القوات المصرية تواجه معضلة للسيطرة على العريش

القوات المصرية تواجه معضلة للسيطرة على العريش

09 مارس 2017
حافلة تعرضت لهجوم في العريش في 2015 (فرانس برس)
+ الخط -

تحاول القوات المشتركة من الجيش والشرطة المصريين، إعادة فرض السيطرة على مدينة العريش مرة أخرى، بعد تمكن تنظيم "ولاية سيناء"، الذي أعلن قبل نحو عامين مبايعته لتنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش)، من اختراقها وتنفيذ سلسلة عمليات مسلحة واستهداف المسيحيين. وتوقفت قوات الجيش والشرطة عن إقامة كمائن ثابتة، أو قللت من أعدادها، داخل مدينة العريش، بعد التوسُّع في عملية استهدافها على مدار الأشهر القليلة الماضية، ما أتاح فرصة للتنظيم المسلح للتحرك بحرية داخل العريش.

وقالت مصادر عسكرية في سيناء إن هناك أزمة لناحية عودة السيطرة على الأوضاع في مدينة العريش، وعدم إتاحة الفرصة لاختراقها من قبل المسلحين. وأضافت المصادر العسكرية، لـ"العربي الجديد"، أن الاتجاه السائد منذ فترة هو عدم التوسع في إقامة الكمائن الثابتة في أرجاء المدينة، خصوصاً مع تزايد عمليات استهدافها من قبل العناصر "الإرهابية". وأشارت إلى أن هذه الاستراتيجية الطارئة جاءت لوقف نزيف الدماء من قوات الجيش والشرطة، والاكتفاء فقط بعمل كمائن وتحصينها في أطراف المدينة، في محاولة لمنع تسلل تلك العناصر، لكن يتم استهدافها أيضاً.

ولفتت المصادر العسكرية إلى أنه لكي يعود الاستقرار مرة أخرى لا بد من إعادة تكثيف الكمائن في مختلف أرجاء المدينة، حتى مع وجود نزيف دماء من القوات المشتركة، لتقليل سيطرة المسلحين على المدينة. وأوضحت أن عدم إقامة الكمائن الثابتة أضرّ تماماً بالأوضاع في العريش، ما سهّل اختراقها بشكل غير مسبوق، لحد إقامة العناصر "الإرهابية" كمائن والبحث عن مطلوبين لديها وتصفية مسيحيين. وأشارت إلى أن الاتجاه بتكثيف الكمائن له مخاطره بالتأكيد، إذ تسهل عملية استهدافها من قبل العناصر المسلحة، لكن فرض السيطرة سيكون له ثمن. وشددت المصادر على أن هناك خطة لإعادة السيطرة على المدينة خلال الأيام القليلة المقبلة، وسط محاولات للتواصل مع عدد من الوجهاء وكبار العائلات، للتعاون لضبط خلايا التنظيم المسلح في العريش، التي تسهّل العمليات الإرهابية واختراق المدينة. ولفتت إلى أن هناك اتفاقاً مع العائلات حول أن خطورة التنظيم المسلح وإضعاف سيطرة القوات المشتركة على المدينة، بعد تعاون بعض الأهالي معهم، ينذر بكارثة إنسانية على سكان العريش أنفسهم في المقام الأول.


واعترفت المصادر العسكرية بسقوط أعداد ليست قليلة من قوات الجيش والشرطة، بين قتلى ومصابين، خلال الشهرين الماضيين، وهو ما دفع لوقف هذا النزيف من خلال تقليل عدد الكمائن الثابتة. وحول التعامل مع المنطقة الجنوبية من العريش، أوضحت أن هناك ضرورة ماسّة لإغلاقها تماماً أمام "الإرهابيين"، ويجري تحديث خطط المواجهة خلال فترات قصيرة، للتعامل مع المتغيرات. وعن إخلاء تلك المنطقة للتعامل مع تسلل العناصر المسلحة، رفضت المصادر العسكرية فكرة إجبار الأهالي على النزوح من جنوب العريش، لكن، في الوقت ذاته، لا بد من إتاحة الفرصة أمام القوات المشتركة لتأمين المدينة بالطريقة التي تراها مناسبة.

وبدأت قوات الجيش والشرطة محاولة لفرض السيطرة على المنطقة، من خلال نشر عدد من الوحدات والقوات في شوارع المدينة. وتزامنت محاولة القوات المشتركة التواجد في شوارع المدينة، مع إقامة تنظيم "ولاية سيناء" كميناً في قلب مدينة العريش، وتحديداً في ميدان الفالح، مساء الأحد الماضي. وبحسب روايات شهود العيان، فإن المسلحين، وعددهم خمسة تقريباً، قاموا بنصب كمين، وتوقيف المارة والسيارات، وفحص الهويات الشخصية، بحثاً عن مطلوبين لديهم، وقاموا باحتجاز اثنين من المواطنين، في غياب تام لقوات الجيش والشرطة، التي جاءت متأخرة كالعادة، قبل أن تطلق النار في الهواء. واستمر تواجد المسلحين في مدينة العريش لمدة ساعة تقريباً، قاموا خلالها بنصب الكمين، وهاجموا كمين المستشفى الخيري في شارع أسيوط، وانتقلوا إلى شارع القاهرة وتجوّلوا بين المارة.

وأفادت صفحة "سيناء 24"، المتخصصة في رصد الانتهاكات ضد أهالي سيناء، بأن المسلحين الذين نصبوا الكمين في قلب مدينة العريش، كانوا يبحثون عن هوية المارة عبر كمبيوتر محمول كان بحوزتهم، وهو تأكيد لما نشرته "العربي الجديد" حول وجود خلايا لجمع المعلومات للتنظيم في مدينة العريش، وعدم التحرك بشكل عشوائي. في هذا الوقت، تواصل قوات الأمن المصرية شن حملات في عدد من أحياء مدينة العريش، بشكل يومي، ومنع الدخول أو الخروج من المنازل حتى انتهاء الحملة. كما تواصلت عمليات القصف العشوائي على منازل المدنيين، وسط انفجارات تهز أرجاء المدينة. وكانت مصادر قبلية كشفت عن تخصيص تنظيم "ولاية سيناء" مجموعة من عناصره في محاولة لإضعاف سيطرة أجهزة الدولة على مدينة العريش.