غسل أموال لعائلة بوتين والاستخبارات الروسية عبر "البنك الدنماركي"

غسل أموال لعائلة بوتين والاستخبارات الروسية عبر "البنك الدنماركي"

27 فبراير 2018
شركات وهمية مرتبطة بالدائرة القريبة من بوتين(فرانس برس)
+ الخط -
كشفت وثائق مرتبطة بـ"البنك الدنماركي" (Danske Bank)، أكبر البنوك في البلاد، أنه استخدم في قضايا غسل أموال كبيرة من قبل الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، وعائلته، وقيادات في جهاز الاستخبارات، الذي يُطلق عليه (خدمات الأمن الفيدرالية في روسيا "FSB")، بالإضافة إلى عمليات فساد وشراء أصوات بعض الساسة والصحافيين في الغرب من قبل الرئيس الأذربيجاني، إلهام علييف، وتهريب مليارات من موسكو وباكو، وغيرهما، بواسطة شركات مسجلة في لندن، إلى ملاذات ضريبية، "وهو ما يكشف بالضبط كيف تتم عمليات تبييض وتهريب الأموال من قبل الحكومات الفاسدة"، كما يرى الخبير في غسل الأموال ومكافحة الفساد في كوبنهاغن ياكوب بيرنهوفت، في تعقيبه على هذا الكشف الكبير.

ووفقًا للوثائق التي وصلت لها صحيفة "بيرلنيغكسا" الدنماركية، فإن "مسؤولين كبارًا في البنك اطلعوا على المعلومات التي ترتبط بغسل أموال عبر فرع البنك في إستونيا، والتي تكشف بأن التبليغات عن الحركة المشبوهة لحسابات بنكية في ديسمبر/كانون الأول 2013 كانت ترتبط بأبناء عمومة فلاديمير بوتين، وشخصيات كبيرة مرتبطة بجهاز الأمن الفيدرالي".

وذهبت الصحيفة إلى طرح "معلومات موثقة بأن رجل الأعمال والسياسي، إيغور بوتين (ابن عم الرئيس الروسي)، كان أحد غاسلي الأموال". وما يثير الانتباه في هذا التحقيق الذي تقدمه الصحيفة الدنماركية، أن تقرير البلاغ الذي وصل إلى المجلس التنفيذي في البنك حذّر من أن "البنك قام بارتكاب مخالفات وجرائم بخرق قواعد عدة وتصرفات غير أخلاقية، وربما ساعد في تبييض الأموال".

وفي هذا الكشف، يتبين أنه "رغم وصول التقارير إلى مديري البنك في فترة مبكرة، فإن التحقيق فيها لم يجرِ قبل سبتمبر/أيلول 2017"، بحسب ما يذكر الرئيس التنفيذي للبنك في دول البلطيق، توماس بورغن. ويضيف بورغن أن "المشاكل التي ظهرت في فرع البنك بإستونيا بيّنت بأنها أسوأ مما كان يُعتقد".


وتضيف الصحيفة أن عمليات تبييض الأموال "لم يكن أحد يتخيل أنها يمكن أن تتم عبر بنوك دنماركية، لكن في مارس/آذار العام الماضي 2017 بدأت هذه النظرية تتداعى حين بدأت التبليغات الداخلية تحذر من وجود خلل كبير في حركة حسابات بعض المودعين".

ويبدو أن ما أثار انتباه العاملين في الفرع الرئيسي للبنك الدنماركي في كوبنهاغن أن شركة مسجلة في بريطانيا باسم "لانتانا تريد أل أل بي" (Lantana Trade LLP) قدمت أرقام حسابات مزيفة للسلطات البريطانية، ومن ذلك مثلًا أنها قدمت أرقامًا متواضعة للأرباح، وادعت أنها شركة غير نشطة، "فيما التدفق المالي كان بالملايين إلى حساب هذه الشركة في فرع البنك بإستونيا"، بحسب الصحيفة، التي تبيُن أيضًا بأن "الاشتباه بالإيداعات الكبيرة تزامن مع شكوك حول الملكية الفعلية للحساب".

التحقيق لم يجرِ قبل سبتمبر/أيلول 2017 رغم وصول معلومات للبنك في وقت مبكر (العربي الجديد)


ويذكر تحقيق الصحيفة الدنماركية بأن البنك قام بعملية تدقيق ذاتية حول الشركة المذكورة، وخصوصًا عبر مؤسسته الخاصة بمنع تبييض وغسل الأموال، إضافة إلى نحو 20 مجموعة مرتبطة بها، "والتي كانت جميعها تقوم بعمليات إيداع في الحساب نفسه بالبنك، وجرى الكشف عن أنها في النهاية مرتبطة بعائلة بوتين وجهاز الأمن الروسي". بل وتذهب تقارير البنك، المشار إليها في نتيجة التحقيق الذي أجراه، إلى أن "المجموعات تلك كانت ترتبط بمجموعة بنوك روسية جرى إغلاقها قبل عام من الإيداع (في 2012)".

وفي بعض تفاصيل تبييض الأموال، تكشف التحقيقات بأن "بنك برومسبر، في أحد ضواحي موسكو، هيمنت عليه في 2012 دائرة مقربة من الحكم، وعلى رأسها إيغور بوتين، وأشخاص آخرون مرتبطون بالاستخبارات الروسية. وفي المرحلة الثانية، تبين بأن ذلك البنك يسيطر على عدد من الشركات والمجموعات التجارية، بما فيها المسجلة في بريطانيا باسم "لانتانا تريد" مع إخفاء اسم المالك الحقيقي، هذا في الوقت الذي تظهر بأنها شركة مملوكة لشركة مسجلة في أحد الملاذات الضريبية. وفي المرحلة الثالثة جرى فتح حساب بنكي في فرع البنك الدنماركي في إستونيا، وفي بنوك أوروبية كبيرة أخرى، وإلى تلك الحسابات جرى ضخ الملايين يوميًا، مع حركات مشبوهة تتعلق بنقل أموال في المرحلة الرابعة إلى ملاذات ضريبية حول العالم"، وفقًا لاستخلاصات الصحيفة.


ويتبين بأن بعض تلك الشركات المرتبطة بالدائرة العائلية والاستخباراتية المقربة من الرئيس بوتين، ومن بينها "آي سي فايننشال بريدج" و"شيريفيلد مانجمانت" و"شادبورغ تريد" و"أرغو إنفست"، كانت جزءًا أساسيًا من قضية غسل أموال كبرى العام الماضي عبر "دوتشه بنك" الألماني عن طريق أوراق التداول المالية، وكلفت مخالفات طائلة جدًا، وسُمّيت بقضية "ميرور تريدينغ".