفرغ على جميع رؤساء البلديات، مقترحا التمييز بينها بحسب الحجم وعدد السكان، لاعتبار العبء المالي الكبير على موازنة الدولة التي ستخصص أجورا وتعويضات للرؤساء المتفرغين".

دلالات