دراسة إسرائيلية: الاتفاق الروسي الأميركي حول سورية لمصلحة الأسد

دراسة إسرائيلية: الاتفاق الروسي الأميركي حول سورية لمصلحة الأسد

17 سبتمبر 2016
الاتفاق لم يتعرض لمستقبل الحل السياسي بسورية (بابلو مارتينيز/Getty)
+ الخط -
في الوقت الذي أكد فيه معلقون إسرائيليون أن الاتفاق يمثل "تسليماً" أميركيّاً ببقاء رئيس النظام السوري بشار الأسد، رجحت دراسة إسرائيلية نجاح تطبيق الاتفاق الروسي الأميركي الأخير بشأن سورية. وعلى الرغم من أن الدراسة، والتي صدرت أمس الجمعة عن "مركز أبحاث الأمن القومي" الإسرائيلي، قد عدّدت عوامل فشل ونجاح الاتفاق إلا أنها رجحت في النهاية نجاحه بسبب "حاجة ومتطلبات" الأطراف الداخلية والإقليمية والدولية. 


وبحسب الدراسة، والتي أعدها كل من رئيس لواء التخطيط الاستراتيجي الأسبق في هيئة أركان الجيش الإسرائيلي، الجنرال أودي ديكل، والمستشرق عوفر فنتور، فإن الاتفاق يشجع بشار الأسد على مواصلة خطه المتشدد الرافض لمطالبات المعارضة السورية بإدخال إصلاحات جذرية على النظام السياسي السوري، كجزء من تصورها لإنهاء الصراع الدائر هناك.

وحسب الورقة، فإن ما يبعث على التشاؤم إزاء فرص نجاح الاتفاق الروسي الأميركي "ليس فقط تجارب الماضي، بل بشكل أساس بسبب الشكوك التي تساور الأطراف الرئيسة ذات العلاقة بالصراع المتواصل هناك".

في هذا السياق تحديداً، أشارت الدراسة إلى أنه على رأس العوامل التي تدعو للشك بشأن فرص تطبيق الاتفاق "الغموض" المتعلق بمستقبل بشار الأسد في الاتفاق، إذ يشير معدّا الدراسة إلى أن الاتفاق تعرض لمسألة إدخال المساعدات الإنسانية للمناطق المحاصرة، وناقش سبل استهداف تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، و"جبهة فتح الشام" (النصرة)، لكنه لم يتعرض لمستقبل الحل السياسي في سورية.

وأوضحت الدراسة أن الاتفاق تجاهل تماماً "خارطة الطريق" التي أعدتها وقدمتها هيئة المفاوضات التابعة للمعارضة السورية مطلع سبتمبر/أيلول الجاري في لندن، والتي حظيت بتأييد الحكومة البريطانية، إذ أعاد الباحثان للأذهان أن "خارطة الطريق" تضمنت خطة مفصلة لوقف إطلاق النار، وتدشين حكومة انتقالية تعددية بدون الأسد، وتنظيم انتخابات ديمقراطية للرئاسة والبرلمان.

وأوضحت الورقة أن الأميركيين حاولوا طمأنة المعارضة، من خلال رسالة بعث بها المعبوث الأميركي الخاص لسورية، مايكل ريتني، زعم خلالها أن الاتفاق يهدف إلى "بعث سورية جديدة بدون بشار الأسد".

واستنتجت الورقة أن المعارضة السورية تمثل "الحلقة الأضعف" في الاتفاق، مشيرة إلى أن ما يفاقم الأوضاع سوءاً هو حقيقة أن هذه المعارضة تتألف من فصائل عديدة، من دون قيادة قوية قادرة على فرض سلطتها على هذه الفصائل.

وأشار معدّا الورقة إلى أن واقع المعارضة يمنح كل تشكيل فيها، مهما كان حجمه، حق "الفيتو" على أي اتفاق يمكن أن توافق عليه المعارضة، مما يتسبب في إضعاف موقفها، وأكدا، في هذا السياق، أنّ المعارضة السورية تعي أن التسليم بما ورد في الاتفاق بشأن استهداف "جبهة فتح الشام" (جبهة لنصرة سابقاً) سيفضي إلى الإخلال بموازين القوى مع النظام ومؤيديه، بسبب الدور الكبير الذي تلعبه "الجبهة" في المواجهة مع النظام؛ إلى جانب أنه يمثل "وصفة" لزرع الانقسام بين قوى المعارضة.


وركّزت الورقة على أن الاتفاق لا يتضمن منظومة إجراءات عقابية يمكن تفعيلها ضد القوات الموالية للأسد في حال قامت بتجاوز بنود الاتفاق. ونبّه معدّا الورقة إلى أن قدرة كل من روسيا والولايات المتحدة على التأثير على الأطراف العاملة على الأرض في سورية محدودة، الأمر الذي يجعل مصير الاتفاق مرهوناً بنوايا هذه الأطراف.

