مصر: إلغاء القيود على صفقات الجيش والاستخبارات والاستثمارات الكبرى

مصر: إلغاء القيود على صفقات الجيش والاستخبارات والاستثمارات الكبرى

09 أكتوبر 2018
أبقى القانون التعاقد بين الأجهزة العسكرية والاستخبارية بالأمر المباشر(Getty)
+ الخط -
أصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، اليوم الثلاثاء، قانون "التعاقدات الحكومية" الجديد، الذي سيلغي قانون "المزايدات والمناقصات" العتيد، الذي كان الشريعة العامة لبيع الأجهزة الحكومية جميعاً منذ صدوره عام 1998، واستمر قائماً رغم المشاكل العديدة التي أثيرت حول تطبيقه، خاصة في نهاية العقد الماضي، عندما أصدرت المحاكم الإدارية العليا والقضاء الإداري سلسلة من الأحكام التي تعلي شأن تطبيق ذلك القانون، وتحظر اتباع أي قانون آخر يمثل التفافاً عليه، فأبطلت عقود بيع أراضي مشاريع "مدينتي" و"بالم هيلز"، ما تسبب بين عامي 2010 و2012 بأزمة بين الحكومة ورجال الأعمال، الناشطين في مجال الاستثمار العقاري.

ويلغي القانون الحدود القصوى لقيمة البيوع والمشتريات، استجابة لفكرة تعود في الأساس لدولة الإمارات، حيث هدد المستثمرون الإماراتيون المنخرطون في استثمارات مشتركة مع الحكومة المصرية بترك المشروعات إذا لم تعمل الحكومة على اختصار الإجراءات المعمول بها، وذلك لأن إجراء المناقصات والمزايدات العلنية والسماح بدخول منافسين محليين وأجانب، يثقل كاهل المستثمرين المقربين من الحكومة بدفع مبالغ تعويضات عرفية للمنافسين، بغية الاستحواذ على الصفقات، بل ويكلفهم الصفقات بالكامل في بعض الحالات، الأمر الذي اقتضى تدخل حكومة السيسي لوضع تصور تشريعي جديد يسمح في العديد من الحالات بالتعاقد بالأمر المباشر، ودون اتباع الإجراءات القانونية المعقدة.

ويفتح القانون الباب أمام جميع الجهات الحكومية للتعاقد بالأمر المباشر في سبع حالات، معظمها غير محدد، بل يعود تقديره للسلطة التقديرية للحكومة أو الجهاز الذي سينفذ التعاقد، فمنها على سبيل المثال: "إذا كانت الحالة تستهدف تعزيز السياسات الاجتماعية أو الاقتصادية التي تتبناها الدولة"، و"الحالات الطارئة التي لا تتحمل اتباع إجراءات المناقصة أو الممارسة"، و"عندما لا يكون هناك إلا مصدر واحد بقدرة فنية مطلوبة"، و"عندما لا يكون هناك إلا مصدر واحد له الحق الحصري أو الاحتكاري لموضوع التعاقد".

ومن صياغة الحالات السابقة، يتبين اتساع السلطة التقديرية التي يمكن بها إدراج أي صفقات تحت أي من البنود المذكورة، خاصة ما ينص على "تعزيز السياسات الاجتماعية والاقتصادية"، وهي عبارة ليس لها ضابط أو رابط، كما أن الحديث عن وجود مصدر واحد بقدرة فنية أو بحق احتكاري وحصري، ينطبق بالدرجة الأولى على شركات الجيش وبعض شركات الاتصالات وجميع شركات البترول المتعاقدة مع الدولة، الأمر الذي سينعكس بزيادة ضخمة في عدد الصفقات المعقودة بالأمر المباشر، ودون عقد الرقابة على تلك السلطة التقديرية لأي جهة حكومية أو رقابية.

كما يجيز القانون لكل من وزارات الدفاع والإنتاج الحربي والداخلية وأجهزتها جميعاً، في "حالات الضرورة التي يقتضيها الأمن القومي"، التعاقد بطريق المناقصة المحدودة أو المناقصة على مرحلتين أو الممارسة المحدودة أو الاتفاق المباشر، ويعتبر هذا النص تكريساً وتقنيناً لوضع غير دستوري قائم على التمييز الإيجابي لتلك الوزارات وأجهزتها على باقي الوزارات والشركات، خاصة أن تعبير "الأمن القومي" يبلغ من الاتساع ما يمكن كل وزارة من تفسيره كما تشاء، وما يضمن لها أن تدرج تحته كل تعاقداتها، علماً بأن المشروع يضمن "سرية استثنائية" لخطط البيع والشراء المندرجة تحت اعتبار "الأمن القومي" بعدم نشر أي معلومات عنها على بوابة الخدمات الحكومية الإلكترونية.

والأمر ذاته يضمنه القانون بصورة استثنائية لمجلس الوزراء، كجهة منفصلة عن باقي الوزراء، بل إن المشروع يجيز لذلك المجلس – وللمرة الأولى- التعاقد بالاتفاق المباشر مع أي مستثمر منفرد أو شركة، مصرية أو أجنبية، إذا تقدم بخطة لمشروع استثماري متكامل جاهز التمويل، وذلك بعد موافقة وزير المالية.

أما التعاقدات الخاصة بين الأجهزة العسكرية والاستخبارية، فيقرر القانون الجديد إبقاءها بالأمر المباشر دون اتباع أي ممارسة أو مناقصة أو مزايدة، حتى وإن كانت محدودة، وهذا الأمر يسمح باستمرار سرية تعاقدات الجهات السيادية التي تستعين بشركات الجيش وشركات الإنتاج الحربي حصرياً لتنفيذ مشروعاتها، بمعزل تام عن الرقابة.