واستدركت الورقة أنه على الرغم من الصعاب التي تعيق تطبيق الاتفاق، فإن "تعب" كل من المعارضة والنظام من استمرار الحرب قد يشكّل عاملاً لإنجاح تطبيقه، مشيرة إلى أن معركة حلب أفضت بشكل واضح إلى "تآكل" قوة المعارضة والنظام والقوات المساندة له على حد سواء.

وحسب الورقة، فإن تدشين منظومة تنسيق أميركية روسية مشتركة قد يساعد الطرفين على فرض رقابة وتأثير أكبر على الأطراف القريبة منهما في المواجهة الحالية، وقد تؤدي إلى تقليص هامش المناورة المتاح أمام سلاح جو النظام وتقليل الغارات التي يشنها.

وتوقعت الورقة أن تبذل الولايات المتحدة جهوداً إضافية لإنجاح تطبيق الاتفاق، على اعتبار أن الرئيس الأميركي، باراك أوباما، معني بإنهاء ولايته الرئاسية الثانية بإنجاز على الساحة الدولية، وهذا ما قد يوفره تطبيق الاتفاق مع روسيا بشأن سورية.

ويرى معدّا الورقة أن الولايات المتحدة هدفت من خلال الاتفاق مع روسيا إلى قطع الطريق على مواصلة التقارب بين تركيا وروسيا وإيران؛ وفي الوقت ذاته وقف التصعيد بين تركيا والأكراد، مما قد يفضي إلى تقليص الإنجازات الكردية التي تحققت بفعل التدخل الأميركي في شمال سورية.

وخلصت الورقة إلى أن الأميركيين يخشون أن تفضي العمليات التركية شمال سورية إلى تفكك القوات الكردية، والتي تراهن عليها الولايات المتحدة في الحرب على تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش). وبحسب الدراسة، فإن الأتراك سيعملون على إنجاح الاتفاق لأنهم يرون فيه وسيلة لمنع الأكراد من تدشين جيب مستقل لهم في شمال سورية.

وأضافت الورقة أن كلاً من روسيا وإيران قد يمنح فرصة لتطبيق الاتفاق بسبب الكلفة العالية لتورطهما في سورية، وفي حال ضمن الاتفاق "مكانة مميزة للأسد في سورية الحيوية، والمسّ بقوى المعارضة السورية في حال لم تقطع ارتباطها بجبهة فتح الشام".

وطالبت الدراسة بأن تتحرك الحكومة الإسرائيلية لتحصل على تعهد من روسيا والولايات المتحدة بمواصلة منح جيش الاحتلال الإسرائيلي هامش مناورة مطلقاً من أجل ضمان الحفاظ على الخطوط الحمراء لإسرائيل في سورية، وعدم السماح بالمس بخارطة مصالح تل أبيب هناك. وشددت، في الوقت ذاته، على ضرورة عدم السماح لكل من إيران وحزب الله بتوظيف الاتفاق الروسي الأميركي في تعزيز وجودهما على ظل الحدود، لا سيما في منطقة الجولان المحتلة.

من ناحية ثانية، قال جنرالات إسرائيليون إن الاتفاق يمنح "بوليصة تأمين لنظام الأسد".

وقال القائد الأسبق للواء الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية "أمان"، الجنرال عاموس جلبوع، إن الأمبركيين غيروا 180 درجة موقفهم من الصراع في سورية، وباتوا يدافعون عن بقاء نظام الأسد بشكل نهائي، كما عكس ذلك اتفاق جنيف الأخير.

وفي مقال نشره موقع صحيفة "معاريف"، اليوم، أشار جلبوع إلى أن الأميركيين، من خلال التوقيع على اتفاق جنيف، "يقولون بشكل واضح وصريح: شعار رحيل الأسد الذي كان يتشبث به (الرئيس الأميركي باراك) أوباما و(وزير الخارجية الأميركي جون) كيري لم يعد قائماً".

وفي السياق، قال الرئيس السابق للواء الاستراتيجية في هيئة أركان الجيش الإسرائيلي الجنرال، آساف أوريون، إن الاتفاق الروسي الأميركي الأخير "مثل بطاقة تأمين منحتها كل من الولايات المتحدة وروسيا للأسد شخصياً ولنظامه".

ونقلت "هارتس"، في عددها الصادر أمس، عن أوريون قوله إن الولايات المتحدة كان بإمكانها تقليص قدرة النظام على العمل العسكري من خلال قصف المطارات وتعطيل الدفاعات الجوية.

من جهته، رأى معلق الشؤون العسكرية في صحيفة "هآرتس"، عاموس هارئيل، أن نظام الأسد بات، في نظر الأميركيين، "جزءاً من الحل، بعدما كان ينظر إليه على أنه جزء من المشكلة".

وفي تعليق نشره موقع الصحيفة، صباح اليوم، أشار هارئيل إلى أن التحول في الموقف الأميركي تجاه الأسد بدأ عندما تراجعت إدارة أوباما عن مخططها لقصف أهداف للنظام بعد أن تم التوصل لاتفاق، بوساطة روسيا، يقضي بتخلي النظام عن مخزونه من السلاح الكيماوي.

المساهمون